سورية: خسائر باهظة لمزارعي سهل الغاب

سورية: خسائر باهظة لمزارعي سهل الغاب

02 ديسمبر 2021
تراجع المساحات الزراعية بسبب الحرب ونقص المياه (فرانس برس)
+ الخط -

يعدّ سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي من أهم سهول سورية، ويقع بين جبال اللاذقية غرباً وجبل الزاوية وشحشبو شرقاً، وبين مدينة جسر الشغور شمالاً وتل سلحب جنوباً.

ويحوي أكثر من 200 ألف دونم من الأراضي المروية الصالحة للزراعة، لكنّ معظمها بات خارج الخدمة بسبب سيطرة قوات النظام عليها وتحوّلها إلى منطقة عسكرية فاصلة بين الأخيرة وفصائل المعارضة المسلّحة.

ويعتبر هذا السهل من أكثر الأراضي السورية خصوبة، ويشكل سلة غذائية لمناطق الشمال، كما يزيد نهر العاصي مع روافده والسدود المقامة عليه من غنى هذه المنطقة، تضاف إلى ذلك خصوبة التربة التي أسهمت في تنوع محاصيله وجودتها، التي من أهمها القطن والشمندر السكري والتبغ والذرة والصفراء، والقمح بصنفيه القاسي والطري والشعير، والبقوليات بأنواعها مثل الفول والحمص والعدس والبازلاء، والخضار الموسمية كالبطاطا والبندورة والباذنجان والفليفلة والفاصولياء.

يقول بكار حميدي، وهو مزارع من بلدة الحويز في سهل الغاب، لـ"العربي الجديد": "سيطرت قوات النظام على أرضي التي تبلغ مساحتها 25 دونماً عام 2019، كما سيطرت على جميع أراضي سكان البلدة التي كانت تشتهر بوفرة مائها، وكانت تزرع بالقطن والشمندر والتبع والخضروات والقمح والشعير".

ويضيف أنّ خصوبة الأراضي ووفرة المياه كانتا تسمحان بزراعة ثلاثة مواسم على مدار العام، وكان الدونم الواحد ينتج نحو 200 كيلوغرام من القطن، وبحسبة بسيطة فإن الدونم كان يعود على عائلات المنطقة بـ250 دولاراً في العام على الأقل، إضافة إلى تلبية حاجتها من المحاصيل التي تتم زراعتها.

وبدوره، يقول المهندس الزراعي والموظف السابق لدى المديرية العامة لإدارة وتطوير سهل الغاب، غسان عبود، لـ"العربي الجديد": "ينقسم سهل الغاب إلى ناحيتين (الزيارة وقلعة المضيق)، وفيهما 10 وحدات إرشادية، كل إرشادية تتبع لها خمس قرى أو أكثر، وتبلغ المساحة الإجمالية لأراضي سهل الغاب الصالحة للزراعة أكثر من 200 ألف دونم، كانت تزرع بالحبوب والقطن والتبغ والشمندر السكري".

ويشير إلى أنّ قوات النظام سيطرت على 80 في المائة من الأراضي ناحية الزيارة، وهناك أيضاً 10 في المائة لا يستطيع المزارعون الوصول إليها بسبب تعرضها للقصف، والـ10 بالمائة المتبقية تتم زراعتها لكنها معرضة لخطر الحرائق نتيجة القصف، وهناك مساحة مزروعة بالقمح لا تقل عن 2500 دونم تحترق بسبب القصف كل عام.

وحسب عبّود، فإن عدد الأسر التي تعتمد على الزراعة يبلغ حوالي 35 ألف عائلة، 95 في المائة منها تمّ تهجيرها إلى داخل سورية وخارجها، ويزيد عدد الأفراد المتضررين عن 95 ألف نسمة، معظمهم أقاموا في المخيمات المنتشرة على الحدود التركية – السورية، وبات جزء كبير منهم يعتمد على المساعدات.

ويؤكّد أن الأراضي التي خرجت عن السيطرة تقدّر بنحو 175 ألف دونم، كانت تنتج سنوياً بما قيمته أكثر من 14 مليون دولار، وأن النظام استخدم 80 في المائة من الأراضي التي صادرها، إما عن طريق زراعتها بشكل مباشر، أو توزيعها على من يسمّون بالـ"شبيحة" بينما عرض أراضي أخرى في مزادات علنية.

الناشط مصعب الأشقر، يقول لـ"العربي الجديد" إن خسارة المواطنين لم تقتصر على الأراضي الزراعية، بل ترك المزارعون وراءهم مزارع سمكية وآليات كانت تستخدم في تلك الأراضي، ومعظمها بيعت في مزادات، يشرف عليها شبيحة للنظام من أبناء المنطقة. ويلفت إلى أنّ هذه الأراضي والممتلكات كانت تباع بحجة أنّ أصحابها من "الإرهابيين" أو مقرّبين من الإرهابيين الذين غادروا إلى مناطق الشمال السوري، وذلك من خلال قرارات ومراسيم صادرة عن مؤسسات النظام، الذي تناسى أنّه كان السبب في تهجير هؤلاء السكان.

ونتيجة لخسارة هذه المنطقة زراعياً ومناطق أخرى كانت تزرع بالقطن والشمندر السكري، لجأ النظام وفي أول مرة لاستيراد القطن، إذ وافق رئيس حكومة النظام، حسين عرنوس، في وقت سابق، على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة السماح للقطاع العام والصناعيين فقط باستيراد مادة القطن المحلوج والخيوط القطنية، لمدة ستة أشهر.

المساهمون