أثار تصريح رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، عن عدم قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين بعد انتهاء العام الجاري، موجة من الاستغراب والمخاوف لدى الموظفين الذين يعانون أصلاً من مشكلات اقتصادية من جرّاء غلاء الأسعار وانخفاض قيمة الدينار العراقي.
وقال الحلبوسي، خلال مشاركته في مؤتمر ينظمه "مركز الرافدين للحوار"، وهو منظمة محلية، إنه "لا يمكن استمرار الإنفاق من دون موازنة العام المقبل، بسبب عدم وجود منفذ قانوني، وهو ما أقره قانون الإدارة المالية"، مؤكداً أن "الحكومة لن تتمكن من صرف رواتب الموظفين، إلا من خلال تعمد المخالفة".
ولدى العراق 11 مليون شخص يتلقون رواتب شهرية من الدولة، وفقاً للنائب السابق لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي، الذي أكد في تصريحٍ سابق، أن "هؤلاء العراقيين موزعون بين موظفين ومتقاعدين وشرائح أخرى، وأن هناك عدداً متزايداً للباحثين عن عمل سنويا بنحو 300 ألف شخص من خريجي الجامعات والمعاهد بعموم مدن البلاد، جميعهم يبحثون عن عمل".
لكن عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي جمال كوجر، أشار إلى أن "أسعار النفط انخفضت قبل فترة لما دون 40 دولاراً ولم تتأثر رواتـب الموظفين"، متسائلاً "لماذا هناك مخاوف بسبب هبوط الأسعار إلى 80 دولاراً للبرميل؟".
وأوضح في تصريح صحافي نقلته صحيفة "الصباح" العراقية الرسمية اليوم الأربعاء، أن "رواتب الموظفين مؤمنة بالكامل وتصرف وفق مبدأ 1/12، في حال عدم إقرار الموازنة"، واصفاً "توقعات انهيار البلاد بسبب عدم تشكيل الحكومة بغير الواقعية وعدّها غير مقبولة".
وتابع أن "قانون الأمن الغذائي حمل الحكومة مسؤولية توفير التعاقد الوظيفي لمدة ثلاث سنوات ويقع على عاتق وزارتي المالية والتخطيط إعداد التعليمات الخاصة بالقانون"، مشيراً إلى أن "البرلمان شرّع هذا القانون ولم يتم الطعن فيه من قبل المحكمة الاتحادية، ما يعني أن هناك إمكانية لتشريع قوانين أخرى مماثلة له".
من جهته، بيَّن الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي، أن "رواتب الموظفين والمتقاعدين مؤمنة حتى ولو انخفض سعر برميل النفط إلى 50 دولاراً كما يقول أحد أعضاء اللجنة المالية البرلمانية، ويشرح أن الأسعار ذاتها قد انخفضت عام 2020 إلى نحو 38 دولاراً للبرميل ولم تنقطع الرواتب".
وأضاف في تدوينة أن "هذا كلام دقيق جداً، ولكن الثمن كان رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار بنسبة 23% وخسر الموظفون ربع رواتبهم الحقيقية فيما خسر الفقراء جزءاً كبيراً من قوتهم الشرائية نتيجة لارتفاع أسعار السلع".
وتابع: "وكان الثمن أيضاً ارتفاع الدين الداخلي في العراق بمقدار 30 تريليون دينار ليصل إلى 68 تريليون دينار"، مستطرداً بالقول: "لا تقلقوا ما دام هناك رصيد في البنك المركزي العراقي يصل إلى 85 مليار دولار، فبالإمكان الاقتراض منه ولو بشكل غير مباشر لتسديد الرواتب، حتى لو تجاوز الدين الداخلي حاجز الـ 100 تريليون دينار، وإذا لم يكفِ، فمن الممكن رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار مرة أخرى".