"بلومبيرغ": ارتفاع التأمين على ديون مصر السيادية إلى مستوى قياسي

"بلومبيرغ": ارتفاع التأمين على ديون مصر السيادية إلى مستوى قياسي خشية التخلف عن السداد

27 ابريل 2023
المقرضون والمستثمرون ينتظرون من الحكومة ما يعتبرونه "إصلاحات جدية" (فرانس برس)
+ الخط -

أصبحت أسواق الدين في مصر في حالة تأهب بسبب التهديد بفقدان دفعة من سنداتها في غضون عام، وسط تحذيرات متزايدة من احتمال تخلف الدولة عن سداد ديونها مع ارتفاع حدة المخاطر المحيطة باقتصادها، وهذا ما رفع قياسيا كلفة التأمين عليها.

إذ يبدو أن وقت الأزمة أصبح أقرب، لأن بعض المستثمرين يفقدون الثقة في حكومة تكافح لاستعادة الوصول إلى التمويل الخارجي بعد سلسلة من الأزمات، وفقا لتقرير موسّع أوردته شبكة "بلومبيرغ" صباح اليوم الخميس.

وزادت تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون السيادية في الأشهر الـ12 المقبلة إلى مستوى قياسي، ما أدى إلى حدوث حالة شاذة أدت إلى زيادة أقساط التأمين على العقود التي تبلغ مدتها 5 سنوات إلى أوسع نطاق على الإطلاق.

ويجرى تداول حوالي 33.7 مليار دولار من سندات اليوروبوند المصرية، أو حوالي 86% من أوراقها المالية الخارجية القائمة، بهامش 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، وهو الحد الأدنى للديون التي يجب اعتبارها متعثرة.

ونقلت "بلومبيرغ" اليوم الخميس، عن المحلل في "كولومبيا ثريدنيدل للاستثمارات" في لندن جوردون باورز، قوله إن "الانعكاس في منحنى الائتمان يدل بالتأكيد على تسعير السوق في إطار احتمال أكبر لمخاطر التخلف عن السداد في المدى القريب".

أمام هذا الواقع، أرجأ صندوق النقد الدولي مراجعته برنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، فيما لم تحصل مصر على مليارات الدولارات من التمويل الموعود من دول الخليج، مع سعي المقرضين للحصول على أدلة أكبر على أن السلطات تمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات التي أُعلن عنها في ديسمبر/كانون الأول لعام 2022.

ويجعل عدم الوضوح من الصعب على الحكومة المضي قدما والحصول على الأموال التي تحتاج إليها لتغطية احتياجات الإنفاق. وإضافة إلى هذا الضغط، خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيفات الائتمانية التوقعات بشأن درجة الائتمان البالغة حاليا "بي" B لمصر إلى "سلبية" في نهاية الأسبوع الماضي، مع نظرة أكثر تشاؤما للوضع المالي للبلاد من صندوق النقد.

يتم تداول حوالي 33.7 مليار دولار من سندات اليوروبوند المصرية، أو حوالي 86% من أوراقها المالية الخارجية القائمة، بهامش 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية

وقال باورز: "بدأ صبر السوق ينفد تماما بشأن عدم إحراز تقدم مع وجود إشارات إلى أن السلطات تلعب دورا صعبا عندما يكون لها اليد الأضعف في المفاوضات".

وارتفعت مقايضات التخلف عن السداد في مصر لمدة عام 1000 نقطة أساس هذا الشهر إلى 2283 في إغلاق نيويورك أمس الأربعاء. وبالمقارنة، ارتفع عقد الخمس سنوات بنحو 390 نقطة أساس ليصل إلى 1703 خلال الفترة نفسها.

وجرى تداول السندات الوطنية المستحقة في مايو/أيار 2024 عند أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 82 سنتا على الدولار أمس الأربعاء. وانخفضت ديونها ذات الاستحقاق الأطول بشكل أعمق في المنطقة المنكوبة، مع انخفاض الضمان المستحق 2061 عند حوالي 49 سنتا.

