ابتزاز موظفي مصر للمشاركة في انتخابات الرئاسة

ابتزاز موظفي مصر للمشاركة في انتخابات الرئاسة

04 ديسمبر 2023
جانب من حملات الدعاية للانتخابات الرئاسية (إسلام صفوت/Getty)
+ الخط -

في ظل انشغال الرأي العام في مصر بتطورات الحرب على غزة والقضية الفلسطينية من ناحية، وارتفاع الأسعار والتضخم في الداخل من ناحية أخرى، بدأت أجهزة الدولة -لا سيما الأمنية منها- في حشد الموظفين الحكوميين وأصحاب المعاشات للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، التي بدأ إجراؤها في الخارج، وستستكمل في الداخل الأسبوع المقبل، وينافس فيها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ثلاثة من رؤساء الأحزاب المؤيدة له.

وقالت مصادر في جهات حكومية عدة لـ"العربي الجديد" إن الموظفين في وزارات مثل المالية والتموين والأوقاف والشباب والرياضة والتربية والتعليم، تلقوا تعليمات مشددة من رؤسائهم في العمل بضرورة المشاركة في انتخابات الرئاسة، والتصويت لصالح السيسي عوضا عن تعرضهم لجزاءات إدارية ومالية، بدعوى أن المشاركة هي "واجب وطني" على كل موظف في الدولة، والدعوة إلى مقاطعتها تمثل "جريمة يعاقب عليها القانون".

وبينت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أنه لا عقوبات في القانون المصري بشأن عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية أو الدعوة إلى مقاطعتها، ولكن الجميع اعتاد مثل هذه التهديدات مع كل انتخابات تشهدها البلاد منذ عام 2014، والهدف منها هو نشر حالة من الخوف بين موظفي الدولة، والتلويح بإمكانية معاقبتهم عن طريق وسائل مختلفة "إذا ما أظهروا معارضة للرئيس الحالي".

وقبل عامين، أصدر السيسي تشريعاً، بعد موافقة مجلس النواب، يقضي بفصل أي موظف في الجهاز الإداري للدولة يثبُت انتماؤه إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، من خلال تحريات يجريها جهاز "الأمن الوطني" بوزارة الداخلية، وتستند عادة إلى تقارير يقدمها للجهاز قيادات كل وزارة أو هيئة حكومية عن التوجهات السياسية للعاملين فيها.

ونص الدستور المصري، في المادة 53 منه، بأن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر".

وأفادت المصادر نفسها بأن التلويح بالعقاب طاول أيضاً البسطاء من أصحاب معاشات برنامج "تكافل وكرامة"، المخصص من وزارة التضامن الاجتماعي لكبار السن، وممن لديهم عجز كلي أو إعاقة ولا يستطيعون العمل، أو ليس لديهم دخل ثابت.

وأوضحت أن الوحدات الاجتماعية في المحافظات أخطرت المستفيدين من البرنامج بضرورة إثبات مشاركتهم في الانتخابات، المقررة داخل مصر أيام 10 و11 و12 ديسمبر/ كانون الأول، وذلك من خلال الحبر الفسفوري على أصابعهم للحصول على معاش الشهر المقبل، الذي يتراوح ما بين 450 و500 جنيه (نحو 16 دولاراً فقط).

وينافس السيسي ثلاثة من داعميه على غرار ما حدث في انتخابات ولايتيه الأولى والثانية، عامي 2014 و2018، وهم رئيس حزب "الوفد الجديد" عبد السند يمامة، ورئيس حزب "الشعب الجمهوري" حازم عمر، ورئيس حزب "المصري الديمقراطي" فريد زهران، بعدما أقصي جميع معارضي الرئيس الحالي من المشهد الانتخابي، وأبرزهم البرلماني السابق أحمد الطنطاوي، الذي مُنع وحملته بكافة الطرق المشروعة وغير المشروعة من استكمال التوكيلات الشعبية اللازمة لترشحه في الرئاسيات.

وكان الطنطاوي قد اتهم السلطة الحاكمة بـ"التورط في القبض على مئات من أعضاء حملته الانتخابية، وحبس 82 منهم احتياطياً بتهم سياسية، فضلاً عن منع عشرات الآلاف منهم من حقهم الدستوري في تحرير توكيلات شعبية له، باستخدام طرق غير قانونية وصلت في كثير من الأحيان إلى استخدام العنف البدني، وأعمال البلطجة، وهي جميعها حالات موثقة بالصوت والصورة".

ويدير الحملة الانتخابية للسيسي المستشار محمود فوزي، منذ انتدابه في الأمانة الفنية للجنة تقصي الحقائق عقب انقلاب 3 يوليو/ تموز من عام 2013، وبعدها في وزارة العدالة الانتقالية (شؤون المجالس النيابية حالياً) في عهد الوزير السابق إبراهيم الهنيدي، الذي يشغل حالياً منصب رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب. 

وشارك فوزي في تمرير الكثير من التشريعات الهادفة إلى ترسيخ حكم السيسي الفردي، والقضاء على أي مظهر لدولة المؤسسات، حين عمل مستشاراً قانونياً لرئيس البرلمان السابق علي عبد العال، ثم أميناً عاماً لمجلس النواب بين عامي 2019 و2021.

ونظمت حملة السيسي، التي لم تعلن عن مصادر تمويلها حتى الآن، مؤتمراً حاشداً في استاد القاهرة الدولي مؤخراً بعنوان "تحيا مصر فلسطين".

المساهمون