الرئيس الإيراني يبدأ جولة اقتصادية أفريقية تتحدى العقوبات الأميركية

الرئيس الإيراني يبدأ جولة اقتصادية أفريقية تتحدى العقوبات الأميركية

12 يوليو 2023
الرئيس الكيني وليام روتو مستقبلاً نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي الأربعاء (فرانس برس)
+ الخط -

يتصدر الاقتصاد الجولة الأفريقية التي بدأها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الأربعاء، بحثا عن فرص جديدة للتجارة والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية الإيرانية الأفريقية التي ظلت خارج الحسابات الإيرانية لعقود، يعكسه حجم التجارة الضئيلة مع القارة السمراء، وهو ما أثار انتقادات داخلية متصاعدة خلال السنوات الأخيرة.

والآن رئيسي يدق الأبواب الأفريقية في مسعى لتدارك هذا الوضع وتدشين آفاق اقتصادية مع دول القارة، وسط تحد كبير تواجهه بلاده في تجارتها الخارجية، متمثل في العقوبات الأميركية التي تستهدف التجارة أساسا.

وركز الرئيس الإيراني على الاقتصاد في تصريحات فجر اليوم، في مطار طهران قبيل توجهه إلى الجولة الأفريقية التي تشمل كينيا وأوغندا وزيمبابوي، مؤكدا ضرورة "تبادل الطاقات" بين إيران وأفريقيا نظرا لـ"الثروة العظيمة والموارد الطبيعية والمعدنية الهائلة والمواهب الكبيرة" في هذه القارة.

كما أكد رئيسي ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية، قائلا إنه في مجالات الزراعة والتقنيات "ثمة فرص جيدة للتعاون"، مشيرا إلى أن حصة إيران من التجارة الدولية مع أفريقيا ضئيلة، ولا تتجاوز ملياراً و200 مليون دولار من 1200 مليار دولار تشكل حجم التجارة الأفريقية.

وبعد وصوله صباح الأربعاء إلى كينيا، المحطة الأولى لجولته، أكد الرئيس الإيراني، في مؤتمر صحافي مع نظيره الكيني ولام روتو، ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية مع هذا البلد، قائلا إن مستوى التجارة بين البلدين "منخفض وغير مقبول".

وقال إن بلاده مستعدة لنقل "تجاربها في مجال الاقتصاد والتقنيات" إلى كينيا، لافتا إلى التخطيط لمضاعفة نسبة التجارة 10 أضعاف في المرحلة الأولى ثم 20 و30 ضعفا في المستقبل، ومؤكدا أن طهران "تخطت العقوبات والتهديدات في مختلف المجالات".  

من جهته، قال الرئيس الكيني إن زيارة رئيسي "مثمرة وتشكل فرصة كبيرة لتوطيد أواصر الصداقة" مع إيران، حسب ما أوردت وكالة "إرنا" الإيرانية الحكومية، مضيفا أن "حضن كينيا مفتوح للتجار والمستثمرين الإيرانيين"، وكشف عن توقيع 5 مذكرات تعاون مع طهران في مجالات الاتصالات والصحة وتربية المواشي والصيد البحري.

زيادة وعقبات

يقول نائب رئيس "نادي تجار إيران والقارة الأفريقية"، روح الله لطيفي، لـ"العربي الجديد" إن زيارة الرئيس الإيراني إلى الدول الأفريقية الثلاث "تظهر عزيمة إيران لتطوير شامل للعلاقات مع أفريقيا"، مؤكدا أن هذه الزيارة بعد 11 عاما من محدودية التواصل، تشير إلى "الأهمية التي باتت تكتسبها القارة الأفريقية في السياسة الخارجية الإيرانية للحضور في الأسواق الجديدة". 

ويضيف لطيفي أن الزيارة تأتي على وقع نمو الصادرات الإيرانية إلى القارة الأفريقية بنسبة 100% خلال العامين الأخيرين بعد تشكيل الحكومة الإيرانية الـ13، مؤكدا أن الجولة "يمكنها أن تمهد لحل المشاكل البنيوية في العلاقات التجارية مع هذه القارة بغية تطويرها".

