الميلاد في ظل الأزمة الاقتصادية في لبنان: موائد بلا أطباق العيد

الميلاد في ظل الأزمة الاقتصادية في لبنان: موائد بلا أطباق العيد

25 ديسمبر 2021
ارتفاع كبير في سعر حلوى العيد (حسين بيضون)
+ الخط -

اعتادت سارة أن تمضي عيد الميلاد مع أقاربها في جنوب لبنان الذين يجتمعون كل سنة على طاولة العشاء بانتظار فتح الهدايا. لكن هذا العام، فضلت الشابة البقاء مع والدَيْها في المنزل في بيروت لأن التكاليف التي ستتكبّدها تفوق راتب شهر تتقاضاه.

تشرح لـ "العربي الجديد" قائلة: "احتاج إلى 600 ألف ليرة لتعبئة سيارتي بالوقود، ومليون ليرة بالحد الأدنى لإحضار هدايا للأولاد ومليون ليرة أخرى لشراء هدية لفرد من العائلة بينما كان هذا المبلغ يشتري هدايا أقله لخمسة أشخاص".

وتضيف أنها تحتاج إلى "إنفاق 400 ألف ليرة بالحد الأدنى لشراء كعكة العيد بينما راتبي لا يتخطى 3 ملايين ليرة، لذلك سأحضر العشاء البسيط، وربما نعيّد على ضوء الشمعة إذا كانت الكهرباء مقطوعة وسنجتمع نحن الثلاثة ونستمتع بجوهر العيد مع غصّة طبعا وحنين لجمعة الأحباء والتقاليد التي اعتدنا على ممارستها".

وضع سارة لا يختلف عن نادين التي تعتبر "هذه السنة أسوأ ما مرّ عليها في حياتها، "الفرحة لم تطرق بابنا. كل شيء يختلف، شجرة العيد لم نجدّدها وكذلك الزينة حتى أن بعض الكرات بهت لونها، نوعية الهدايا وعددها تغيّر، طاولة العشاء انقلبت، الملابس تكّررت، كيف لا وثمن قطعة الملابس يصل إلى 500 ألف ليرة أقله، أما الألعاب فإما بالدولار أو بأسعار مرتفعة جداً منها ما يوازي مرتب موظف عام".

وتضيف: "كنا نجتمع 15 شخصا كل عام، الكثير من أفراد العائلة تركوا البلاد والآخرون مهمومون مثلنا بحياتهم اليومية، لذلك سأجتمع مع عائلتي الصغيرة ونحضر عشاء خفيفا، ونستبدل حبشة العيد بالدجاج".

وفي جولة على أسعار بعض الأطباق أو المأكولات التي تشتهر في عيد الميلاد، تبين أن الحبشة الجاهزة تبدأ بمليون ليرة لبنانية، المكسرات 200 ألف بالحد الأدنى، كيلو الكستناء يتراوح بين 175 ألفا و180 ألف ليرة، جبنة الراكليت بين 90 و98 ألف ليرة 200 غرام، رقاقات جبنة 12 حبة تبدأ من 50 ألف ليرة لتلك المثلجة، قالب القشقوان 700 غرام بحوالي 192 ألفا.

أما المعجنات فأصبح سعر الحبة الواحدة الصغيرة يبدأ من خمسة آلاف ليرة للزعتر، ويرتفع إذا كانت لحماً أو جبنة أو كشكاً أو بيتزا. على صعيد الحلويات، فإن كعكة جذع الشجرة يبدأ "عداد" سعرها من 300 ألف ليرة بالحجم الصغير ومنها يصل إلى مليونين وثلاثة ملايين ليرة لبنانية في أسعار خيالية فاقت أكثر من أربعة أضعاف أسعارها السابقة، بينما الشوكولا الذي يعد أيضا من ضيافة العيد فقد يبدأ سعر الكيلو من 150 ألفا تبعا لكل متجر.

يقول الشيف أنطوان الحاج لـ"العربي الجديد" إنه في الظروف الراهنة أقل عشاء للعيد يكلف 500 ألف ليرة لبنانية، وهذا يعد عشاء الفقير. يلفت الحاج المعروف بـ"الشيف أنطوان" إلى أن الحبشة مثلا كانت كلفتها 100 إلى 150 ألف ليرة قبل الأزمة عندما كان الدولار يساوي 1500 ليرة وأصبحت الحبشة "النيئة" غير الجاهزة يصل سعرها إلى مليون ليرة وبالتالي يتجاوز ثمنها المليون ونصفاً إلى مليونين ليرة إذا كانت جاهزة ومع المكسرات ومعمولة وفق الأصول وكل المكونات.

في المقابل، يقول الشيف أنطوان يمكن الاستعاضة عن الحبشة مثلا بدجاجة أو ديك بلدي مع الرز إلى جانبه أو الخضار حسب كل عائلة، أما الكستناء الذي وصل سعر الكيلو منه إلى ما يفوق 160 ألف ليرة بالصنف التركي أي الجيد الذي يقشر بسهولة فيمكن شراء كمية صغيرة على عدد الأشخاص وطبخه بالزبدة والسكر والملح مع إضافة كسر الكاجو أو الفستق السوداني بعد قليها لوضعها على ظهر الدجاجة وبهذه الحالة يكون لدينا طبق كالحبشة.

أما على صعيد "كعكة جذع الشجرة"، فيمكن بحسب "الشيف أنطوان" إعداد أو شراء قالب كاتو عادي ونطلب إضافة بعض الزينة إليه التي تستخدم لتزيين كعكة العيد مثل بابا نويل وشمسية وعبارة "ماري كريسماس" ولو زاد سعره قليلا يبقى أقل كلفة بكثير من شراء كعكة جذع الشجرة، مع العلم أنها تقليد سنوي مرتبط بعيد الميلاد وأصلاً سعرها غالٍ ككل الحلويات المرتبطة بالأعياد حيث يصار إلى استغلال المناسبة لزيادة الأرباح.

واختلفت تقاليد عيد الميلاد حتى بتبادل الهدايا، وقد فضل الكثير من الناس إعطاء مبلغ مالي معين نقدا بدل شراء هدية فأولا للاستفادة من المال بأمور أساسية وثانيا لأنه لا توجد أي هدية من المتجر بأقل من 500 ألف ليرة. في حين أنه وفي جولة على بعض المتاجر الكبرى في بيروت والضبية، تبين أن أغلبية من يشتري هدايا بكميات كبيرة وبأسعار مرتفعة هم من المغتربين.

المساهمون