قطن شمال شرقيّ سورية بلا تسويق... هل تنتهي زراعته؟

قطن شمال شرقيّ سورية بلا تسويق... هل تنتهي زراعته؟

07 نوفمبر 2023
تُعد منطقة "شرقيّ الفرات"، وبخاصة محافظة الحسكة، الأكثر إنتاجاً للقطن في سورية (الأناضول)
+ الخط -

يوشك مزارعو القطن في الشمال الشرقي من سورية على الانتهاء من قطف محصول القطن، إلا أنهم يواجهون صعوبات في تسويقه، في ظل مؤشرات على أن الإدارة الذاتية في المنطقة لا تعتزم شراء هذا المحصول الذي كان قبل عام 2011 من أهم روافد الاقتصاد السوري.

وكانت هيئة الزراعة والري لشمال وشرق سورية، التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، قد حددت في سبتمبر/أيلول الفائت سعر شراء الطن الواحد من القطن من المزارعين، بـ800 دولار، بيد أنها أعلنت في قرار سماحها بتصدير مادة القطن المحبوب والمحلوج إلى خارج مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، من المعابر كافة التي تسيطر عليها، أي إلى مناطق النظام والمعارضة، في إشارة واضحة إلى أنها لا تعتزم شراء المحصول من الفلاحين.

وذكر الفلاح راكان العلي، وهو من ريف القامشلي في أقصى شمال شرقي سورية، أن محصول القطن ما زال موجوداً لدى الفلاحين، مشيراً إلى أن بعض التجار يعرض 400 دولار للطن الواحد، مضيفاً أن هذه الأسعار كارثية ولا تغطي حتى التكلفة.

والشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُعرف بـ"شرقيّ الفرات"، وخصوصاً محافظة الحسكة، الأكثر إنتاجاً للقطن، وقد أنتجت العام الفائت نحو 20 ألف طن.

وكانت محافظة الحسكة الواقعة في أقصى الشمال الشرقي من سورية تنتج قبل عام 2011 نحو 200 ألف طن من مجمل إنتاج سورية الذي كان يصل في بعض السنوات إلى نحو 700 ألف طن، حسب بيانات رسمية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وبيّن الباحث الاقتصادي يونس الكريم في حديث مع "العربي الجديد" الأسباب التي تحول دون شراء الإدارة الذاتية للقطن، وقال إن هذه الإدارة "لا تملك موارد مالية كافية لإرضاء الفلاحين"، مضيفاً: "هناك كلف أخرى تقع على عاتق الإدارة بعد الشراء، من أبرزها التخزين، ومن ثم إعادة بيعها لجهات أخرى، منها إقليم كردستان العراق، وهذا الأمر يخضع لاعتبارات كثيرة، منها كلفة الشحن، وهي مرتفعة".

ويعتقد أن الإدارة تضغط على الفلاحين للتحول إلى زراعة القمح لأنها أكثر أهمية، أو إلى زراعات أُخرى تلبي الحاجات الغذائية، ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، كما هو الحال بالنسبة إلى القطن.

وبحسب الكريم، ليس أمام الفلاحين إلا بيع القطن "لأمراء الحرب بأسعار بخسة"، مشيراً إلى أن الخيارات أمام هؤلاء الفلاحين "محدودة"، مضيفاً: "ربما شهدنا في السنوات القادمة توقف زراعة القطن في مناطق الإدارة الذاتية".

من جانبها، حددت حكومة النظام السوري سعر شراء الكيلوغرام الواحد من محصول القطن المحبوب من الفلاحين لموسم عام 2023 بمبلغ 10 آلاف ليرة سورية لكل كيلو، أي أقل من دولار أميركي واحد.

وقال مدير المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان رامي سلوم، لصحيفة "الوطن"، في حديث سابق، إنّ كمية الأقطان المتوقع تسلّمها لهذا الموسم هي بحدود 20 ألف طن، مؤكداً جاهزية مؤسسته لتسلّم كامل الكميات لهذا الموسم. ولا تفي هذه الكمية حاجة المؤسسة العامة للصناعات النسيجية التي تتجاوز حاجتها 20 ألف طن، إضافة إلى احتياجات القطاع الخاص التي تقدر بأكثر من 17 ألف طن، وفق سلوم.

وكانت زراعة القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية في سورية، ورافداً رئيسياً للاقتصاد، حيث كانت تصل المساحات المزروعة قبل عام 2011 إلى نحو 250 ألف هكتار في محافظات الحسكة وحلب والرقة ودير الزور وحماة.

وكانت وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري قبل اندلاع الثورة تولي زراعة القطن أهمية خاصة، وتقيم له مهرجاناً سنوياً كبيراً في مدينة حلب، بدأ منذ الخمسينيات من القرن المنصرم، يعقد في بداية سبتمبر/أيلول من كلّ عام، احتفاءً بهذا المحصول الاستراتيجي.

ودأبت الوزارة منذ نحو 40 عاماً على عقد مؤتمر علمي في حلب خاص بزراعة القطن، يناقش واقع هذه الزراعة من خلال بحوث علمية، ويعتمد أصنافاً جديدة.

لكن المساحات المزروعة بالقطن تراجعت بعد عام 2011 إلى نحو 30 ألف هكتار، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج تدريجياً، ليصل إلى نحو 20 ألف طن في الموسم الفائت.

المساهمون