وعن العقبات أمام تطوير التجارة، يشير المتحدث السابق باسم الجمارك الإيرانية لـ"العربي الجديد" إلى عقبات النقل باتجاه أفريقيا والتحويلات النقدية والمالية، داعيا الحكومة الإيرانية إلى البحث عن حلول لها تقليلا لمخاطر التجارة مع أفريقيا، فضلا عن توفير "البنى التحتية اللازمة للتعريف بالأسواق المستهدفة وقياس حاجاتها والسلع الإيرانية، إلى جانب تعزيز ميزات الإنتاجات الإيرانية والسعي لخفض تعرفة دخول السلع الإيرانية إلى الأسواق الأفريقية من خلال إبرام الاتفاقيات التجارية التفضيلية".

حجم التجارة مع الدول الثلاث

وعن حجم التجارة الإيرانية مع الدول الثلاث (كينيا وأوغندا وزيمبابوي) التي يقصدها الرئيس الإيراني في جولته الأفريقية، يقول نائب نادي "تجار إيران وأفريقيا" إن التجارة الإيرانية مع هذه الدول بلغت العام الماضي نحو 74 مليون دولار، منها الصادرات الإيرانية بقيمة 54 مليونا و667 ألف دولار واستيراد سلع من تلك الدول بقيمة 19 مليونا و114 ألف دولار.

وتصدرت كينيا استيراد السلع من إيران بين الدول الثلاث، حسب لطيفي، الذي قال إن قيمة السلع الإيرانية المصدرة إلى كينيا بلغت 53.2 مليون دولار فيما بلغت التجارة مع أوغندا 1.2 مليون دولار ومع زيمبابوي 236 ألف دولار.

يوضح الناشط الاقتصادي الإيراني لـ"العربي الجديد" أن الزفت بقيمة 41 مليون دولار شكل نسبة 75% من الصادرات الإيرانية إلى الدول الثلاثة، يليه الزيوت الصناعية بقية 3.7 ملايين دولار ثم المنتجات النفطية بقيمة 2.3 مليون دولار وسلع أخرى.

وبشأن السلع المستوردة من الدول الأفريقية الثلاث إلى إيران، يقول لطيفي إن كينيا تصدرت التصدير إلى إيران بين تلك الدول، العام الماضي، بـ17.3 مليون دولار ثم زيمبابوي بـ1.4 مليون وأوغندا بمليون دولار، مشيرا إلى أن الشاي استحوذ على 84% من السلع المستوردة بقيمة 16 مليون دولار، ثم التبغ بقيمة مليون دولار والقهوة بـ886 ألف دولار.

إلى ذلك، تنظر وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية إيرانية وأوساط مقربة من الحكومة الإيرانية باهتمام بالغ لزيارة رئيسي إلى القارة الأفريقية، مع حديث عن أنها تأتي في سياق استراتيجية حكومته لـ"فتح آفاق دبلوماسية واقتصادية" أمام إيران في مواجهة الضغوط والعقوبات الأميركية ولـ"إفشال مفاعيلها".

لكن أوساطا غير حكومية وخاصة من التيار الإصلاحي تقلل أهمية هذه الزيارات في تمكين إيران من التصدي للعقوبات الأميركية، وترى أنه من دون التوصل إلى اتفاق لرفع العقوبات الأميركية تبقى إمكانية حل الأزمة الاقتصادية الإيرانية "ضئيلة".

هذا مع العلم أن زيارة الرئيس الإيراني الحالي إلى أفريقيا، تأتي بعد جولة أخرى قام بها خلال الشهر الماضي إلى أميركا اللاتينية، شملت فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا.

وتصدر الاقتصاد أجندة تلك الجولة لرئيسي أيضا التي اختتمها بإبرام اتفاقيات تجارية مع الدول الثلاث، وخاصة فنزويلا التي ركّز الرئيس الإيراني خلال الزيارة لها على ضرورة التصدي المشترك للعقوبات الأميركية المفروضة على البلدين.

وأكد رئيسي أن طهران تنوي رفع التجارة مع فنزويلا من 3 مليارات دولارات في الوقت الراهن، إلى 10 مليارات دولار في الخطوة الأولى وثم 20 مليار دولار في الخطوة الثانية.

المساهمون