لبنان يستهدف تقليل عجز الميزانية لأقل من 8.5%

لبنان يستهدف تقليل عجز الميزانية لأقل من 8.5%

19 مايو 2019
احتجاجات رافضة للتقشف في الموازنة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

قال وزير المالية اللبناني علي حسن خليل في تصريحات صحافية، إن مسوّدة موازنة 2019 ستسجل عجزاً دون نسبة تسعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى أنه قد يقلّ عن 8.5 بالمئة.

وسجل عجز ميزانية العام الماضي 11.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن لبنان مُثقل بواحد من أكبر أعباء الدين العام في العالم إذ يسجل 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجعت احتياطياته الدولية إلى 39.7 مليار دولار، أي ما يكفي لتغطية واردات 13 شهراً.

وقال خليل على حسابه بموقع تويتر، إن المسودة تشمل توفير نحو تريليون ليرة (663 مليون دولار) من تكاليف خدمة الدين لكنه لم يقدم تفاصيل.


وأشار خليل لوكالة "رويترز" إلى أن الحكومة تعتزم تقليل تكاليف خدمة الدين، من خلال إصدار سندات خزانة بفائدة واحد بالمئة.

وأضاف أن ذلك "سيتم من خلال التنسيق بين المالية والمصرف المركزي والمصارف بعد إقرار الموازنة، لإصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية بحدود 11 ألف مليار وبفائدة 1 بالمئة".

وكان خليل أبلغ "رويترز" في مقابلة خلال إبريل/ نيسان، أنه من المتوقع أن يسجل عجز الميزانية أقل من تسعة بالمئة.


وقال الوزير على تويتر أمس السبت: "يجب أن ينتهي النقاش بالموازنة غداً (اليوم الأحد) لننهي أجواء الفوضى والإشاعات"، وذلك في إشارة على ما يبدو إلى بيانات وتقارير متضاربة بشأن تخفيضات مقترحة بالميزانية، أثارت احتجاجات وإضرابات.

ويعقد مجلس الوزراء اللبناني اجتماعات شبه يومية، لإنهاء العمل على ميزانية تحاول السيطرة على عجز ضخم، وكبح جماح أحد أكبر أعباء الدين العام في العالم.

وانتهى اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس الجمعة دون اتفاق، على الرغم من أن بعض الوزراء كانوا توقعوا أن يتوصل إلى اتفاق على مسودة الميزانية. وقال وزراء إنهم سيجتمعون مجدداً اليوم الأحد.


وقد تمتد محادثات مجلس الوزراء اللبناني إلى الأسبوع القادم بعد نحو عشر جلسات حتى الآن دون اتفاق، على خلفية احتجاجات لموظفي القطاع العام والجنود المتقاعدين بسبب المخاوف من تخفيضات للأجور ومعاشات التقاعد.

وحثّ الرئيس اللبناني ميشال عون اللبنانيين الثلاثاء الماضي، على إنهاء الاحتجاجات وتقديم التضحيات لإنقاذ البلاد من الأزمة المالية.

وقال عون أمام ضيوف إفطار رمضاني أقيم بالقصر الرئاسي: "اليوم يمر (لبنان) بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية صعبة، الكثير من أسبابها موروث وثقيل، ولكنها مرحلية".

وأضاف: "إن لم نُضحّ اليوم جميعاً ونتخلص من بعض امتيازاتنا التي لا نملك ترف الحفاظ عليها، نفقدها كلها".

وتعهد عون بأن التضحية ستكون "متوازنة ومتناسبة بين القويّ والضعيف وبين الغني والفقير"، داعياً الحكومة إلى استعادة ثقة الشعب.

وتابع: "المطلوب اليوم منا... العودة إلى ضميرنا الوطني والعمل بوحيه قبل المصلحة الشخصية الآنية... فننقذ أنفسنا بأنفسنا، ونقبل بالتضحيات المطلوبة إلى حين، ونتوقف عن الاعتصامات والإضرابات والتظاهرات وشلّ قطاعات العمل العامة والخاصة".

وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في أوائل مايو/ أيار، إن لبنان بعيد عن الإفلاس لكن عدم التصديق على ميزانية "واقعية" لخفض العجز العام، سيكون بمثابة "عملية انتحارية" بحق الاقتصاد.

ووعدت الحكومة في فبراير/ شباط الماضي بإصلاحات، قالت إنها "صعبة ومؤلمة" للسيطرة على الإنفاق، كما أكد الحريري أن الميزانية قد تكون الأشد تقشفاً في تاريخ لبنان.

احتجاجات متواصلة

ودفعت المخاوف من اشتمال الميزانية على تخفيضات في الأجور ومعاشات التقاعد موظفي القطاع العام إلى تنظيم احتجاجات، بما يشير إلى حقل الألغام الذي تواجهه الأحزاب الرئيسية في لبنان.

وحذر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في تصريحات سابقة، من "انفجار في الشوارع" إذا فرضت الحكومة زيادات في الضرائب أو اتخذت سياسات قد تضر بالعمال، وقال: "ستكون هذه الإجراءات مميتة".

وأضاف الأسمر أن المحتجين انخرطوا في مناقشات مع مسؤولي الحكومة، لكنهم طالبوا بعقد حوار أكثر جدية.

كما نظمت عائلات جنود متقاعدين متوفين، وبعض من موظفي الإدارة العامة احتجاجاً الأسبوع الماضي في العاصمة بيروت.

اقتصاد مثقل بالأعباء

ويعاني لبنان، الذي ينوء تحت وطأة أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم، من جراء شلل سياسي والحرب في سورية والعراق، التي نالت من التجارة الإقليمية والاستثمار وحركة السفر.

تأثر أيضاً اقتصاد لبنان المنفتح سلباً من جراء تراجع التدفقات النقدية من لبنانيي المهجر المنتشرين في أنحاء العالم، بعد أن كانوا تقليدياً عاملاً مساعداً في تمويل جانب من متطلباته المالية.

ورفع طول أمد عملية وضع الميزانية تكلفة التأمين على ديون لبنان في الفترة الأخيرة إلى أعلى مستوياتها منذ 22 يناير/ كانون الثاني، عندما كان البلد يكافح لتشكيل حكومة.


كما يسعى لبنان لإيجاد حل لصداع دينه الأقرب استحقاقاً، المتمثل في سندات دولية قيمتها 650 مليون دولار تحلّ في 20 مايو/ أيار، وتقول الحكومة إنها ملتزمة بسداد جميع استحقاقات الديون ومدفوعات الفائدة في المواعيد المحددة.

وخفض بنك "جيه.بي مورغان" في الآونة الأخيرة توقعاته لنموّ اقتصاد لبنان إلى 1.3 بالمئة في 2019، محذراً من "مخاطر كبيرة" تحيط بالإصلاحات المالية.

وبحسب معهد التمويل الدولي، فإن إصلاحات مالية عميقة، تشمل تحسين مناخ الأعمال ومحاربة الفساد، قد تساعد على تسريع النمو والإفراج عن 11 مليار دولار تعهد بها المجتمع الدولي خلال مؤتمر خاص في إبريل/ نيسان 2018، حيث تتوقف تلك الأموال على مثل تلك الإصلاحات.

وفي يناير/ كانون الثاني، قالت قطر إنها ستستثمر 500 مليون دولار في السندات الدولارية للحكومة اللبنانية.

 

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون