انحسار صفقات الدمج والاستحواذ العالمية في الربع الثاني من 2023

انحسار صفقات الدمج والاستحواذ العالمية في الربع الثاني من 2023

30 يونيو 2023
ثمة تفاؤل بأن يعيد انتعاش سوق الأسهم ثقة الرؤساء التنفيذيين في إبرام الصفقات (رويترز)
+ الخط -

أظهرت بيانات شركة "ديلوجيك" المتخصصة انحسار نشاط عمليات الدمج والاستحواذ (M&A) العالمية بنسبة 36% في الربع الثاني لهذا العام على أساس سنوي، لكن مصرفيين ومحامين استثماريين نقلت عنهم "رويترز" تفاؤلهم بأنّ انتعاش سوق الأسهم سيعيد تدريجياً ثقة الرؤساء التنفيذيين في إبرام الصفقات.

انخفضت القيمة الإجمالية لعمليات الدمج والاستحواذ إلى 732.82 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2023، نزولاً من 1.14 تريليون دولار في الربع الثاني من عام 2022، وفقاً لبيانات "ديلوجيك" حتى أمس الخميس، حيث أبقت معدلات الفائدة المرتفعة والمواجهة بشأن سقف الدين الأميركي صانعي الصفقات في حيرة من أمرهم.

وتعليقاً على ذلك، يقول رئيس قسم الشركات في شركة المحاماة "غوتشال ومانياز ووايل" مايكل أيلو، لـ"رويترز"، إنّ "عدم اليقين العالمي هو أكثر ما يؤثر في عمليات الدمج والاستحواذ، لأنه يجعل المعنيين غير مرتاحين".

ومع ذلك، كانت الحصيلة الفصلية أعلى من تلك المحققة في الربع الأول من 2023، عندما تم الإعلان عن صفقات بقيمة 601.32 مليار دولار، بما يعطي أسباباً للتفاؤل لأولئك الذين يجادلون بأنّ الانتعاش في سوق الاندماج والاستحواذ قد بدأ فعلاً.

في هذا السياق، يقول رئيس بنك الاستثمار "لازارد" ريموند ماكغواير، لـ"رويترز": "وصلنا إلى القاع. وكي تواصل الشركات المنافسة محلياً وعالمياً، سيتعين عليها أن تنمو.. سنشهد زيادة في النشاط الاستراتيجي".

في الولايات المتحدة، انخفضت أحجام عمليات الدمج والاستحواذ 30% إلى 318.4 مليار دولار، بينما تقلصت أحجامها في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ 49% و24% على التوالي.

حول هذه النقطة، يقول رئيس عمليات الدمج والاستحواذ العالمية في "بنك أوف أميركا"، ستيف بارونوف، لـ"رويترز": "يميل الناس للنظر إلى العام السابق فقط، لكن إذا نظرت إلى النشاط على مدى 10 سنوات أو فترة 20 عاما، فنحن في بيئة اندماج واستحواذ ليست حمراء كما كانت في عام 2021".

أبرز صفقات الدمج والاستحواذ في الربع الأول من 2023

هذا وتضمنت الصفقات الرئيسية خلال الربع الأول من العام الجاري، استحواذ شركة "ماجلان ميدستريم بارتنرز" على شركة "ون أوكي" التي تركز على الغاز الطبيعي بقيمة 19 مليار دولار، واستحواذ شركة "بانج" لتجارة الحبوب على منافستها "فيتيرا" بقيمة 17.3 مليار دولار، وصفقة تملك "كاريير غلوبال" بقيمة 13.2 مليار دولار لوحدة حلول المناخ التابعة لمجموعة "فايسمان" الألمانية.

ويبيّن الرئيس العالمي لعمليات الدمج والاستحواذ في "مورغان ستانلي" جون كولينز، لـ"رويترز"، أنّ "المزيد من الصفقات يبدأ الآن على المستوى الثنائي وليس كجزء من عملية واسعة النطاق. وفي كثير من الحالات، ما تراه هو أنّ الأطراف ستبدأ في إجراء مناقشات، وبعد ذلك ستعمل المصارف على جانب البيع مع عملائها".

عين المستحوذين على أسهم الشركات المخفقة في التعافي

وارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 14.5% منذ بداية العام. ويقول صانعو الصفقات إنّ أسهم الشركات التي تأخرت في تعافي السوق أصبحت في بعض الأحيان أهدافاً للاستحواذ، لا سيما عندما يكون لديها مساهمون كبار يمكنهم جعلها خاصة.

