لعل المانع خيرٌ

لعل المانع خيرٌ

08 ديسمبر 2014
ما الذي يمنع الخليج من انشاء اتحاد نقدي قوي(أرشيف/getty)
+ الخط -

نظرياً لا يمنع دول الخليج من إقامة اتحاد اقتصادي ونقدي قوي على غرار تجربة الاتحاد الأوروبي السياسية والاقتصادية، أو على الأقل على غرار منطقة اليورو التي لا تزال ناجحة حتى الآن، رغم رفض دول كبرى مثل بريطانيا وسويسرا الانضمام لها، ورغم العثرات المالية التي تواجه اقتصادات بعض دول المنطقة من حين لآخر مثل قبرص واليونان وايرلندا.

وما يشجع على إمكانية نجاح التجربة الخليجية التشابه الكبير في اقتصاديات دوله، من حيث وفرة الثروات والموارد المالية والاعتماد على الطاقة كمصدر شبه وحيد لإيرادات الخزانة العامة، حيث تمتلك هذه الدول أعلى نسبة من الاحتياطيات العالمية المؤكدة، من النفط والغاز، (36.1% من النفط، و23.6% من الغاز).

 كما أن الاقتصادات الخليجية متقاربة إلى حد كبير من حيث معدلات النمو الاقتصادي، والتضخم ومستوى دخل الفرد والإنفاق على البنية التحتية، وتطور أسواق المال والتشريعات الاقتصادية، وقوة القطاع المصرفي والتأميني، بل إن هناك تشابهاً بين هذه الدول في أسماء الشركاء التجاريين الخارجيين والاعتماد القوي على الولايات المتحدة ومنطقة اليورو في تلبية احتياجاتها من السلع والخدمات، حتى العلاقات التجارية مع الجارة الشرقية إيران، فإن هناك تقارباً شديداً بينها وبين دول الخليج الست، خاصة الإمارات وسلطنة عمان والكويت.

إضافة إلى أن دول الخليج لا تعاني أصلاً مشكلة في الإيرادات المالية أو ضغوطاً بسبب ديون محلية أو خارجية، حيث تمتلك احتياطيات من النقد الأجنبي في الخارج تتجاوز التريليون دولار، أكثر من 70% مملوك للسعودية، وهذه الاحتياطيات كفيلة بدعم الاستقرار النقدي والمالي بمنطقة الخليج ودعم أي تعاون محتمل؛ وهو ما يهيئ الفرصة لحدوث تكامل اقتصادي نموذجي.

ونظرياً أيضاً لا يمنع دول الخليج الست من إصدار عملة موحدة على غرار عملة اليورو، وإقامة مصرف مركزي خليجي على غرار المصرف المركزي الأوروبي، وإنجاز تكامل في السياسات النقدية وسوق الصرف وأسعار الفائدة.

لكن عملياً هناك مشاكل تحول دون تحقق ذلك، فهناك دولتان هما سلطنة عمان والإمارات انسحبتا منذ سنوات من المجلس النقدي الخليجي المكلف بإصدار العملة الخليجية الموحدة، وهناك مشاكل لم تحسم بعد وتعد من المقومات الأساسية لإصدار عملة موحدة، منها مقر المصرف المركزي الخليجي، علماً بأن الإمارات أعلنت في العام 2009 الانسحاب من خطة الوحدة النقدية الخليجية المزمعة، اعتراضاً على قرار اختيار العاصمة السعودية الرياض مقراً للمصرف المركزي الخليجي.

وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالعملة الدولية التي سيتم ربط العملة الخليجية بها، خاصة أن دولاً خليجية، مثل الكويت، تربط احتياطاتها من النقد الأجنبي بسلة عملات، وليس بعملة واحدة هي الدولار، في حين تربط معظم دول الخليج، ومنها السعودية وقطر، احتياطاتها بالدولار العملة الأبرز للاحتياطيات الدولية لدى البنوك المركزية.

السؤال هنا: في حال إصدار عملة خليجية موحدة، هل سيتم ربطها بالدولار كما اقترحت دول خليجية، وهل قرار الربط سيكون قراراً سياسياً لا علاقة له بالاقتصاد، أم يخضع لاعتبارات فنية يحددها مجلس النقد الخليجي وهو الجهة المخولة بوضع الأسس والأنظمة اللازمة لإنشاء بنك مركزي خليجي، واستكمال مرحلة الاتحاد النقدي، وفي ظل الوضع الراهن هل يمكن إطلاق العملة الخليجية الموحدة مع استثناء الإمارات وسلطنة عمان منها.

التكامل الاقتصادي الخليجي الكامل والحقيقي وإطلاق عملة خليجية موحدة وتأسيس مصرف مركزي خليجي، أحلام تراود، ليس فقط المواطنين الخليجيين، بل تراود كل العرب لأنها قد تكون مقدمة لتعاون اقتصادي عربي، والسؤال: ما الذي يمنع تحقق هذه الأحلام، هل بسبب عدم وجود الإرادة السياسية؟ أم بسبب إصرار البعض على إفشال التجربة الخليجية، أم بسبب عوامل اقتصادية وفنية بحتة؟

القادة الخليجيون سيجتمعون اليوم بالدوحة، ليؤكدوا أن الإرادة موجودة، إذن ما المشكلة؟

المساهمون