فشل انعقاد جلسة مجلس الوزراء لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان

فشل انعقاد جلسة مجلس الوزراء لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان وميقاتي يدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم

27 يوليو 2023
ميقاتي: الحسابات السياسية للأطراف داخل الحكومة لها الأولوية على ما عداها (حسين بيضون)
+ الخط -

فشل مجلس الوزراء اللبناني، اليوم الخميس، بعقد جلسة كانت مُخصّصة لتعيين حاكم جديد لـمصرف لبنان في ظلّ عدم توفر النصاب القانوني لانعقادها، بعد تغيّب وزراء يمثلون أحزاباً سياسية وازنة يتقدّمها "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل و"حزب الله".

وأصرّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري على عقد جلسة وزارية لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان خلفاً للحاكم رياض سلامة الذي تنتهي ولايته آخر الشهر الجاري، رغم المواقف السياسية المُعلنة سلفاً ولا سيما الصادرة عن الأحزاب والأطراف المسيحية الرافضة لإجراء تعيينات في ظلّ الشغور الرئاسي، ووجود حكومة لها حق تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق.

كما يرفض "حزب الله" أي تمديد أو تعيين في منصب الحاكمية في ظلّ حكومة تصريف الأعمال، وذلك على غرار ما حصل مع انتهاء ولاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم (من الطائفة الشيعية)، وقد تولى مكانه مؤقتاً العميد إلياس بيسري (من الطائفة المسيحية)، إلى حين تعيين حكومة أصيلة.

ويُتهم بري بالدرجة الأولى من قبل معارضيه برفضه تسلّم نائب الحاكم الأول وسيم منصوري مهام سلامة، وهو محسوب سياسياً عليه، لعدم تحميله كرة المسؤولية، في ظلّ مؤشرات تشي بخطورة المرحلة المقبلة نقدياً، وخصوصاً أن فريق بري السياسي ممسك في الوقت نفسه بأهم مواقع الدولة المالية، على رأسها وزارة المال.

وحضر إلى السرايا الحكومي، اليوم الخميس، 7 وزراء فقط مع تسجيل غياب وزراء "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" (يرأسه سليمان فرنجية)، و"الحزب الديمقراطي اللبناني" (يرأسه طلال أرسلان)، وقد استعاض ميقاتي عن الجلسة بلقاءٍ تشاوري وزاري عقده في مكتبه.

دستورياً، فإن نصاب انعقاد جلسة الحكومة هو ثلثا أعضاء المجلس الوزاري، المؤلّف من 24 وزيراً، ولا يجوز اتخاذ أي قرار إلا بتوفر هذا النصاب أيضاً، بحيث أن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان يدخل في إطار وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها، ما يحتّم توفر نصاب الثلثين للتعيين. وهو ما أكده الأستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري وسام اللحام، لـ"العربي الجديد".

وقال ميقاتي، في بيان عقب فشل انعقاد الجلسة: "اليوم كانت أمامنا فرصة لمعالجة مؤقتة لملف مرتبط بالوضعين المالي والنقدي، وآسف أنّ الحسابات السياسية للأطراف المعنية داخل الحكومة لها الأولوية على ما عداها، فليتحمّل كل طرف المسؤولية عن قراره".

وشدد ميقاتي على أنه سيستمرّ في القيام بواجبه الدستوري والوطني والعمل الجادّ لسير عمل المؤسسات العامة وخاصة مصرف لبنان من دون كللٍ.

وأضاف بيان ميقاتي: "مع قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان نهاية الشهر الحالي، وجهت الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء اليوم لمناقشة الأوضاع المالية والنقدية. وكان مقرراً أن نتشاور مع الوزراء في الاقتراحات الممكنة لتفادي الشغور في منصب الحاكمية، الا أنّ تغيب عدد من الوزراء، وعدم توافر النصاب المطلوب حتّم إلغاء الجلسة وعقد لقاء تشاوري مع الوزراء الذين حضروا إلى الجلسة".

وتابع "إنّ الظروف الدقيقة التي يمرّ بها لبنان ودقة الوضعين المالي والنقدي تتطلب من الوزراء ومختلف القيادات السياسية المعنية أداء استثنائياً لتلافي المزيد من التوترات وتبديد القلق العارم عند جميع اللبنانيين ومعالجة الأوضاع الملحّة، والأهم الترفع عن المزايدات والتباهي بالتعطيل الذي لا يخدم أحداً من اللبنانيين إلى أي فئة انتموا، ويزيد من الشلل والتعطيل في المؤسسات".

وأشار ميقاتي إلى أنّ "الحكومة غير مسؤولة عن الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، ولا عن التداعيات المترتبة عن ذلك، بل تجهد في مرحلة تصريف الأعمال لتسيير الشؤون العامة، والحفاظ على سير عمل المؤسسات الرسمية وتلبية مطالب المواطنين"، معتبراً أنّ "المطلوب أن يبادر النواب إلى تحمّل مسؤوليتهم في انتخاب رئيس جديد للبلاد في أسرع وقتٍ، لكي ينتظم مجدداً عمل المؤسسات الدستورية واستكمال الخطوات الإصلاحية التي بدأتها حكومتنا".

على ضفةٍ أخرى، وفي حال شغور المنصب، يتولى تبعاً لقانون النقد والتسليف نائب الحاكم الأول وسيم منصوري مهام الحاكم، لحين تعيين حاكم مصرف أصيل مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، بيد أنّ نواب الحاكم الأربعة لم يحسموا موقفهم بعد من الاستقالة، علماً أنّ هناك انقسامات في صفوفهم بهذا الشأن، وسط مخاوف كبيرة من تداعيات خلو هذا المنصب في بلدٍ يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه.

ويعيّن حاكم مصرف لبنان ونوابه تبعاً لنظام المحاصصة الطائفية الحزبية في لبنان الذي ينسحب على جميع المناصب العليا في البلاد، فالحاكم يجب أن يكون كاثوليكياً مارونياً، أما نائبه الأول فهو من الطائفة الشيعية، والآخرون من الطوائف السنية، الأرمن الكاثوليك، والدروز.

وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في مقابلة له مع قناة "إل بي سي آي"، أمس الأربعاء، أنه سيغادر منصبه مع انتهاء ولايته يوم 31 يوليو/ تموز الجاري، وسيطوي صفحة من حياته، وذلك بعد 30 عاماً على رأس الحاكمية.

وفي السياق، أعلنت وزارة العدل اللبنانية أنها ستقدم طلباً أمام مجلس شورى الدولة لتسمية مدير مؤقت للمصرف المركزي، تفادياً لأي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية سلامة.

المساهمون