تسببت أزمة النقص في أشباه الموصلات (الرقائق) في تغيير وجه سوق السيارات التونسية، حيث توسعت حصة العربات الآسيوية نسبة إلى حجم المبيعات الإجمالي بأكثر من 50 في المائة، وتصدرت العلامات الصينية والكورية المراتب الخمس الأولى في تصنيف المبيعات إلى نهاية أغسطس/ آب الماضي.
وتمكنت العلامات الآسيوية من تحقيق تقدم مهم في سوق المبيعات التونسية للسيارات على منافساتها الأوروبية التي استأثرت لعقود طويلة بحصة الأسد من السوق، وذلك بعد استفادتها من تداعيات نقص الرقائق على تأجيل لطلبيات أكبر مصانع السيارات الأوروبية.
وأبرزت بيانات رسمية لقطاع السيارات أن علامات آسيوية حققت زيادة في حجم المبيعات بنسبة 364.6 في المائة إلى نهاية شهر أغسطس الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. كذلك سجلّت الماركات الآسيوية زيادة في المبيعات تراوح ما بين 38 و364 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020.
وسجّل قطاع العربات عموما الذي يضم 51 علامة زيادة بنسبة 50,2 في المائة في العربات المسوقة ليصل عدد السيارات الجديدة التي أضيفت إلى الأسطول إلى 32150 مركبة. وقال رئيس غرفة وكلاء بيع السيارات إبراهيم دباش إن أزمة الرقائق العالمية ألقت بظلالها على السوق التونسية وأحدثت خلال الأشهر الأولى من العام الحالي تغييرا في خارطة تموقع الماركات لصالح العلامات الآسيوية على حساب ماركات أوروبية.
وأفاد دباش في تصريح لـ “العربي الجديد" بأن مجموعة من العوامل تفسّر التغير الجذري في خارطة تموقع العلامات في السوق التونسية ومن بينها توفر المركبات وسرعة الاستجابة لطلبات السوق المحلية إلى جانب تنافسية السعر.
وأكد المتحدث أن المركبات الآسيوية التي تشكل نحو 25 علامة من مجموع العلامات المسوقة في تونس أكثر توافراً من علامات أخرى وهو ما يجعلها سريعة الاستجابة لطلبيات التجار المحليين. وشرح أن هذه العلامات تختصر أجال الانتظار التي زادت إلى حدود 6 أشهر بالنسبة إلى العلامات التي تضررت مصانعها من أزمة الرقائق والتي اضطرت إلى خفض انتاجها بسبب استنفاد مخزونها من الرقائق في انتظار انفراج هذه الأزمة، وفق قوله.
وبالإضافة إلى تأثير أزمة الرقائق قال دباش إن السعر أصبح أيضا عنصرا رئيسيا في تحديد مواقع علامات السيارات في السوق التونسية، مشيرا إلى أن الطلب يتجه أكثر فأكثر إلى العلامات الأقل سعرا وذلك بالرغم من أن العملاء التونسيين كانوا لسنوات طويلة يفضلون الماركات الأوروبية. في المقابل اعتبر دباش أنه لا يمكن الجزم بتغيّر هيكلي دائم في سوق السيارات التونسية والتوجه النهائي نحو العربات الآسيوية، مؤكدا أن هذه المرحلة قد تستمر لبضع سنوات قبل التأكد من مدى قدرة هذه المركبات على الصمود في وجه المنافسة الأوروبية بعد انقضاء الأزمة الظرفية للرقائق التي أثرت على الإنتاج.
وأكد أن مرحلة الاختبار الحقيقي لصمود العلامات الآسيوية ستتبّين من خلال درجة قبول سوق السيارات المستعملة لهذه الأصناف حيث لا تزال العلامات الأوروبية الأكثر طلباً من قبل المشترين في هذه السوق. ورجّح دباش أن تتواصل تأثيرات أزمة الرقائق في سوق العربات التونسية خلال أشهر مقبلة إلى حين عودة الإنتاج العالمي إلى نسقه العادي القادر على الاستجابة للطلب المتزايد ما بعد أزمة كورونا.
والخميس قال تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن أزمة النقص الحاد في الرقائق ستؤدي إلى خسارة شركات تصنيع السيارات العالمية نحو 210 مليارات دولار من مبيعاتها المتوقعة خلال عام 2021، وسط توقعات بتزايد الخسائر مع استمرار الأزمة. كذلك سيقل إنتاج السيارات في العالم بنحو 7.7 ملايين سيارة، بسبب أزمة الرقائق هذا العام، على الرغم من الجهود المستمرة لدعم سلسلة التوريد، حيث استنفد صانعو السيارات مخزوناتهم من أشباه الموصلات.
ويتركز تصنيع أشباه الموصلات حتى الآن في جنوب شرق آسيا في كل من اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وسنغافورة. ويشهد السوق التونسي استيراد ما بين 60 و70 ألف سيارة سنوياً من قبل وكلاء البيع، إلى جانب نحو 20 ألف سيارة من جانب السوق الموازي. وعرفت السنوات الأخيرة دخول العديد من الماركات الجديد إلى السوق المحلية ولا سيما منها العلامات الآسيوية التي تزيد منافستها لكبرى العلامات الأوروبية الرائدة في السوق التونسية.
ويساعد تعافي الوضع الصحي على عودة التونسيين لشراء السيارات الجديدة حيث حضرت على الطرقات العربات ذات الألواح الحديثة بعد غياب خلال انتشار الوباء.
وتوقعت شركة الإلكترونيات الأميركية "3 إم"، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن تستمر أزمة نقص أشباه الموصلات في العام المقبل 2022. وضاعفت الشركة توقعاتها السابقة للانخفاض في إنتاج السيارات الجديدة في النصف الثاني من عام 2020 إلى 6 في المائة، على أساس سنوي بدلاً من 3 في المائة، وفقاً لمؤتمر نظمه مصرف "مورغان ستانلي".