5 تحديات قد تخرج الاقتصاد العالمي عن مساره في 2024

5 تحديات قد تخرج الاقتصاد العالمي عن مساره في 2024

04 يناير 2024
استكمل اقتصاد العالم مسار التعافي من كورونا في 2023 لكن تحديات كبيرة أمامه الآن (Getty)
+ الخط -

شكل العام 2023 اختباراً قاسياً بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي على نحو غير مسبوق، من التضخم وحملة التشديد النقدي الأكثر شدة منذ عقود، والحروب في أوروبا والشرق الأوسط، وأزمة العقارات المتفاقمة في الصين، والتنافس الساخن بين واشنطن وبكين، وهي عوامل تجبر الشركات على إعادة التفكير في سلاسل التوريد وتدابير أكثر أمناً.

لكن رغم هذه المصاعب، تمكن الاقتصاد العالمي من مواصلة التعافي بعد جائحة كورونا. ففي الولايات المتحدة، تحدى المستهلكون التوقعات وواصلوا الإنفاق، ما دفع بالعديد من الاقتصاديين إلى التخلص من سيناريوهاتهم السلبية وتوقع هبوط ناعم نادر. وفي الصين، ساعدت صناعة السيارات الكهربائية المزدهرة مقرونة بجرعة تحفيز مالي القادة على الالتزام بهدف النمو. أما الهند، وهي الأمل الجديد العظيم للاقتصاد العالمي، فقد عوضت بعض النقص.

وعليه، يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً عالمياً بنسبة 2.9% عام 2024، وهو أقل بقليل من العام الماضي. ومع اندلاع حربين (في أوكرانيا وفلسطين المحتلة) ونحو 40 انتخابات وطنية في التقويم، ستشكل التطورات السياسية الأكثر أهمية هذا العام، خاصة مع سعي دونالد ترامب لاستعادة الرئاسة في الولايات المتحدة.

لكن نقاط الضغط الاقتصادي الحاسمة يمكن أن تقلب التوقعات الحميدة رأساً على عقب انطلاقاً من هذه الأسئلة الخمسة، وفقاً لتقرير أوردته شبكة "بلومبيرغ" الأميركية اليوم الخميس:

1 - هل سيستسلم المستهلك الأميركي؟

بعد نجاح كبير في عام 2023، من المرتقب أن يعود الاقتصاد الأميركي إلى الواقعية قليلاً في 2024. وسواء كان ذلك ركوداً أو هبوطاً ناعماً، فسوف يعتمد إلى حد كبير على كيفية صمود سوق العمل. لقد تجاهل "مجلس الاحتياط الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي)، حتى الآن، وابل زيادات أسعار الفائدة، لكن هذا العام قد يشهد نقطة انعطاف رغم إشارة صانعي القرار إلى أنهم انتهوا من رفع الفائدة.

ومن شأن ارتفاع معدلات البطالة أن يؤثر في الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل في الولايات المتحدة نحو ثلثي الناتج الاقتصادي. وتشير أحدث توقعات "الاحتياط الفيدرالي" إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 4.1% بحلول نهاية العام، علماً أن مطالبات البطالة التي تُنشر أسبوعياً تُعد مؤشراً رئيسياً على ضعف سوق العمل، وبالتالي تستحق المتابعة.

2 - هل تستطيع الصين السيطرة على أزمة الإسكان؟

يعاني اقتصاد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من تباطؤ منذ عدة سنوات، وهو ناجم جزئياً عن حملة الرئيس شي جين بينغ ضد المضاربات العقارية. فالمطورون العقاريون مثقلون بمحافظ ضخمة من "الذيول الفاسدة"، كالشقق المباعة التي لم تُبنَ أصلاً. وتقدر شركة "نومورا" للأوراق المالية أن نحو 20 مليون وحدة بيعت مسبقاً تأخر بناؤها أو لم يبدأ أصلاً بعد.

وأصبح صبر أولئك الذين ينتظرون شققهم الجديدة ينفد بشكل متزايد، ما يحول القضية إلى تهديد محتمل للاستقرار الاجتماعي. وقد تعهد كبار المسؤولين بمنع سلسلة من حالات التخلف عن سداد الديون في صفوف المطورين، وهي كارثة من شأنها أن تجتاح القطاع المصرفي وربما تحكم على الصين بعقد ضائع من النمو الهزيل على غرار ما حدث في اليابان. وقد يكون هذا هو العام الذي يفسح فيه التنقيط البطيء للتدابير الحكومية المجال أمام خطة إنقاذ كاملة.

