سبق نظام بشار الأسد مرسوم رفع الرواتب والأجور أمس، بقرارات زيادة سعر المازوت بنسبة 177.7%، والخبز بنسبة 100%، وأعلاف الحيوانات بنسبة 60%، ليستردّ أموال زيادة الأجور من جيوب السوريين.
وبعد وعود عمرها عامان، رفع رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس، أجور العاملين بنسبة 50%، والمتقاعدين بنسبة 40%، لتبقى الفجوة سحيقة بين دخل الأسرة السورية وإنفاقها الذي ارتفع إلى مليون وأربعين ألف ليرة شهرياً. وجاء قرار حكومة الأسد بعد مضاعفة سعر مادتين رئيسيتين، هما الخبز والمازوت.
وحسب المرسوم الذي نشرته وسائل إعلام النظام، فإنه ستتم زيادة بنسبة 50% على الرواتب والأجور المقطوعة لكل العاملين من مدنيين وعسكريين، ورفع الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك، غير المشمولة بأحكام القانون الأساسي للعاملين بالدولة، ليصبح 71515 ليرة سورية شهرياً (الدولار = نحو 3200 ليرة).
زيادة 50% على الرواتب والأجور المقطوعة لكل العاملين من مدنيين وعسكريين، ورفع الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك
وترك المرسوم لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، بالاتفاق مع وزير المالية، تحديد طريقة احتساب الزيادات على أجور المياومين وعلى أساس الدوام الجزئي أو على أساس الإنتاج أو الأجر الثابت والمتحول بما يتفق والزيادات المقررة في المرسوم. وكانت حكومة النظام قد قررت، مساء يوم السبت، رفع سعر ليتر المازوت وربطة الخبز اعتباراً من أمس الأحد.
ويقول المحلل الاقتصادي عماد الدين المصبح، لـ"العربي الجديد": لقد أمّن النظام مبالغ زيادة الرواتب من جيوب السوريين، حتى قبل أن يتقاضوا الزيادة مطلع الشهر المقبل، لأن الزيادة على الأسعار بدأت منذ أمس.
ويرى الاقتصادي السوري أن رفع سعر المازوت سيؤدي إلى زيادة أسعار معظم السلع والمنتجات، وأهمها الغذائية والزراعية، فضلاً عن أجور النقل، لأن المازوت مكوّن أساسي بتكاليف الإنتاج، معتبراً أن أزمة تراجع الإنتاج النفطي بسورية، من 380 ألف برميل يومياً إلى نحو 20 ألف برميل حالياً، عرّت نظام الأسد وسرّعت بتبديد الاحتياطي النقدي عبر الاستيراد من إيران وروسيا.
وأضاف أن رفع سعر الخبز بنسبة 100% لن يحل أزمة الطوابير ولا قلة العرض بالأسواق، لأن مشكلة الخبز تكمن بتراجع محصول القمح إلى أقل من 1.5 مليون طن هذا الموسم ولا تزيد حصة النظام منها على 400 ألف طن، فيما يقدَّر استهلاك مناطق سيطرة النظام بأكثر من مليوني طن سنوياً.
وحول رفع أسعار أعلاف الحيوانات، يضيف المصبح أن ذلك سيزيد من أسعار الحليب ومشتقات الألبان، التي ستتأثر أصلاً بزيادة أسعار المازوت، مشيراً إلى أن سعر كيلو الحليب في العاصمة السورية دمشق حالياً 1200 ليرة.
زيادة الأجور، وقبلها زيادة أسعار المازوت والخبز، والأسبوع الماضي البنزين، ستزيد من معدل التضخم
وحسب مصادر خاصة من العاصمة السورية دمشق لـ"العربي الجديد"، بدأت الأفران بتقاضي السعر الجديد للخبز منذ أمس الأحد، "ولكن لم تزل الطوابير على الأفران"، مشيرة خلال اتصال هاتفي إلى وجود "سوق سوداء للخبز، إذ انتشرت بسطات بيع الخبز أمام الأفران تبيع الربطة بـ1800 ليرة وعلى مرأى الجهات الرقابية".
من جانبه، يرى الاقتصادي السوري صلاح يوسف، أن زيادة الأجور، وقبلها زيادة أسعار المازوت والخبز، والأسبوع الماضي البنزين، ستزيد من التضخم، "لأن التجار سيرفعون جميع الأسعار بعد زيادة أسعار المنتجات وتكاليف الإنتاج" ومن سيدفع ثمن التضخم برأي يوسف، هم الفقراء ومن لا أجر ثابتاً لديه.
ويتوقع يوسف خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن يموّل النظام زيادة الأجور بالعجز، سواء عبر الاقتراض من المصرف المركزي أو طبع عملة سورية جديدة بروسيا من فئة 1000 و5000 آلاف ليرة، وذلك من دون معادل بالعملات الأجنبية أو زيادة الإنتاج والصادرات، ما يعني مزيداً من تهاوي سعر الليرة.
ويعاني السوريون من الفقر المدقع، رغم زيادة الأجور إلى أكثر من 70 ألف ليرة، فيما تزيد تكاليف المعيشة للأسرة السورية، على مليون ليرة، حسب مراكز بحثية من دمشق.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت سابقاً من أنّ سورية مهددة بتفاقم أزمة الجوع، بسبب تدني محصول القمح هذا الموسم، مشيرة إلى أنّ الجفاف المستمر يهدد بتفاقم أزمة الجوع في البلد الذي تمزقه الحرب، نظراً لقلة القمح بسبب ضعف المحصول. ويبدو أن النظام مقبل على خطوة إزالة الدعم عن رغيف الخبز والبنزين.
وذكرت صحيفة "الوطن" الموالية، في تقرير لها، أن دعم هاتين المادتين (الخبز والبنزين) بات يشكل "عبئاً كبيراً على موازنة الدولة، في ظل ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج وصعوبة توفير المواد الأولية"، ملقية باللوم على العقوبات المفروضة على النظام، وخاصة بموجب قانون قيصر الأميركي، وتحدثت أيضاً عن عجز حكومة النظام عن ضبط من وصفتهم بـ"ضعاف النفوس".
وكانت وزارة التجارة لدى النظام قد رفعت، يوم الأربعاء الماضي، سعر ليتر البنزين من نوع "95 أوكتان" إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية، بعد أن كان يباع بـ2500 ليرة، بناءً على كتاب من وزارة النفط والثروة المعدنية.
وجاء ذلك بعد صدور قرار برفع أسعار السكر والأرز، وتحديد سعر مبيع كل من كيلوغرام السكر والأرز بألف ليرة سورية، بعد أن كان سعر كيلو السكر الواحد 500 ليرة وكيلو الأرز 600 ليرة.