تجددت المطالبات في الأردن بتأجيل أقساط ديون الأفراد للبنوك والمؤسسات الإقراضية مع اقتراب شهر رمضان، لتخفيف الضغوط المعيشية الناجمة عن ارتفاع الأسعار وصعود الفقر والبطالة.
وكانت الحكومة قد وجّهت في السنوات الأخيرة البنك المركزي إلى مطالبة البنوك بتأجيل أقساط الديون لعدة أشهر لتمكين المواطنين والقطاعات الاقتصادية من مواجهة الظروف الصعبة الناتجة عن تراجع مستويات المعيشة وتراجع الحركة التجارية، ما استدعى اتخاذ إجراءات لضخ مزيد من السيولة في السوق المحلي ورفع الطلب على السلع والخدمات.
وفيما يرى بعضهم أن تأجيل الأقساط لشهرين أو ثلاثة بمثابة حل لمشكلات كثير من الأسر المعيشية وقلة السيولة خاصة في شهر رمضان الذي ترتفع فيه معدلات الاستهلاك والإنفاق على الحاجات الأساسية، يبدي آخرون تحفظات على التأجيل لما يرتبه من ارتفاع في الفوائد والأقساط البنكية كون البنوك تفرض رسوماً وعوائد إضافية على المبالغ المؤجلة.
ورغم تعهد البنوك بعدم فرض أي رسوم أو فوائد إضافية على الأقساط المؤجلة، خالفت غالبيتها التزاماتها ورتبت مبالغ كعوائد على شكل رسوم أو فرق فائدة على المبالغ التي يتم تأجيلها، ما أدى إلى ارتفاع كُلف القروض القائمة وزيادة مدة السداد.
وقال عضو غرفة تجارة عمان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن تأجيل الأقساط البنكية مهم لجهة ضخ سيولة إضافية في السوق ومساعدة المواطنين على تلبية احتياجاتهم خلال الشهر الفضيل الذي يحل في الأسبوع الثاني من مارس/آذار المقبل وكذلك تنشيط الحركة التجارية .
وأضاف ديرانية أن ذلك يعود إلى البنوك ذاتها وتوجيهات البنك المركزي، إذ اعتاد المواطنون على اتخاذ قرارات من هذا القبيل قبل حلول شهر رمضان، حيث يعاني كثيرون أوضاعاً معيشية صعبة والأعباء المالية المترتبة عليهم.
وتقدر مديونية الأفراد المترتبة لمصلحة البنوك في الأردن بأكثر من 17 مليار دولار تتركز في القروض الشخصية والعقارية والسُّلف الشخصية.
ووفق تقرير صادر حديثاً عن دائرة الإحصاءات العامة، فإن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك (التضخم) لشهر يناير/كانون الثاني الماضي سجل ارتفاعاً بنسبة 1.95% مقارنة مع الشهر المقابل من العام الماضي 2023، بينما انخفض بنحو 0.08% مقارنة مع ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي منير أبو دية لـ"العربي الجديد" إن هنالك ظروفاً صعبة وقاسية تمر بها العديد من القطاعات الاقتصادية في الأردن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي ترك آثاراً سلبية على قطاعات السياحة والنقل والخدمات وتجارة التجزئة والجملة والعديد من القطاعات الأخرى في الأردن، التي تراجعت بشكل كبير نتيجة انخفاض الطلب، وحالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة، والتخوفات من استمرار الصراع، وتوسعه ودخول أطراف جديدة ميدان الحرب.
وأضاف أبو دية أن الحياة المعيشية للمواطن تأثرت بسبب تلك التداعيات، فتراجع الدخل وثبات الرواتب وانعدامها عند بعض العاملين في القطاعات التي تأثرت بسبب العدوان وحالة الركود التي تعصف بالأسواق، نتيجة عزوف المواطنين عن الشراء، وكثرة الالتزامات المالية على المواطن المقترض تحديداً، والذي دفع ثمناً كبيراً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة 11 مرة خلال الفترة الماضية، ما سبَّب ارتفاع قيمة الأقساط البنكية المترتبة عليه، والتي حدّت من قدرته الشرائية مما انعكس سلباً على القطاعات الاستهلاكية.
وأشار إلى أن قرار تأجيل الأقساط هو شأن خاص بالبنوك، وهي مؤسسات لها قراراتها المستقلة، ولكن الظرف صعب، والأزمة التي تمر بها القطاعات الاقتصادية والمواطنون تؤثر سلباً على مؤشرات الاقتصاد الكلي، وتأجيل قسط شهر في السنة لن يؤثر كثيراً على أداء البنوك التي تعاظمت أرباحها ووصلت إلى أرقام قياسية، فقد تجاوزت أرباحها القائمة أكثر من 4 مليارات دينار (5.6 مليارات دولار)، إذ استحوذت سبعة بنوك قائمة أكبر عشر شركات تحقيقاً للأرباح في المملكة.
ولفت إلى أن تأجيل الأقساط على المواطنين ليس هو الطريق الأمثل لما يعانيه المواطن اليوم، ولكن قد يكون أحد الحلول التي قد تسعف المواطنين والأسواق، وتحرك عجلة الاقتصاد حتى لو كان ذلك مؤقتاً.