البنك المركزي في عدن يوقف التعامل مع 6 بنوك ويسحب العملة القديمة

30 مايو 2024
ضعف الريال يعقد حياة اليمنيين، 26 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- محافظ البنك المركزي اليمني في الحكومة الشرعية أصدر قرارًا بوقف التعامل مع ستة بنوك يمنية لفشلها في الامتثال للقانون وتعليمات البنك المركزي، خصوصًا في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- القرار يأتي في سياق الصراع الاقتصادي ومحاولات البنك المركزي في عدن لمحاصرة الحوثيين اقتصاديًا، بما في ذلك دعوات لإيداع النقود الورقية من الطبعة القديمة في البنوك التجارية بالمحافظات المحررة.
- ردود فعل متباينة على قرارات البنك المركزي، حيث يرى الحوثيون أنها تأتي ضمن خطوات أميركية تدعم إسرائيل، بينما يعتبر محللون أن الإجراءات تهدف للسيطرة على السياسة النقدية وتحقيق الاستقرار المصرفي.

أصدر محافظ البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، أحمد أحمد غالب قراراً ملزماً للبنوك كافة والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات العاملة في الجمهورية وقف التعامل مع عدد من البنوك والمصارف، وهي: بنك التضامن، بنك اليمن والكويت، مصرف اليمن والبحرين الشامل، بنك الأمل للتمويل الأصغر، بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، بنك اليمن الدولي.

وبُررت ديباجة القرار بفشل هذه البنوك بالتزام أحكام القانون، وتعليمات البنك المركزي، وعدم الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واستمرارها في التعامل مع جماعة مصنفة إرهابية، وتنفيذ تعليماتها بالمخالفة لقواعد العمل المصرفي، وأحكام القانون، وتعليمات البنك المركزي، الأمر الذي يتطلب التدخل ووضع القيود اللازمة على أنشطة البنوك المخالفة لإجبارها على الامتثال لأحكام القانون، وحرصاً على سلامة القطاع المصرفي، ولما تقتضيه المصلحة العامة. وجاء قرار البنك المركزي اليمني بوقف التعامل مع البنوك مع انتهاء المهلة التي تم منحها لها لنقل المقرات الرئيسية من صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى العاصمة المؤقتة عدن والتي تم تحديدها بستين يوماً وانتهت الخميس.

وتتصاعد حدة الصراع الاقتصادي بين البنك المركزي اليمني التابع للحكومة المعترف بها في عدن، والبنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء، في ظل حالة الانقسام والتشظي التي يعانيها الاقتصاد اليمني، بعد انقسام البنك، ومنع الحوثيين للتعامل بالطبعات الجديدة من النقود التابعة للحكومة الشرعية، وهو الأمر الذي سبّب اختلاف سعر الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين عنه في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

ويسعى البنك المركزي اليمني في عدن لاتخاذ عدد من الإجراءات التي من شأنها محاصرة الحوثيين اقتصادياً، وتجفيف عدد من مصادر الإيرادات المالية للجماعة، وفي مقدمتها التحويلات المالية التي تُعَدّ من أهم مصادر الإيرادات للحوثيين.

ودعا البنك الأفراد والمحلات التجارية والشركات والجهات الأخرى والمؤسسات المالية والمصرفية كافة ممن يحتفظون بنقود ورقية من الطبعة القديمة ما قبل عام 2016 ومن مختلف الفئات، إلى سرعة إيداعها في البنوك التجارية في المحافظات المحررة خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ هذا الإعلان. وأكد البنك المركزي عدم تحمّله أي مسؤولية تترتب على عدم التعامل بجدية مع فحوى هذا الإعلان والمسارعة بتنفيذ ما ورد فيه خلال الفترة المحددة.

وفي ردود الأفعال، قال زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي إن الضغط على البنوك في صنعاء يأتي ضمن الخطوات الأميركية دعماً للكيان الإسرائيلي، وإن "الأميركي يحاول أن يورط السعودي في الضغط على البنوك في صنعاء، وهي خطوة عدوانية ولعبة خطيرة". وقال الحوثي في خطاب متلفز الخميس: "أوجه النصح للسعودي ليحذر من الإيقاع به من قبل الجانب الأميركي خدمة للعدو الإسرائيلي"، مؤكداً أن "استهداف البنوك في صنعاء عدوان في المجال الاقتصادي، وإذا تورط السعودي خدمة لإسرائيل سيقع في مشكلة كبيرة". وأضاف أن السعودي في غنى عن المشاكل، متسائلاً: "لماذا يقدم نفسه وإمكاناته ليتجند في خدمة العدو الإسرائيلي؟ ومحذراً مما أسماها الخطوات الداعمة للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا بدون وجه حق".

بدوره، قال الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام، إن إشعال الحرب على البنوك اليمنية العاملة في العاصمة صنعاء خطوة خطيرة يقف خلفها الأميركي، وإن الأميركي يسعى لتوريط دول أخرى ومنها السعودية في حرب تجويع الشعب اليمني". وجدد عبد السلام تحذير زعيم الجماعة الموجه للسعودية حتى لا تتورط في الفخ الأميركي خدمة للإسرائيلي، وعقاباً للشعب اليمني لموقفه المساند لغزة".