3 - هل تضع أوروبا حداً لتقاعسها عن إنقاذ اقتصادها؟

أوروبياً، كانت ألمانيا الأسوأ أداء بين الاقتصادات الكبرى عام 2023. فقد تسبب ارتفاع أسعار الطاقة والسياسة النقدية المتشددة، إلى جانب ضعف الطلب العالمي على صادراتها، في انكماش طفيف في الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام. ولن يكون هناك تراجع لمشاكلها في عام 2024، بما في ذلك الحرب المستمرة في أوكرانيا، وصناعة السيارات التي تواجه منافسة شديدة من السيارات الكهربائية صينية الصنع وضوابط أكثر حزماً على الإنفاق الحكومي.

ويتعين على قطاع التصنيع الألماني المتفوق عالمياً أن يتعامل مع عملية انتقال مكلفة ومحفوفة بالمخاطر السياسية إلى أشكال بديلة من الطاقة، بعد فقدان إمكانية الوصول إلى الغاز الرخيص الذي يجرى نقله عبر الأنابيب من روسيا، فضلاً عن إعادة تشكيل سلاسل التوريد استجابة للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لاحتواء الأزمة.

4 - ماذا عن خروج اليابان المحفوف بالمخاطر من أسعار الفائدة السلبية؟

تستمر تجربة اليابان منذ عقود مع السياسات النقدية غير التقليدية، لكنها أكثر قُرباً الآن من فصلها الأخير. فقد ساعدت الفجوة المتسعة بين عوائد السندات الحكومية اليابانية والأميركية، في نوفمبر/تشرين الثاني، على دفع الين إلى أدنى مستوياته منذ أوائل التسعينيات، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الوقود والمواد الغذائية المستوردة وزيادة القدرة الشرائية.

ومع ارتفاع معدل التضخم فوق هدف بنك اليابان المركزي البالغ 2% لأكثر من عام ونصف، من المتوقع على نطاق واسع أن يتخلى المحافظ كازو أويدا عن آخر سعر فائدة سلبي متبقّ في العالم، مع اقترابه من إطار التحكم في منحنى العائد الذي ورثه من سلفه.

لكن سيتعين عليه أن يسير بحذر. فعلى مدار جيل كامل، أودعت صناديق التقاعد وشركات التأمين والبنوك وحتى المستثمرين أموالهم في أصول خارجية لكسب بعض الفوائد، ما جعل اليابان أكبر دولة دائنة في العالم. وإذا بدأت سندات الحكومة اليابانية في تقديم عوائد أفضل، فمن الممكن أن تعود تريليونات الينات إلى وطنها، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب هائل في الأسواق المالية العالمية.

ويرى أويدا أن التحرك بسرعة أكبر مما ينبغي يهدّد بإحباط العودة التي طال انتظارها والمتمثلة في ارتفاع الأسعار المستدام. ومع أن التباطؤ أكثر مما ينبغي، فقد تتجرأ الأسواق على اختبار عزم بنك اليابان على الحفاظ على مستويات العائد، وهو ما يُنذر بانخفاض حاد في قيمة الين.

5 - هل تستطيع الهند أن تفي بوعدها كمحرّك للنمو العالمي؟

ومع استقرار الصين على مسار نمو أبطأ، يتطلع الاقتصاديون إلى أن تتولى الهند في نهاية المطاف دور المحرك الجديد للنمو العالمي. إنه أمر كبير يجب الارتقاء إليه، ومع مواجهة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الانتخابات في وقت ما في إبريل/نيسان أو مايو/أيار، ستزيد السياسة من هذا التحدي.

ويتوقع الاقتصاديون في مجموعة "غولدمان ساكس" أن يكون الإنفاق الحكومي المتزايد هو المحرك الرئيسي للنمو قبل التصويت، مع تولي استثمارات القطاع الخاص المسؤولية في النصف الثاني من العام.

ومع ذلك، في حين أن الهند تنمو بخطى أسرع من أي اقتصاد رئيسي آخر، ارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 10% في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أعلى مستوى خلال عامين، وفقا لمركز مراقبة الاقتصاد الهندي. والأكثر من ذلك أن معدل مشاركة النساء في سوق العمل لا تزال أقل من 60%.

يقول الاقتصاديون في "إتش إس بي سي هولدينغز" HSBC Holdings Plc إنه حتى لو تمكن النمو الاقتصادي من التسارع إلى 7.5% سنوياً على مدار العقد المقبل، فلن تُستحدث سوى 45 مليون وظيفة من أصل 70 مليون فرصة عمل مطلوبة لمواكبة النمو السكاني في الهند، ما يترك 25 مليون شخص في دائرة البطالة.

المساهمون