اليمن: مشاورات السلام تتجاهل الأزمات الاقتصادية والمعيشية

اليمن: مشاورات السلام تتجاهل الأزمات الاقتصادية والمعيشية

08 يوليو 2021
مفاوضات فرقاء اليمن لا تهتم بتحسين معيشة المواطنبن (Getty)
+ الخط -

تستمر تحركات ومشاورات إيقاف الحرب وإحلال السلام في اليمن والتي تجرى بشكل سري ويشوبها البطء الشديد وعديد من التعقيدات والملفات الصعبة والشائكة، في ظل تصعيد متواصل للمعارك الدائرة، خصوصاً في مأرب شرقي اليمن وتوسع الأزمات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية التي يكتوي بنيرانها معظم سكان البلاد.
وانتقد مراقبون الطريقة التي تجرى فيها هذه المباحثات المعقدة والتي لا تركز على حل أزمات ومشاكل اليمنيين الاقتصادية والمعيشية، إذ تبحث بشكل كبير تلبية المطالب الخاصة بأطراف الصراع الدائر ومكاسبهم المالية والاقتصادية وفي توزيع وتقاسم الثروات والمناصب فيما بينهم.
ويشير خبراء إلى أن المشاريع الصغيرة والأصغر مهملة وهي التي يجب أن تستحوذ على الاهتمام الأكبر من قبل جميع الأطراف ورعاة المشاورات الدوليين، من أجل وضع حد لتدهور الاقتصاد والعملة والبطالة المتفشية بشكل مريع وما ينتج عنها من توسع رقعة الفقر والجوع. وقالوا إن هذه المشاريع لا تقل أهمية عن إيقاف الحرب التي طال أمدها وتوسعت تبعاتها الكارثية.
في السياق، يحذّر أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء وعضو المرصد الاقتصادي اليمني، علي سيف كليب، من فوات الأوان لمعالجة هذه الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي أصبحت عبارة عن جحيم يحرق كل يوم المزيد من اليمنيين الذين لا يأبه بهم أحد، في ظل خطط غير مجدية في التعامل مع هذه الأزمات والتي تركز على تقديم الفتات من المساعدات الإغاثية والتي ينخرها فساد كبير يجعلها لا تصل إلى الفئات السكانية المستحقة لها.

ويقول كليب لـ"العربي الجديد" إن اليمن بعد ست سنوات حرب يعيش في مأساة حقيقية، وبطالة مدمرة وفقر وجوع، إذ فوت المجتمع الدولي فرصة حقيقية لمساعدة اليمنيين الذين أصبحت غالبيتهم بلا أعمال، وذلك في مؤتمر المانحين الأخير والذي كان يجب أن يركز على تخصيص ما نتج عنه من تمويلات في برامج تنموية هادفه من خلال دعم المشروعات الصغيرة والأعمال المتوسطة لما لها من مردود واسع وتأثير في امتصاص هذه الأزمات المتفجرة.
في هذا الخصوص، تكمن أهمية مؤسسات التمويل الأصغر في القيام بدور حيوي بالغ الأهمية للحد من البطالة وتوفير سبل العيش والتخفيف من الفقر من خلال تقديم الخدمات المالية الملائمة التي تشجع على الادخار وتمنح القروض اللازمة لذوي الدخل المحدود من الشباب والرجال والنساء لمساعدتهم على إقامة المشاريع الصغيرة وامتلاك الأصول الإنتاجية المدرة للدخل، حسب كليب.
وتظهر تقارير اقتصادية أن المنشآت الصغيرة ستمثل المصدر الرئيسي في توفير فرص العمل بنسبة تزيد على 70% خلال الفترة القادمة، في حال الاهتمام بها.
ويرى الباحث الاقتصادي، مختار المسعودي، أن التركيز الكلي للتحركات الهادفة لتحقيق تقارب بين أطراف الصراع في اليمن تبحث تقاسم الموارد بين طرفي الحرب والنقد المطبوع والاستفادة من عائدات النفط والغاز سواء المستورد عبر ميناء الحديدة أو ما يتم تصديره من قبل الحكومة اليمنية، والتي تذهب عائداته إلى جيوب المسؤولين في الحكومة والمتناثرين على عدة عواصم عربية.

وحسب المسعودي في حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن رواتب الموظفين المدنيين المتوقفة منذ أربع سنوات لا تحظى بأي اهتمام في المشاورات بين الأطراف المتصارعة على الرغم من كونها أحد الأسباب الرئيسية في تفجير أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة، ناهيك عن تجاهل مراكز ومنشآت التعليم الفني والمهني التي دمرتها الحرب.
ويشهد سوق العمل في اليمن تحديات واختلالات متعددة تتطلب شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص للتغلب عليها، حيث أن هناك مشاكل مرتبطة في عدم ملائمة مخرجات التعليم للاحتياجات الاقتصادية والاستثمارية. وتؤكد مؤسسات الأعمال المحدودة المتبقية أنها تواجه صعوبة في إيجاد عدد كاف من الكوادر المؤهلة لتلبية احتياجات عملها، في إطار الجهود الرامية لامتصاص البطالة.
ويتطرق عضو الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في اليمن، علي عيسى، إلى القطاع الخاص الذي يمكنه وفق حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يلعب دورا واسعا وقياديا في عملية انتشال المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي توقفت بسبب الحرب الدائرة في البلاد، وذلك من خلال استيعاب أي تمويلات يمكن تخصيصها في هذا الاتجاه وتنفيذ المشاريع التنموية وخلق فرص عمل عديدة تسهم في الحد من البطالة ومكافحة الفقر.
ويرى ضرورة استشعار الأطراف المعنية لدور القطاع الخاص الذي يمكن أن يلعبه في عملية التشغيل والقيام بواجب تنموي وقدرته على المساهمة الفاعلة في الحد من البطالة واستقطاب الأيادي العاملة وتوفير البيئة المناسبة لها للإبداع والإنتاجية.

المساهمون