الإضراب يضع قطارات الجزائر "خارج الخدمة"

18 مايو 2016
الإضراب يعطل القطارات في كل أنحاء البلاد (خاص)
+ الخط -


تشير الساعة إلى السابعة والنصف صباحا في محطة "الأغا" للقطارات الواقعة وسط العاصمة الجزائرية، وعلى غير العادة في مثل هذا التوقيت، يخيم على المحطة هدوء، بسبب تواصل إضراب سائقي القطارات في الجزائر أمس الثلاثاء، لليوم العاشر على التوالي، ما أرغم المواطن على البحث عن البديل، وكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات.

قطارات الضواحي وما بين الولايات كلها متوقفة على الأرصفة، ولن يحركها إلا اتفاق بين إدارة الشركة الجزائرية للسكك الحديدية وسائقي القطارات يبدو بعيدا في الوقت الراهن، بعد تواصل القبضة الحديدية بين الطرفين.

أصحاب القبعات الزرقاء متمسكون بمطالبهم التي لخصها لـ "العربي الجديد" عبد القادر صيد، الأمين العام للفرع النقابي لسائقي القطارات لمحافظة الجزائر العاصمة في "رفع تصنيف هذه الفئة من الدرجة "ب3" إلى الدرجة "ج3" في جدول الرواتب المعتمد من طرف وزارة العمل، بالإضافة إلى رفع منح المناوبة الليلية التي تمتد من التاسعة ليلا إلى الخامسة صباحاً، ورفع منح المناوبة، والتعويض الكامل عن العمل في أيام العطل والأعياد".

ويوضح مسعود لملوم سائق قطار لـ "العربي الجديد" المشهد أكثر، بالقول: إن "تصيف الفنيين في المؤسسة لا يخضع لمعايير موضوعية، هناك تقنيون يحملون نفس الشهادات ونفس سنوات العمل إلا أنهم لا يتلقون نفس الراتب، لذا نطالب بتسوية وضعية التصنيف، بالإضافة إلى منحة الخطر بما فيها منحة العمل في الليل".



ورغم فتحهم قنوات اتصال مع إدارة الشركة الجزائرية للسكك الحديدية في الأيام الثالثة الأولى من الإضراب، إلا أن المفاوضات وصلت بعد ثماني ساعات من التشاور إلى طريق مسدود، بعد تمسك الشركة بورقتي الحكم القضائي القاضي بعدم قانونية الإضراب وتمسك الإدارة بخيار الاستعانة بمكتب دراسات مستقل يحدد نسب التعويضات وكيفية تسوية وضعية العمال في جدول الرواتب، وهو ما رفضه المضربون بحجة عدم إشراكهم في العملية، ما دفعهم إلى التلويح بالاستقالة الجماعية لحوالى 1600 سائق قطار على مستوى الدولة.

ولم يغلق المدير العام للشركة الجزائرية للنقل بالسكك الحديدة ياسين بن جاب الله، باب الحوار مع سائقي القطارات المضربين عن العمل، إلا أنه كشف لـ "العربي الجديد" أن "الحل لن يكون على حساب الفئات الأخرى من العمال، فالشركة تضم 12 ألف عامل وليس السائقين فقط".

وعن الخسائر التي سجلتها خزينة الشركة طيلة أيام الإضراب، فيقدرها المصدر ذاته بحوالى "11 مليون دينار جزائري يوميا (100 ألف دولار)، مع العلم أن هذه الخسائر تتعلق بالعائدات المباشرة اليومية فقط من بيع تذاكر ونقل سلع، لكننا الآن نضطر لدفع تعويض لزبائننا".

وفي أول رد فعل حكومي حيال الانسداد الحاصل بين نقابة سائقي القطارات والشركة المُسيرة للنقل بالسكك الحديد، هدد وزير النقل الجزائري بوجمعة طلعي، المضربين عن العمل بتنفيذ أقصى العقوبات في حال إصرارهم على مواصلة الإضراب، مشيرا أن العدالة ستأخذ مجراها بحقهم بعدما أقرت بضرورة العودة إلى العمل فورا بسبب عدم شرعية هذه الحركة الاحتجاجية.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر داخل نقابة سائقي القطارات، أن الشركة الجزائرية للنقل بالسكك الحديدية وبمعية وزارة النقل، راسلت الاتحاد العام للعمال الجزائريين (أكبر تكتل للنقابات موال للسلطة) من أجل سحب الثقة من ممثلي النقابة، وذلك لوضع المضربين عن العمل في وضع غير قانوني، ما يضعهم تحت طائلة "رفض العمل" التي يعاقب عليها قانون العمل الجزائري بالطرد المباشر بعد 48 ساعة من إخطار المعنيين بالأمر.

ويطرح هذا الإضراب مجددا تساؤلات عديدة حول عدم احترام القوانين التي تؤكد ضرورة إيداع إشعار قبل شن الإضراب بأيام، وهو ما لم يحدث، ما جعل المواطن رهينة القبضة الحديدية التي اشتدت بين الطرفين، وهو ما وقفت عليه "العربي الجديد" أمام محطة "الأغا" في العاصمة الجزائرية، حيث طغت علامات التذمر على ملامح الكثير من الجزائريين بين طلبة وعمال ومسافرين إلى محافظات أخرى.

وتروي الطالبة الجامعية سلمى لـ "العربي الجديد"، معاناتها في التنقل من الضاحية الشرقية (شرق العاصمة الجزائرية) إلى الجامعة المركزية "ذراع بن خدة". وتقول المتحدثة ذاتها: "المعاناة تضاعفت مع بداية فترة امتحانات نهاية السنة، أضطر الآن للقدوم بسيارة أجرة يوميا حتى لا أتغيب عن الامتحان، لأن الحافلات تستغرق وقتا أطول بسبب المواقف الكثيرة في الطريق".

يذكر أن بروتوكول اتفاق كان قد تم التوصل إليه سابقا جمع بين المديرية العامة للشركة الجزائرية للنقل بالسكك الحديدية وممثلي فيدرالية عمال القطاع الشهر الماضي، يتم بموجبه تسوية الملفات العالقة بين الطرفين، إلا أن سائقي القطارات انسحبوا من الفيدرالية وقرروا التفاوض بمفردهم مع الإدارة.


المساهمون