هل تواجه أوروبا أزمة غذاء... وماهي المؤشرات؟

هل تواجه أوروبا أزمة غذاء... وماهي المؤشرات؟

08 مارس 2024
المزارعون غاضبون من سياسة الاتحاد الأوروبي (getty)
+ الخط -

تتخوف حكومات الاتحاد الأوروبي من حدوث أزمة غذاء بدولها خلال الأعوام المقبلة، وسط تفاعل مجموعة من العوامل التي تؤثر سلباً على إمدادات الغذاء في القارة العجوز.

وأكبر هذه العوامل التي تطلق صفارة الإنذار بالكتلة الأوروبية، استمرار الحرب الروسية الجارية في أوكرانيا وتداعياتها على إمدادات الحبوب في أوروبا، والتغيرات المناخية التي باتت تهدد المحاصيل في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، حيث تراجع حجم الإنتاج بالعديد من دول القارة.

إضافة إلى احتجاجات المزارعين على سياسات الاتحاد الأوروبي الزراعية، وعلى جشع الشركات الكبرى التي تحتكر تجارة الأغذية وتجني منها مليارات اليوروهات ولا تمنحهم السعر العادل لمنتجاتهم.

وحسب تقرير بموقع "زيرو هيدج" أمس الخميس، بات المسؤولون الأوروبيون في غاية القلق من احتمال حدوث أزمة غذاء قد تثير الفوضى والذعر بين المستهلكين، ربما تكون أعنف من أزمة نقص الأغذية التي ضربت القارة في العام 2021.

ويقول التقرير، تدارس المسؤولون خلال يومين في بروكسل في نهاية الشهر الماضي، احتمال حدوث نقص بالغذاء في أوروبا بالفترة الممتدة بين العام الجاري 2024 ونهاية العام المقبل 2025.

وحضر المؤتمر مسؤولو الأمن الغذائي و60 مسؤولاً أوروبياً، ويعكس هذا الحضور الكبير والمتخصص هلع القارة من حدوث أزمة غذاء، وبدأت فعلياً في إعداد سيناريوهات لكيفية التصرف مع حدوث كذا أزمة في حال حدوثها.

ويبدو أن احتجاجات المزارعين التي انتظمت في معظم الدول الأوروبية، وما زالت مستمرة، دقت جرس الإنذار، أن هنالك شبح أزمة غذائية ربما تضرب أوروبا في المستقبل وفق مراقبين.

ويرى المزارعون الأوروبيون أنهم يتعرضون للخداع والابتزاز من قبل شركات الأغذية الكبرى، التي تجني مليارات اليوروهات ولا تمنحهم السعر المناسب لمنتجاتهم.

وحسب تقرير بصحيفة "بوليتيكو" يوم الأربعاء، عطلت احتجاجات المزارعين المناهضة لسياسات الاتحاد الأوروبي بعض المتاجر الكبرى في بعض العواصم الأوروبية.

وحسب التقرير، يقول مسؤولون أوروبيون إن سلاسل التوريد باتت قلقة من نفاد بعض السلع الغذائية.

وعلى الرغم من أن قسماً كبيراً من غضب المزارعين، كان موجهاً ضد البيروقراطية في الاتحاد الأوروبي والمنافسة من الواردات الرخيصة، إلا أنها أثارت جدلاً في فرنسا حول ما إذا كان ينبغي ضمان الحد الأدنى لأسعار المنتجات الغذائية التي تباع لشركات الأغذية الكبرى ومحلات السوبرماركت.

ويشير التقرير إلى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يؤيد فكرة تحديد أسعار دنيا لمنتجات الألبان والجبن والبيض واللحوم والحبوب التي تباع من قبل المزارعين لشركات الأغذية.

في هذا الشأن، قال مزارع ألبان في مقاطعة بريتاني الفرنسية ومن ممثلي اتحاد المزارعين بفرنسا، وهو ستيفان جاليه لصحيفة "بوليتيكو": "أعلنت شركة لاكتاليس عن مبيعات بقيمة 28 مليار يورو في عام 2022 وتحقق أرباحًا باهظة ويديرها شقيقان وأخت فقط من المليارديرات".

واضاف " لكن هذه الشركة لا توافق على دفع أجور مزارعيها بشكل صحيح، أي أنها تدفع لهم سعرًا يغطي بالكاد تكلفة الإنتاج والأجور والحماية الاجتماعية، رغم أنها تحقق أرباحًا قياسية من مبيعات المنتجات الزراعية".

على صعيد التغيرات المناخية، يتوقع تقرير مجلس الاتحاد الأوروبي، تراجع الإنتاج الزراعي في موسم العام 2023ـ 2024، وأن يصل إنتاج الحبوب في الاتحاد الأوروبي لعام 2023/24 إلى 268.5 مليون طن فقط، أي أقل بنسبة 4.3% من متوسط الإنتاج الأوروبي في الخمس سنوات الماضية.

ويرجع التقرير هذا التراجع إلى الظروف الجوية المعاكسة خلال فصلي الربيع والصيف التي أثرت سلبًا على إنتاج الذرة والشعير بشكل خاص، وذلك بنسبة تراجع بلغت 13% للذرة و7% للشعير.