وكان مجلس إدارة البنك المركزي اليمني بالعاصمة عدن قد أقر الأربعاء، البقاء في حالة انعقاد لمراقبة تصعيد المليشيا الحوثية التي تستهدف القطاع المصرفي والعملة الوطنية والتعامل معها بما يستحق من إجراءات. ووفقاً لبيان نشره البنك على موقعه الإلكتروني، فقد اختتمت إدارة البنك اجتماعات دورتها الخامسة والتي استمرت يومين، واستعرض فيها جملة من التقارير من القطاعات المختلفة حول التصعيد المستمر لمليشيات الحوثي.

وأشار البيان إلى استمرار استهداف المليشيا للقطاع المصرفي والعملة الوطنية ومدخرات المواطنين وتعطيلها للموارد الاقتصادية العامة لتزيد معاناة المواطنين في كل المحافظات، وحرمانهم أبسط الحقوق والخدمات ومنها المرتبات وخدمات الكهرباء التي سبّب انقطاعها إخراج المرضى من غرف الإنعاش وموتهم على أرصفة الشوارع وإمعانها في ذلك السلوك الإجرامي المشين".

وأضاف البيان أن المجلس أقر استمرار انعقاده لمراقبة هذه التطورات والتعامل مع ما يستجد بما يستحق من إجراءات". وكان البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين قد أصدر الثلاثاء بياناً حذر فيه من استمرار التصعيد الذي يستهدف القطاع المصرفي تنفيذاً لأوامر النظام السعودي، محمّلاً إياه "المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات".

وقال البنك الخاضع للحوثيين إن تجدد استهداف القطاع المصرفي الذي يمارسه البنك المركزي في عدن ليس إلا تنفيذاً لأوامر النظام السعودي، الذي بدوره ينفذ التوجيهات الأميركية والبريطانية، على خلفية موقف بلادنا الإنساني لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني". وأكد أنه "كما واجه المؤامرات على مدى السنوات الماضية، يواصل البنك اتخاذ إجراءاته التي تُفشِل كل تلك المؤامرات مستعيناً بالله وبوعي شعبنا العزيز، وأنه في حالة مواجهة مستمرة لكل المؤامرات التي تسعى للإضرار بالقطاع المصرفي".

وزعم بنك الحوثيين أن ما وصفه بالتصعيد يستهدف الاقتصاد اليمني واليمنيين في أنحاء الجمهورية اليمنية كافة، بل إن آثاره ستضر أبناء الشعب اليمني في المناطق المحتلة بشكل أكبر إلا أن البنك المركزي في صنعاء سيعمل بكافة الطرق لمنع كل ذلك". ويرى الصحافي الاقتصادي وفيق صالح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هذه القرارات المتسارعة للبنك المركزي اليمني في عدن والمعترف به دولياً ضد القطاع البنكي والقطاع المصرفي في البلاد، تأتي ضمن مساعيه للسيطرة على السياسة النقدية في أنحاء البلاد كافة، وتحقيق الاستقرار المصرفي".

وأشار إلى أنه خلال السنوات الماضية كان البنك المركزي في عدن يتخذ العديد من الإجراءات لتنظيم العمل المصرفي في البلاد، لكن هذه الإجراءات كانت تصطدم بالانقسام النقدي وازدواج القرارات المصرفية من قبل البنك المركزي بصنعاء الخاضع للحوثيين، وهو ما منعه من فرض القرارات على الأرض وتحقيق الاستقرار النقدي في البلاد نتيجة الانقسام النقدي والمصرفي، ونتيجة حظر الطبعة الجديدة من العملة في مناطق الحوثيين، ونتيجة تباين الأنظمة المصرفية في البلاد".

ولفت صالح إلى أن جماعة الحوثي لديها نظام مصرفي ثابت تعمل على تثبيت قيمة الدولار والريال السعودي من خلاله بالقوة في مناطق سيطرتها، ولا تستند إلى أية معايير أو خطوات أو إصلاحات مالية ونقدية، وعلى العكس تعمل الحكومة المعترف بها دولياً على اتخاذ نظام التعويم الحر في مناطق سيطرتها، وهو ما يعني أن تحديد سعر الصرف في عدن ومناطق الشرعية يخضع لآلية العرض والطلب في السوق، ومن هنا يسهل على أي شبكات أو نوافذ مالية العمل على طلب مفتعل للنقد الأجنبي والتلاعب بقيمة الريال اليمني في المناطق المحررة، وهو ما عملته مليشيا الحوثي طوال السنوات الفائتة".

وأكد أن "البنك المركزي الآن عندما اتخذ قرارات بحق ستة من أكبر البنوك في البلاد، قال إنها لا تنفذ تعليمات البنك المركزي، بمعنى أن هذه البنوك لا تزال مقراتها الرئيسية في صنعاء وتخضع لتعليمات بنك مركزي صنعاء ولا تزال تحاول المواءمة بين القرارات الصادرة من بنكي صنعاء وعدن وبالتالي في النهاية لن تفلح محاولات هذه البنوك في التماهي مع التعليمات الصادرة عن بنك صنعاء، لأن البنك المركزي في عدن هو البنك الشرعي والمعترف به دولياً، والقادر على التخاطب مع المؤسسات الدولية، ووقف نظام السويفت مع هذه البنوك بالتعاملات الخارجية".

المساهمون