وتتعرض الدولة التي يزيد عدد سكانها عن 100 مليون نسمة، والتي تتعرض بشدة لموجات الصدمة الناجمة عن حرب أوكرانيا، إلى أسوأ أزمة في العملة الأجنبية منذ سنوات.

ويريد صندوق النقد أن يرى صفقات خصخصة لأصول الدولة ومرونة حقيقية في العملة المصرية قبل إجراء المراجعة الأولى، والتي كان قد اقتُرح في وقت سابق استكمالها في مارس/آذار المنصرم.

تقدر وكالة التصنيف الأميركية "موديز" إجمالي رصيد الدين الخارجي لمصر بنحو 155 مليار دولار وفقا لأرقام سبتمبر/أيلول 2022

تحديات التمويل

مدير الأموال في "نيوبيرغر بيرمان" في لاهاي الهولندية، كان نازلي، قال إن "السوق قلق بشكل متزايد بشأن تحديات التمويل" رغم أنه من غير المرجح أن تتخلف مصر عن السداد في المدى القريب.

وأضاف: "كي تتحول المعنويات بشكل أكثر حسما، سنحتاج إلى رؤية المزيد من الدعم الخارجي، في شكل زيادة في برنامج صندوق النقد أو تسريع مبيعات الأصول أو الدعم الخليجي، أو هذه الأمور معا بشكل مثالي".

وفي تقييم صارم للمخاطر التي تواجه مصر، حذرت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" أيضا، أمس الأربعاء، من أن المخاطر على "القدرة على تحمل الديون واستدامة الديون" للحكومة آخذة في الارتفاع، بعد تقدم أبطأ مما كان متوقعا في مبيعات الأصول واستئناف سحب التدفقات وتضرر سيولة الصرف الأجنبي.

وفي حين يؤدي ضعف الجنيه المصري إلى تضخيم قيمة المطلوبات المقومة بالعملات الأجنبية، ستكافح مصر لتحقيق "خفض ذي مغزى" في نسبة الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما توقعته وكالة "موديز" عند 91.3% للعام المالي 2023.

عبء الدين

هذا وتقدر وكالة التصنيف إجمالي رصيد الدين الخارجي لمصر بنحو 155 مليار دولار وفقا لأرقام سبتمبر/أيلول 2022، منها 27.5 مليار دولار التزامات قصيرة الأجل، علما أن "موديز" لديها أدنى تصنيف سيادي لمصر من بين وكالات تقييم الائتمان الثلاث الرئيسية بعد خفض التصنيف في فبراير/شباط إلى "بي3" B3.

حذرت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" أيضا أمس الأربعاء، من أن المخاطر على "القدرة على تحمل الديون واستدامة الديون" للحكومة آخذة في الارتفاع

وقالت "موديز" إن "ملف استحقاق الدين الخارجي الكبير في مصر أصبح يمثل تحديا متزايدا. وفيما أحرزت الحكومة تقدما كبيرا في وضع اللمسات الأخيرة على مصادر التمويل الخارجي للسنة المالية 2024، تعتمد خطة التمويل أيضا على الوصول المستمر إلى أسواق رأس المال، الذي لا يزال بعيد المنال في ظل العوائد المرتفعة الحالية".

باورز رأى، من جهته، أنه "رغم أن المستثمرين أصبحوا أكثر قلقا تجاه مصر في الأشهر الأخيرة، إلا أن البلاد لديها الوقت لإصلاح مشكلاتها في غضون العامين المقبلين، وتجنب التعثر في السداد نظرا لأن وضع السيولة لديها أفضل من الاقتصادات النامية المتعثرة مثل باكستان".

ولفت إلى أن الدولة لديها احتياطيات كافية لتغطية إجمالي احتياجات التمويل الخارجي الإجمالية بنحو 27 مليار دولار خلال السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران 2024، معتبرا أن "من الواضح أنه ليس مثاليا لسحب الاحتياطيات، لكن في أسوأ السيناريوهات، لا يزال بإمكاننا توقع تلقي المزيد من مدفوعات الكوبون قبل إعادة الهيكلة".

المساهمون