ويرى تقرير بالمفوضية الأوروبية، أن تقلبات المناخ ستقود إلى انخفاض هطول الأمطار السنوي، وزيادة تواتر حالات الجفاف والفيضانات وارتفاع خطر الآفات والأمراض التي تصيب المحاصيل الزراعية.

ويقدر تقرير المفوضية الصادر في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، أن تتجاوز التكلفة الاقتصادية بدول القارة لفيضانات الأنهار في أوروبا 5 مليارات يورو سنوياً في المتوسط، كما تتسبب حرائق الغابات في أضرار اقتصادية تبلغ حوالى ملياري يورو كل عام في الاتحاد الأوروبي. 

تداعيات الحرب الأوكرانية 

تعد أوكرانيا سلة غذاء أوروبا، فهي أكبر مصدر في العالم لزيت عباد الشمس وبنسبة 50%من الصادرات العالمية وثالث أكبر مصدر للشعير بنسبة 18% ورابع أكبر مصدر للذرة بنسبة 16% وخامس أكبر مصدر للقمح بنسبة 12%.

وقبل الحرب الروسية في أوكرانيا، صدرت أوكرانيا نحو 12 مليار دولار من الحبوب لأوروبا في عام 2021.

ويرجح تقرير مجلس الاتحاد الأوروبي الصادر في يناير/ كانون الثاني، أن يلوح في الأفق نقص في الخبز والدقيق والقمح بأوروبا خلال السنوات المقبلة، بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية التي لا تلوح في الأفق تسوية لها حتى الآن.

وكانت 40% من صادرات الحبوب الأوكرانية تشحن عبر البحر الأسود إلى الأسواق العالمية، قبل انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الذي توصلت إليه الأمم المتحدة وتركيا في صيف العام 2022.

ويرى مسؤولون في اجتماع بروكسل، أن أوروبا قد تواجه المزيد من فشل المحاصيل خلال الأعوام المقبلة بسبب المناخ، حيث يؤثر الجفاف على أسعار العلف الحيواني، مما يحد من إنتاج الماشية والأسماك، كما أن السفن التي تحمل المحاصيل ربما تفضل العروض السخية السعرية التي تجدها في آسيا على أوروبا.

وإضافة إلى ذلك تتخوف الدول الأوروبية من قيود التصدير التي تفرضها بعض الدول على منتجاتها الزراعية، حيث تؤدي قيود تصدير على منتجات مثل زيت النخيل في آسيا إلى خفض إمدادات المواد الغذائية الأساسية اليومية من السمن إلى الخبز.

كما ارتفعت تكلفة الأسمدة والطاقة اللازمة لزراعة المحاصيل والحفاظ على تشغيل البيوت الزجاجية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويقول محللون: "بينما يتحول تركيز الرأي العام نحو التربح من خلال تجار السلع الأساسية، فالمزارع الصغيرة تسقط مثل أحجار الدومينو في أوروبا. أما بالنسبة لـ "الحلول"، فمن المثير للاهتمام أن المشاركين في المؤتمر قالوا إنه يجب فطام السكان عن اللحوم، حسب تقرير "زيرو هيدج".

في هذا الصدد كتب صحافي بوكالة بلومبيرغ: "بدأ اليوم الثاني لاجتماع أزمة الغذاء الأوروبية في بروكسل بجلسة لليقظة الذهنية قبل التركيز على مقترحات السياسة، ولم يكن هناك اعتراض يذكر على فكرة أن الأنظمة الغذائية في القارة تحتاج إلى التحول نحو خيارات صحية وبعيدا عن اللحوم.

وبينما يتزايد العداء بين دول الكتلة الأوروبية وروسيا، تتزايد هيمنة روسيا على الحبوب العالمية، وهذا العامل يؤرق أوروبا، خاصة إذا كسبت موسكو الحرب أو وصل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للحكم في الولايات المتحدة في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري. 

هيمنة روسيا على الحبوب 

وفق الأرقام الروسية فإن روسيا تعد واحدة من أكبر منتجي الحبوب حول العالم. وحسب الأرقام فقد بلغت إيرادات بيع المنتجات في الأسواق الخارجية 43.5 مليار دولار".

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات نقلتها وكالة تاس الرسمية في موسكو مؤخرا، "لقد أصبحنا الدولة الرابعة في العالم من حيث صادرات المنتجات الزراعية، والدولة الأولى في العالم من حيث القمح".

وأضاف بوتين أيضًا أن عائدات روسيا من صادرات المنتجات الزراعية زادت 30 مرة. وقال: "في العام الماضي، بلغت عائدات التصدير 43.5 مليار دولار. وزاد الحجم 30 ضعفاً".

وأشار بوتين إلى أن صادرات الحبوب الروسية قد يصل إجماليها إلى 65 مليون طن متري في العام الزراعي 2023-2024. وأضاف الرئيس الروسي: "في رأيي، بلغت صادراتنا من الحبوب حوالى 50-53 مليون طن متري في الموسم الماضي، في 2022-2023، وستصل إلى 65 مليون طن متري في 2023-2024".

المساهمون