في هذا الجانب، يقول الرئيس المشارك لعمليات الدمج والاستحواذ الأميركية في "فريشفيلدز براكهوس ديرنغر" إيثان كلينغسبيرغ، لـ"روبترز": "خلال الأشهر الستة المقبلة، سيكون هناك الكثير من عمليات إعادة شراء الأسهم والكثير من المساهمين المسيطرين الذين يقترحون عمليات شراء لشركاتهم التابعة المدرجة في البورصة، وكلاهما مؤشر على الاعتقاد بأنّ الأسواق ستكون أقوى بحلول هذا الوقت من العام المقبل، ولا يتطلب أي منهما عادة تمويلاً استثنائياً".

ويرى مصرفيون ومحامون استثماريون أنّ البيئة الأكثر صعوبة لعمليات الاستحواذ بالديون جعلت عمليات الاستحواذ صعبة على شركات الأسهم الخاصة وساهمت في تراجع النشاط. وحتى الآن هذا العام، تراجعت أحجام الاستحواذ التي تقودها الأسهم الخاصة 59% إلى 196.66 مليار دولار على أساس سنوي.

ويعتقد رئيس قسم البنوك وأسواق رأس المال والاستشارات في "سيتي غروب" مانولو فالكو، في حديث لـ"رويترز"، أنه "لن تكون أعمال الأسهم الخاصة كما كانت من قبل، لكن يجب عليهم إثبات أنهم يبيعون الأصول ويستثمرون. وعليهم تعديل التقييمات وقبول أن منحنى سعر الفائدة هو ما هو عليه".

وفي حين أنّ أعمال الدمج والاستحواذ كانت معزولة نسبياً عن تأثير الأزمة المصرفية الإقليمية، حذر بعض المستشارين من تأثيرات مضاعفة محتملة على التوافر الأوسع للائتمان.

ومن هؤلاء الرئيس المشارك لشركة "سوليفان وكرومويل" سكوت ميلر، الذي يقول لـ"رويترز": "تمول تلك المصارف الإقليمية بعض أنشطة الدمج والاستحواذ في السوق المتوسطة، لكن إذا كان هناك قدر أقل من الائتمان المتاح للسوق المتوسط، أو للعقارات التجارية، والتي يتم تمويلها بشكل كبير من قبل هؤلاء، فقد يكون هناك بعض التأثير المتتالي على توافر الائتمان".

انخفاض القيمة الإجمالية لصفقات الدمج والاستحواذ أكثر من النصف

وانخفضت القيمة الإجمالية للصفقات الكبيرة بأكثر من النصف عن نفس الفترة من العام الماضي. ولم يتم التوقيع على صفقة واحدة تسمى صفقة ضخمة، والتي تشير عادة إلى معاملات تزيد قيمتها عن 25 مليار دولار، خلال هذا الربع.

أحد شركاء الاندماج والاستحواذ في شركة "سكادين، آربس، سلاين، ميغر وفلوم" هاوارد إلين، يقول لـ"رويترز"، إنّ "هذا لا يشبه الانهيار السريع الذي حصل في العام 2008. إذ لا يزال هناك قدر كبير من النشاط وإن كان منخفضاً بالنسبة للفترات المرتفعة بشكل غير عادي".

وفي الاتجاه عينه، يقول الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "جي بي مورغان" دواين ليساغت، لـ"رويترز"، إنّ الصفقات الكبيرة التي تشمل الشركات التي لها وجود في العديد من البلدان أصبحت أكثر صعوبة بسبب التدقيق المتزايد من مجموعات مختلفة من المنظمين في جميع أنحاء العالم، مضيفاً أنّ محامي مكافحة الاحتكار يتم إحضارهم إلى عمليات الندمج والاستحواذ في وقت أبكر بكثير من ذي قبل.

وخلال هذا الربع، وضعت "لجنة التجارة الفيدرالية" الأميركية قيوداً لمنع صفقات معلنة، بما في ذلك صفقة من "آمجين" بقيمة 27.8 مليار دولار لشراء "هورايزون ثيرابوتيكس"، وكذلك صفقة استحواذ "إيلومينا" على شركة "غرايل" لتصنيع اختبارات تشخيص السرطان.

في هذا الصدد، يقول أحد كبار شركاء الدمج والاستحواذ في شركة المحاماة "كيركلاند وإيليس" إريك شيل لـ"رويترز": "لم أرَ زيادة في الجذب في الصفقات العملاقة حقاً بالطريقة التي فعلناها قبل بضع سنوات"، معرباً في الوقت ذاته عن اعتقاده بأنه "في نهاية المطاف، ستتفوق الضرورة الصناعية للصفقات على الرياح المعاكسة. وعندما يحدث ذلك سيتم تنفيذ الصفقات بسرعة كبيرة وبقوة".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون