أسواق الطاقة تتجاوز الحلول الدبلوماسية لأزمة أوكرانيا... الأسعار رهينة الرد الغربي على موسكو

22 فبراير 2022
تلويح غربي بعقوبات تعزل موسكو إحدى أكبر مصدري النفط والغاز (Getty)
+ الخط -

كسرت أسعار النفط حاجز الصمت الذي خيم على أسواق الطاقة خلال الأيام الأخيرة، لتقفز إلى أعلى مستوى في أكثر من سبع سنوات، اليوم الثلاثاء، مع تصاعد الأزمة الأوكرانية، بعدما أمرت روسيا بنشر قواتها في منطقتين انفصاليتين بشرق أوكرانيا، ما دعا الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة إلى التلويح بعقوبات تعزل موسكو إحدى أكبر مصدري النفط والغاز في العالم عن الأسواق العالمية.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الغاز المسال لعب دوراً رئيسياً في تهدئة جنون الأسعار في أوروبا خلال الشتاء الجاري الذي شهدت فيه أسعار الوقود الأزرق أعلى مستوياتها.

ويأتي الإعلان عن القمة الأميركية الروسية في وقت بحث وزراء الدول الكبرى المصدرة للغاز أمس في العاصمة القطرية الدوحة كيفية سد النقص العالمي الكبير في الغاز الطبيعي الذي أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار الوقود الأزرق وهدد بحدوث اضطرابات سياسية في بعض الدول.
وبدأت في الدوحة، يوم الأحد، الاجتماعات التحضيرية للقمة السادسة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدّرة للغاز، التي تعقد اليوم الثلاثاء، برعاية أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ويشارك في القمة قادة ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في المنتدى، بينهم الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي وصل إلى الدوحة السبت، والرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي بدأ زيارة لقطر الاثنين.
وينعقد المنتدى الدولي للغاز الذي يضم 11 دولة وتمتلك نحو 70% من إجمالي الاحتياطات العالمية من الغاز الطبيعي القابل للاستخراج وسط مخاوف أوروبا من تداعيات أزمة أوكرانيا على امدادات الغاز الطبيعي القادمة عبر الأنابيب من روسيا. وتعتمد أوروبا بنحو 40% من إجمالي استهلاكها على الغاز الروسي من بينها 36% عبر الأنابيب و4% عبر ناقلات الغاز المسال.
وتأتي قمة الدوحة في وقت تتهم واشنطن موسكو بالتحضير لغزو عسكري لجارتها الأوكرانية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعار الغاز.

واتجهت أنظار أوروبا، الساعية إلى تنويع مصادرها من إمدادات الغاز لتقليل اعتمادها على روسيا، إلى الأعضاء الآخرين في منتدى الدول المصدرة.

وحسب التقرير الأخير لوكالة الطاقة الدولية، فإن الغاز المسال لعب دوراً رئيسياً في تهدئة الارتفاع الجنوني في أسعار والرعب الذي اصاب المستهلكين الغاز في أوروبا من احتمال انقطاع الإمدادات في وقت تشتد فيه البرودة.
وتعود أهمية الغاز المسال في تغطية النقص الطارئ وغير المتوقع إلى المرونة التي يتميز بها من ناحية تحويله من وجهة إلى أخرى في لحظات الاضطرار العالمي الشديد لأنه يشحن بواسطة الحاويات.
ويركز المنتدى العالمي للطاقة بالدوحة على كيفية سد النقص في سوق الغاز العالمي وعلى أمن الغاز في وقت الاضطرابات. ويعقد المنتدى دورته السادسة في وقت بات فيه الوقود الأزرق هو المعبر الرئيسي للطاقة النظيفة في العالم وسط تشديد الدول الكبرى على منع التلوث الناتج من الفحم الحجري والنفط.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر اعتماد العالم على الغاز الطبيعي في تلبية الطاقة حتى العقد المقبل.
يذكر أن المنتدى العالمي للغاز الطبيعي الذي يستمر ليومين ويختتم اعماله اليوم الثلاثاء يحضره الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي وصل أمس إلى الدوحة وعقد اجتماعاً مع أمير قطر.
وحسب التصريحات التي صدرت عن وزير الطرق والمواصلات الإيراني روستام قاسمي، فإن إيران ستبرم أربع اتفاقيات مع قطر من بينها خطة لإنشاء قناة تحت الخليج تربط بين قطر وإيران.

وتحضر إيران هذا المنتدى في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات في فيينا مع القوى الدولية الشركاء في اتفاقية النووية التي انسحبت منها الولايات المتحدة في العام 2018. وفي حال نجاح هذه المفاوضات فإن إيران ستعود لسوق الطاقة العالمي.
وحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن شحنات الغاز المسال التي قدمت لأوروبا من الولايات المتحدة وقطر لعبت دوراً رئيسياً في تلبية جزء من النقص الطارئ في السوق الأوروبي، وساهمت في خفض الأسعار، خاصة في وقت انخفضت فيه مخزونات الغاز الطبيعي بأوروبا إلى أقل مستوياتها.
ويقول مصرف " كوميرتس بانك" الألماني في تقرير إن المخزون الأوروبي من الغاز تراجع إلى 47% من السعة الكاملة، ويجب أن تصل المخزونات إلى 60% على الأقل من السعة الكاملة للتخزين في أوروبا.

وعادة يتراوح حجم مخزونات الغاز في أوروبا بين 60 و85% خلال شهر يناير/ كانون الثاني. ويقدر البنك أن ترفع الشركات الأميركية من شحنات الغاز المسال إلى أوروبا خلال العام الجاري إلى 14 مليار متر مكعب.
يذكر أن أزمة أوكرانيا لا تزال ترفع من مخاطر إمدادات الغاز ويترقب المستثمرون في الغاز حلاً دبلوماسياً للأزمة.

ووافق الرئيس الأميركي جو بايدن من حيث المبدأ على عقد اجتماع مشترك مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن في الوقت نفسه أكد الجانب الأميركي أن انعقاد الاجتماع سوف يكون مشروطاً بعدم حدوث غزو من جانب روسيا لأوكرانيا.

وترى وكالة الطاقة الدولية في تقرير "أمن إمدادات الغاز الطبيعي" الصادر لعام 2021، أن أزمة ارتفاع الغاز الطبيعي تعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية، وهي الانتعاش العالمي في الاقتصادات الكبرى الذي رفع الاستهلاك العالمي بنسبة 4.6%، والنقص غير المتوقع في إنتاج إمدادات الغاز في بعض الدول والبرد الشديد، إضافة إلى أزمة أوكرانيا التي هددت انسياب إمدادات الغاز إلى أوروبا.
يذكر أن أسعار الغاز الطبيعي شهدت في الأشهر الماضية تقلبات حادة بعد التصريحات الأميركية والغربية المتواترة التي توقعات غزواً وشيكاً لأوكرانيا، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.

وفي حالة بدء الغزو الروسي المحتمل، فإنه سيتم تطبيق عقوبات على موسكو قد تهدد إمدادات الغاز التي تعتمد عليها أوروبا على نحو كبير، ما يعمق أزمة الغاز الراهنة.
وتراجعت عقود الغاز المتداولة في البورصة الهولندية "تي تي إف" بنحو 2.2% أمس الاثنين إلى 72.09 يورو لكل ميغاواط في الساعة وفقاً لبيانات شركة "إنتركونتيننتال إكستشينج" في أمستردام. وكانت العقود ارتفعت إلى 68.9 يورو في وقت سابق.

المساهمون