السعودية تُبقي "صلة رحم" تجارية مع نظام الأسد

السعودية تُبقي "صلة رحم" تجارية مع نظام الأسد

20 أكتوبر 2020
عاودت الرياض علاقاتها التجارية بنظام الأسد منذ عام 2016 (فرانس برس)
+ الخط -

رغم المقاطعة السياسية والاقتصادية المعلنة من جانب السعودية وحلفائها لنظام بشار الأسد، إلا أن الوقائع والأرقام تكشف عن حقيقة أن الرياض استأنفت بعض علاقاتها التجارية مع دمشق منذ عام 2016.

فقد تجاوز التبادل التجاري بين نظام الأسد والسعودية، حتى نهاية يوليو/ تموز، 140.37 مليار ليرة، حيث بلغت حصة الواردات السورية من المملكة 370 مليون ليرة، علماً أن الريال يعادل 336.5 ليرة، بحسب المصرف المركزي السوري.

وبحسب موقع "الاقتصادي" السوري، نقلاً عن "الهيئة العامة للإحصاء السعودية"، ارتفعت قيمة صادرات سورية للسعودية خلال فترة الأشهر السبعة الأولى من عام 2000 بمقدار 76 مليون ريال، مسجلةً 412.5 مليون ريال، فيما كانت 336.5 مليون ريال في الفترة المماثلة من العام الماضي، لتنخفض بالمقابل واردات سورية من المملكة بمقدار 1.9 مليون ريال خلال أول 7 أشهر من العام الجاري، مسجلةً 1.1 مليون ريال، مقابل 3 ملايين ريال.

وكان شهر يوليو/ تموز الماضي الأكثر تبادلاً بين البلدين، إذ صدّرت سورية خلاله إلى السعودية بقيمة 83.8 مليون ريال "28.2 مليار ليرة"، مقابل 70.9 مليون ريال صادرات يوليو/ تموز من العام الماضي.

وتحمل أرقام التبادل التجاري بين نظام الأسد والدول العربية التي أعلنت المقاطعة والحصار، وفي مقدمتها السعودية، تساؤلات كثيرة عن جدية المقاطعة التي تراخت خلال السنوات الأخيرة، بعد الزيارات المتكررة لمسؤولين ومنظمات عربية وإعادة فتح قنصليات وسفارات وزيارات، كانت أفقعها زيارة رئيس السودان المخلوع، عمر حسن البشير في ديسمبر/ كانون الأول 2018 لدمشق ولقاؤه بشار الأسد.

ويتساءل مراقبون عن جدية قطع العلاقات التي أعلنتها الدول العربية منذ جمدت "جامعة الدول العربية" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، مقعد سورية، رفضاً للجوء الأسد إلى القتل والحل العسكري لإخماد ثورة السوريين.

ويقول رجل الأعمال السعودي "مصطفى. ص" إن العلاقات السورية مع بلاده بقيت مقطوعة حتى عام 2016، وقت بدأت الحركة التجارية بالعودة وعبر وسطاء، من دول وتجار، ولكن بعد ذاك عادت السلع السورية إلى الأسواق السعودية، ولكن بكميات أقل مما كانت عليه قبل عام 2011، لتزيد خلال الأشهر الماضية بعد دخول شاحنات من سورية ولبنان عبر الأردن إلى السعودية.

ويضيف رجل الأعمال السعودي لـ"العربي الجديد": تأتينا السلع السورية عبر الأردن، وبمقدمتها الخضار واللحوم والصناعات الغذائية، وهي موضع قبول وطلب لدى السعوديين، لأن للمنتج السوري خصوصية وطعماً لا تحظى به السلع الصينية أو حتى الأوروبية التي تدخل المملكة، مشيراً إلى تفضيل استهلاك السوريين المقيمين في المملكة لمنتجات بلادهم.

ويختم السعودي بالقول: "نحن ننظر بعين المنفعة خلال التبادل أو الاستهلاك"، معتبراً أنّ من الضروري تفريق السياسة عن الاقتصاد ومصالح الشعوب.

في المقابل، يقول الاقتصادي السوري حسين جميل لـ"العربي الجديد": لم تنقطع علاقات الأسد بالكامل مع أي نظام عربي، بل كانت هناك لقاءات عبر وسطاء وزيارات أمنية وسفر مسؤولين سوريين عبر مطارات دول الجوار، "وهنا لا نتكلم عن الدول التي رفضت منذ البداية قطع العلاقات، كالعراق ولبنان".

ويضيف جميل أن السعودية بدلت مواقفها من النظام السوري منذ ثلاثة أعوام، ففي الوقت الذي تضيّق خلاله على السوريين المقيمين في المملكة، تزيد التواصل، الأمني والتجاري مع نظام الأسد، متوقعاً زيادة حجم التبادل التجاري خلال الربع الأخير من العام الجاري، بعد أن منحت السعودية أخيراً فيزا للسائق السوري ليدخل أراضيها عبر معبر الحديثة الحدودي مع الأردن.

ويلفت الاقتصادي السوري أنّ منح سائقي الشاحنات السورية للسعودية يعني الدخول لمنطقة الخليج، فبعد إعادة فتح معبر نصيب مع الأردن والسماح السعودي، سيزداد نقل البضائع من سورية وإليها، مشيراً إلى أن الخضر والفواكه والخراف والألبسة والصناعات الغذائية، بمقدمة الصادرات السورية للخليج.

ورأى جميل أنّ من التضليل النظر إلى أن إعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد، ستصبّ في مصلحة الشعب السوري، بل على العكس، كلما فشل العزل الاقتصادي وزاد الانفتاح على نظام الأسد، زاد حرمان السوريين وتجويعهم، فكسر الحصار يخدم النظام ويقويه على كرسي الحكم فقط.

وبحسب بيانات وزارة التجارة السوري التي اطلع عليها "العربي الجديد"، لم يكن من حصار اقتصادي على نظام الأسد، وخاصة من الدول العربية التي أعلنت الحصار وقطع العلاقات، وإن تراجعت الأرقام خلال العام الماضي بسبب تراجع الإنتاج بسورية وزيادة العراقيل أمام المصدّرين السوريين، خاصة بعد سحب تمويل الصادرات ورفع سعر الدولار التصديري.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن صادرات سورية بلغت 523.3 مليون يورو، بزيادة قدرها 93 مليون يورو، ليسجل الميزان التجاري السوري عجزاً بـ 4.6 مليارات يورو عام 2019 بتحسن عن العجز بالعام السابق والبالغ 5.9 مليارات يورو.

وبالعودة إلى السعودية، مقصد رجال الأعمال السوريين الأول العام الماضي وخلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، تقول أرقام وزارة الاقتصاد بنظام الأسد، إن السعودية كانت أولاً بين الدول العشرين التي صدّرت لها سورية عام 2019 بواقع 74.5 مليون يورو، وبزيادة 19 مليون يورو عن عام 2018، ليأتي لبنان بالمرتبة الثانية.

وتلفت البيانات السورية الرسمية إلى أن 13 دولة عربية، بمقدمتها السعودية ومن ثم مصر، زادت تبادلاتها التجارية مع بشار الأسد، لتزيد قيمة الصادرات السورية للدول العربية تلك، العام الماضي على 344.8 مليون يورو.

وبقيت الصين في مقدمة شركاء نظام الأسد التجاريين بصادرات 718 مليون يورو العام الماضي، بزيادة قدرها 119 مليون يورو عن عام 2018، وتتراجع روسيا من المرتبة الثانية إلى المرتبة الرابعة العام الماضي، بعد تراجع صادراتها بنحو  69 مليون يورو.

المساهمون