قمة بيروت.. مشهد مكرر

قمة بيروت.. مشهد مكرر

20 يناير 2019
هل هذه هي آخر قمة عربية اقتصادية(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
كالعادة "تمخّض الجبل أو الجمل فولد فأراً"، فقد أنهت القمة الاقتصادية العربية أعمالها في بيروت مساء اليوم الأحد مطلقة عدداً من المبادرات والمشروعات التي لا تختلف كثيراً عن تلك التي أطلقتها وتبنتها ثلاث قمم اقتصادية سابقة عقدت في الكويت وشرم الشيخ والرياض.

ونظرة لكلمات المتحدثين في قمة بيروت نجد أن كبار المسؤولين العرب توقفوا عن الإبداع حتى في كلماتهم التقليدية التي يلقونها في مثل هذه القمم، ولذا راحوا يكررون في قمتهم الاقتصادية الأخيرة نفس الكلمات التي تم طرحها في القمم الاقتصادية السابقة.

مفردات خلت حتى من دغدغة مشاعر المواطن العربي الذي لم يعد يصدق او يتحمل كلمات الحكام وكبار المسؤولين، كما لم يعد يتحمل غلاء الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة، وزيادة حدة الفقر والبطالة والفساد، ونهب الثروات الوطنية، ورهن القرار الاقتصادي والسياسي الوطني بتعليمات المؤسسات المالية الدولية، وفي المقدمة صندوق النقد الدولي. 

في قمة بيروت، طرح كبار المسؤولين العرب المشاركين المشاريع والقضايا ذاتها التي طُرحت في القمم الاقتصادية الثلاثة السابقة من عينة مكافحة البطالة والفقر، وفتح الحدود وإزالة العوائق من أمام التبادل التجاري، وزيادة الاستثمارات والتجارة البينية ومشروع الاتحاد الجمركي، ومنطقة التجارة الحرة، إضافة إلى المشاريع العربية المشتركة في مجالات البنى التحتية والطيران والكهرباء وغيرها.

حتى القضايا الجادة التي أطلقتها القمم الاقتصادية السابقة توارت عن الأنظار في قمة بيروت مثل مشروع تأسيس صندوق لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 500 مليون دولار.

ولم يعد أحد يتحدث مثلاً عن مشروع الأمن الغذائي والمائي العربي رغم أهميته القصوى، أو عن مشروع الربط البري للسكك الحديدية لأنه يدرك أن مشروعا كهذا ذهب أدراج الرياح مع تفاقم القلاقل السياسية والحروب في العديد من دول المنطقة.

ولم يتحدث مسؤول عربي في قمة بيروت مثلا عن التهديدات الخطرة التي تواجه الأموال والاستثمارات العربية في الخارج، خاصة في أميركا حيث التهديد المستمر بقانون "غاستا"، أو عن كيفية تهيئة المناخ لإعادة الأموال المهاجرة أو جزء منها، أو عن أمن الطاقة.

وتوقف الحديث عن المشروعات العربية المشتركة الجادة، ولمَ لا وهم يرون أن تجربة مجلس التعاون الخليجي التي كان يضرب بها المثل في نجاح المشروعات الإقليمية قد أوشكت على الانهيار.
حتى المتاجرة بالقضايا العاجلة من نوعية إعادة إعمار ما دمرته الحروب في العراق وسورية واليمن وليبيا وغيرها لم تفلح قمة بيروت في تسويقها، واكتفى الرئيس اللبناني بالحديث عن تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها، على الرغم من أن "عون" نفسه يعرف قبل غيره أن مبادرته تلك لا تساوي الحبر الذي كتب به خطابه.

وفي خضم القضايا والمشاريع الكبرى الفضفاضة المطروحة على قمة بيروت لم يتحدث أحد من المسؤولين العرب عن حق المواطن العربي في الإسكان والتعليم وتحسين الرعاية الصحية، ولا عن كيفية خفض الأسعار وعلاج عجز الموازنات العامة بعيدا عن جيب المواطن.

انتهت اليوم قمة بيروت الاقتصادية التي قاطعها معظم الحكام العرب وكأن اقتصاد دولهم وحياة شعوبهم المعيشية لا تشغلهم، ولم يعد السؤال المطروح عن مصير المبادرات التي تم طرحها خلال القمة وكيفية وضع آليات لتنفيذها، لكن السؤال بات هو: هل هذه هي آخر قمة عربية اقتصادية مع اقتراح محمد الجدعان وزير المالية السعودي، دمج القمة العربية الاقتصادية في القمة العربية الدورية العادية؟

المساهمون