السياسة الصينية الصارمة ضد كورونا قد تهدد صناعة التقنية والسيارات

السياسة الصينية الصارمة في محاربة كورونا قد تهدد صناعة التقنية والسيارات العالمية

28 نوفمبر 2022
احتجاجات ضد سياسة "صفر كوفيد" في الصين (Getty)
+ الخط -

حذّر خبراء اقتصاد دوليون من التداعيات الخطرة لسياسة الصين الرامية للقضاء تماماً على جائحة كورونا، والتي أطلقت عليها "صفر كوفيد"، على سلاسل التوريد العالمية ونمو الاقتصاد الصيني وثقة المستهلكين، وتداعياتها على الاقتصاد العالمي.

وترى الخبيرة بمصرف "سانتاندير" الإسباني، أليشا غارسيا هيرورو، في تحليل أن سياسة الصين لمكافحة جائحة كورونا ستكون لها تداعيات خطرة على الاقتصاد العالمي، وربما تفوق تداعياتها الحرب الروسية في أوكرانيا.

وقالت هيرورو إن حجم الاقتصاد الصيني ضخم، ويعادل 10 مرات حجم الاقتصاد الروسي.

ويقدر حجم الاقتصاد الصيني بأكثر من 13 تريليون دولار، ويرتبط بشبكة تصدير وسلاسل إمداد واسعة بالاقتصاد العالمي، مقارنة بالاقتصاد الروسي، الذي ينحصر دوره في السلع الأولية والمواد الغذائية. 

مسؤول بهواوي: سياسة الصين الصارمة للقضاء على الجائحة قد تتسبب في خسائر فادحة لصناعة التكنولوجيا، وتعرّض اقتصاد البلاد لخطر أكبر

من جانبه، حذر مسؤول تنفيذي كبير في شركة هواوي الصينية من أن سياسة الصين الصارمة للقضاء على جائحة "كوفيد" قد تتسبب في "خسائر فادحة" لصناعة التكنولوجيا الصينية، مما سيعرّض اقتصاد البلاد برمته وسلاسل التوريد العالمية لخطر أكبر.

وقال رئيس قسم المستهلكين والسيارات في "هواوي"، ريتشارد يو تشنغ دونغ، في بيان الأسبوع الماضي: "إذا لم تستطع شنغهاي استئناف الإنتاج بحلول شهر مايو/أيار المقبل، فإن جميع شركات التقنية والصناعة التي لديها سلاسل إمداد في الصين ستتوقف تماماً، لا سيما صناعة السيارات".

وتشير تعليقات اقتصادية إلى أن سياسة "صفر كوفيد" تثير مخاوف الشباب من مستقبل وظائفهم، خاصة بعد إغلاق مقاطعة شنغهاي التي تعد من أهم المقاطعات المالية في البلاد.

ومع استمرار الإغلاق في المركز المالي الرئيسي بشنغهاي، وإغلاق أكبر ميناء للحاويات في العالم بالمقاطعة، تتواصل التحذيرات من التكاليف الباهظة التي ربما سيتكبدها الاقتصاد الصيني وسلاسل التوريد العالمية من سياسة "صفر كوفيد".

ويقدر اقتصاديون تكلفة إغلاق المركز المالي بشنغهاي وحده لمدة شهر واحد فقط بنحو 6% من إجمالي الناتج المحلي لمقاطعة شنغهاي، وهو ما يترجم إلى خسارة 2% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وتستضيف مدينة شنغهاي المركز المالي الرئيسي بالصين، كما أنها المركز التجاري الرئيسي في البر الصيني.

يقدر اقتصاديون تكلفة إغلاق المركز المالي بشنغهاي وحده لمدة شهر واحد بنحو 6% من إجمالي الناتج المحلي للمقاطعة

في السياق، قالت الخبيرة بمعهد بيترسون الأميركي للدراسات الاقتصادية العالمية بواشنطن، ماري أي لفلي، في تحليل على موقع المعهد: "أدت عمليات الإغلاق إلى الخوف على نطاق واسع في الصين من فقدان الوظائف وخفض الأجور، وكانت النتيجة زعزعة ثقة المستهلك".

وحسب الخبيرة لفلي، تراجع إنفاق الأسر الصينية بمعدل كبير، مما أدى إلى انخفاض سريع في النمو الاستهلاكي بالبلاد، وهو ما يشير إلى أن مؤشر نمو المستهلكين بالصين سيكون ضعيفاً خلال العام الجاري.

وتراجعت التوقعات لنمو الاقتصاد الصيني من أكثر من 5% في بداية العام بنحو 2% خلال الشهور الأخيرة. وحتى مع قيام الدول في جميع أنحاء العالم برفع قيود كورونا، لا تُظهر الصين حتى الآن أية علامة على تخفيف سياستها الصارمة الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا. 

وتساءل الخبير الاقتصادي الصيني شانغ جن وي، في مقال بموقع "بروجكت سندكت": "هل حان الوقت لكي تتبنى الدولة نهجاً أقل حدة في محاربة جائحة كورونا بسبب الكلفة الباهظة على الاقتصاد؟".

وتوقعت الحكومة الصينية والعديد من البنوك الاستثمارية في العالم أن ينمو اقتصادها بنحو 5.5% في بداية العام الجاري 2022، على افتراض أن تعمد السلطات الصينية إلى رفع قيود كورونا.

وبدلاً من ذلك، واصلت الحكومة الصينية سياستها الصارمة، ما أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي في الصين إلى نحو 3.3% هذا العام. ويقدر الاقتصادي شانغ جن وي أن تبلغ كلفة السياسة الصارمة لمحاربة كورونا نحو 384 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي الصيني خلال العام الجاري.

"غولمان ساكس" يتوقع إنهاء "صفر كوفيد" قبل أبريل

من جانبه يتوقع مصرف "غولمان ساكس جروب" الاستثماري إنهاء سياسة "صفر كوفيد" قبل شهر أبريل المقبل، أي في وقت مبكر كثيرًا عما كان متوقعًا، وذلك بعد الاحتجاجات التي شهدتها أنحاء البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي بسبب تشديد الرقابة المتعلق بفيروس "كوفيد-19".

ووفق وكالة "بلومبيرغ"، قالت هوي شان كبيرة الاقتصاديين الصينيين لدى البنك الأميركي في مذكرة إن "غولمان ساكس" يتوقع بنسبة 30% إعادة تشغيل اقتصاد الصين قبل الربع الثاني من عام 2023.

وأوضحت شان أن الحكومة المركزية في الصين قد تصبح بحاجة قريبًا للاختيار بين المزيد من عمليات الإغلاق والمزيد من انتشار "كوفيد-19".

وكتب اقتصاديو "كومرتس بنك" الألماني في مذكرة صدرت يوم الإثنين: يسلط الوضع الحالي الضوء على التحدي الذي تواجهه الصين في الحفاظ على سياسة "صفر كوفيد"، مع محاولتها تنفيذ إجراءات أقل صرامة.

وتعد الأسهم الصينية هي الأسوأ أداءً في آسيا اليوم الاثنين وسط قلق المستثمرين من أن الاحتجاجات تخلق المزيد من عدم اليقين بشأن مسار البلاد نحو إعادة التشغيل.  وخلال التعاملات هبط مؤشر الأسهم الصينية "سي إس آي 300" بنسبة 2.8%، مسجلاً أكبر تراجع في أكثر من شهر.

المساهمون