طوابير لشراء الذهب في مصر... وجنون أسعار الغذاء

طوابير لشراء الذهب في مصر... وجنون أسعار الغذاء

17 ابريل 2023
قفزة كبيرة في أسعار المعدن الأصفر (Getty)
+ الخط -

تمر الأسواق المحلية بحالة من التوتر تدفع إلى جنون الأسعار من الذهب إلى منتجات الغذاء من البيض والخضروات والطيور.

يرتفع سعر غرام الذهب على مدار الساعة، منذ منتصف الأسبوع الماضي، مع بداية صعوده عالمياً بقفزات كبيرة، بلغت نحو 50 دولاراً، لسعر الأونصة، التي تجاوزت 2040 دولاراً، في البورصات العالمية، ورغم فقدان الذهب بعض بريقه عالمياً، ليستقر سعر الأوقية عند 2004 دولارات للأونصة، واصل جنونه بالسوق المحلية، ليتخطى سعر الغرام عيار 21 الأكثر تداولاً، 2290 جنيهاً، بما يزيد عن 300 جنيه، عن متوسط سعر الغرام الأسبوع الماضي.

يتدافع المشترون على اقتناء الذهب، في مشاهد هستيرية متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر طلباً كبيراً من المستهلكين على اقتناء سبائك الذهب مع حلول موسم إقبال تقليدي على شراء الذهب كمصوغات ومشغولات لهدايا الزواج واحتفالات أعياد المسلمين والمسيحيين، التي تستمر لمدة 10 أيام.

تظهر أسعار الذهب التي بلغت حدها الأعلى تاريخياً، دوافع أخرى لدى المصريين للوقوف في طوابير طويلة لاقتناء الذهب، من سوق محدود الكمية، تفرض عليه قيود مشددة للاستيراد، للاتفاق مع التجار على شراء أيّ كميات معروضة، من السبائك والمشغولات عيار 24 و21 غراماً.

يبحث المصريون عن وعاء يحفظ مدخراتهم، ولا سيما التي تمكن البعض من سحبها من البنوك بعد تعطل أنظمة السحب لفترات زمنية طويلة. يتحرك حائزو السيولة بدوافع تراجع العائد من الفائدة البنكية التي تصل في حدها الأقصى إلى 22%، في ظل ارتفاع رسمي بمعدلات التضخم إلى 39%، وفقاً لتقديرات البنك المركزي، بينما الأغلبية الساحقة تحمل دوافع نفسية مع تنبؤ بتدهور جديد لقيمة الجنيه، واتجاه الحكومة إلى إجراء تخفيض رابع في قيمة العملة، خلال الأيام المقبلة.

ترتفع المضاربة على الدولار، في الأسواق، ويزيد الطلب على اقتنائه من قبل مستثمرين، في فترة عطلة رسمية ممتدة 4 أيام، في ظل توقع صندوق النقد والبنك الدوليين استمرار شح الدولار، وانخفاض الناتج الإجمالي، وانخفاض تدريجي في سعر الجنيه، بمعدل 6% سنوياً.

تعكس الحالة النفسية لدى المستهلكين الهلع الذي يصيب رجال الأعمال المتابعين للمفاوضات التي يجريها محافظ البنك المركزي ووزير المالية، مع صندوق النقد والبنك الدوليين، بواشنطن على مدار 3 أيام، والتي أسفرت عن استمرار النقاط الخلافية بين مصر والمؤسستين الداعمتين للحكومة، حول تطبيق سعر صرف مرن للعملة، وتعزير دور القطاع الخاص، وإبطاء وتيرة مشروعات البنية الأساسية التي تقوم بها الحكومة، وخاصة الممولة بالدولار، وتقليص دور الجيش والجهات الأمنية في الاقتصاد وبناء المزيد من مشروعات البيع بالتجزئة ومحطات الوقود، والتحرك ببيع الأصول العامة، وفقاً للجدول الزمني، المتفق عليها نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

يتفق محللون على أنّ الجنيه سينخفض رسمياً، وأنه كلما زادت مدة تأخير البنك المركزي في تنفيذ التعويم الرابع، فسيكون الانخفاض مؤلماً، مدفوعاً بزيادة شح الدولار، وارتفاع قيمته في السوق من حدود 31 جنيهاً رسمياً، إلى 37 جنيهاً مقابل الدولار بالسوق الموازية، بنسبة تصل إلى 16%.

يشير محللون إلى أن تراجع العائد الحقيقي للفائدة على الجنيه، وفشل الحكومة في بيع سندات حكومية بقيمة 3 مليارات جنيه خلال الأسبوع الماضي، أديا إلى خفض استثماراتهم بالأموال الساخنة، التي تبحث عنها الحكومة في الأسواق الدولية، مع ارتفاع قيمة الدولار في العقود الآجلة لمدة 12 شهراً، ليصل إلى 41.6 جنيهاً.

سيطرت أجواء تراجع الجنيه على أسواق التجزئة، إذ ارتفعت أسعار اللحوم المستوردة الطازجة والمثلجة بمعارض "أهلا رمضان" و"أمان" الحكومية من 260 إلى 280 جنيهاً للكيلو، والدواجن المجمدة من 80 إلى 90 جنيهاً، بينما اندفعت أسعار الطماطم نحو جنونها المفاجئ، إذ زادت من 5 جنيهات إلى 12 جنيهاً بسوق الجملة وتصل إلى 20 جنيهاً بأسواق التجزئة، وتبعتها زيادة أسعار البصل من 10 إلى 17 جنيهاً متأثرة بشح العرض، وزيادة الصادرات إلى أسواق الخليج، وفقاً لتصريحات كبار التجار في سوق الجملة بالعاصمة.

تأتي أسعار السلع الغذائية على قائمة الأسباب التي تدفع معدلات التضخم بأسعار المستهلكين نحو القمة التاريخية التي بلغتها عام 2017 عندما تجاوزت 34%، بينما شارفت 33% نهاية مارس/ آذار الماضي، وفقا لبيانات جهاز التعبئة والإحصاء.

يشير محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، في تصريح صحافي نادر الحدوث أجراه في واشنطن، منذ يومين، إلى أن مصر تواجه ضغوطا في المعروض من السلع والمواد الخام المستوردة، منذ فرض البنك قيود الاستيراد العام الماضي، لافتاً إلى أنّ أغلب الزيادة في التضخم مستوردة من الخارج.

وتعزو الحكومة ارتفاع معدلات التضخم إلى زيادة التضخم الوارد من الخارج بارتفاع أسعار الواردات وتعطل سلاسل التوريد العالمية التي تأثرت بالحرب الروسية الأوكرانية، بينما تشير إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" إلى تراجع أسعار السلع الغذائية الأساسية، وعلى رأسها القمح والحبوب والسكر واللحوم، إلى معدلاتها السابقة على بداية الحرب في مارس 2022.

يؤكد اقتصاديون أنّ التراجع المستمر في قيمة العملة، إذ بلغت 50% خلال 12 شهراً، مع تضاعف أسعار الفائدة على الجنيه، مع شح العملة الصعبة وزيادة الدين الخارجي إلى 162 مليار دولار، وراء الضغوط التضخمية الهائلة التي تشعر المصريين بضعف قوتهم الشرائية وتعزز مخاوفهم من حيازة الجنيه.

المساهمون