ديون أرامكو السعودية تتحدى قدرتها على توزيع أرباح بقيمة 31 مليار دولار

05 نوفمبر 2024
محطة وقود أرامكو على مشارف العاصمة السعودية، 5 نوفمبر 2024 (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه أرامكو السعودية تحديات مالية بسبب تراكم الديون، مما يضعها أمام خيارين: خفض توزيعات الأرباح أو الاستمرار في الاقتراض، في ظل انخفاض أسعار النفط وإنتاج المملكة.

- تعتمد أرامكو على استراتيجيات الاقتراض للحفاظ على توزيعات الأرباح، حيث باعت سندات دولارية بقيمة 14 مليار دولار في 2020 و2021، مع توقعات بزيادة الاقتراض.

- تواجه السعودية تحديات اقتصادية مع توقعات بعجز في الموازنة حتى 2027، مما يدفع أرامكو لجمع 9 مليارات دولار من السندات في 2023، وسط توقعات ضعيفة للنفط.

يبدو أن الديون المتراكمة على عملاقة الطاقة السعودية أرامكو أصبحت الآن تتحدى قدرتها على توزيع أنصبة أرباح تناهز قيمتها 31 مليار دولار، وفقاً لما أوردت شبكة بلومبيرغ الأميركية في تقرير لها اليوم، مشيرة إلى أن الشركة ستتخذ قراراً حاسماً في أوائل العام المقبل يتصل إما بخفض أرباحها الفصلية البالغة 31 مليار دولار والمخاطرة بمفاقمة عجز موازنة المملكة أو الاستمرار في الاقتراض لضمان إمكانية الاستمرار في الدفع.

وتشير بلومبيرغ إلى أن موازنة السعودية أصبحت مربكة مع بقاء أسعار النفط منخفضة، بينما يظل إنتاج المملكة قرب أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، بما يفرض ذلك من ضغوط متزايدة على الموازنة العامة لأرامكو حيث توزع أكثر مما تكسب، مما يقلب الشركة إلى موقف الدين الصافي في الربع الثالث، في تحوّل حاد للشركة التي كان لديها أكثر من 27 مليار دولار من النقد الصافي قبل عام واحد فقط.

وإذا كان من الشائع أن تستخدم شركات النفط الكبرى ميزانياتها العمومية لتعزيز الاقتراض خلال فترات انخفاض أسعار النفط حتى تتمكن من الاستمرار في دفع المساهمين، فإن أرامكو ليست استثناء من هذا التوجّه. فقد باعت نحو ثمانية مليارات دولار من السندات الدولارية عام 2020، حيث كانت جائحة كورونا تدفع سعر الخام إلى الانخفاض، وستة مليارات دولار أُخرى في العام التالي. وسبق أن قال الرئيس المالي زياد المرشد في مؤتمر عبر الهاتف في الآونة الأخيرة، إن جمع الديون ليس بالضرورة أمراً سيئاً، نظراً لانخفاض الرافعة المالية.

كما أن نسبة الديون الصافية إلى حقوق الملكية (نحو 2%) منخفضة مقارنة بالرافعة المالية ذات الرقمين لمعظم شركات النفط العالمية الكبرى، وفقاً لبيانات بلومبيرغ إنتليجنس، التي أشارت إلى أنه كان لدى الشركة 8.9 مليارات دولار من الديون الصافية في الربع الثالث بينما كان لشركة "بي بي بي إل سي" 24 مليار دولار وشركة "شل بي إل سي" 35 مليار دولار، على سبيل المقارنة.

وتنقل الشبكة الأميركية عن رئيسة استراتيجية الأسهم في بنك الإمارات دبي الوطني، أنيتا غوبتا، قولها إنه "لا يزال الرفع المالي منخفضاً، وهناك أداة أخرى تستخدمها الشركات الكبرى عالميًا حتى لا تخفض أرباحها عندما تتقلب التدفقات النقدية".

توزيع أرباح أرامكو من جزأين

هذا ويتكوّن توزيع أرباح أرامكو من جزأين، الأول عبارة عن دفعة أساسية بقيمة 20.3 مليار دولار ربع سنوية تستهلك نحو 95% من التدفق النقدي الحُر، وجزء مرتبط بالأداء بقيمة 10.8 مليارات دولار كل ربع سنة هذا العام. ومن المقرر أن يتم دفع المكون الخاص المستند في البداية إلى الأرباح الضخمة من طفرة النفط بعد غزو روسيا لأوكرانيا، كنسبة مئوية من التدفق النقدي الحُر بدءاً من العام 2025. وثمة مجال لشركة أرامكو كي تقترض أكثر، وهو ما يمكن أن يساعد في الحفاظ على توزيعات الأرباح بالقرب من المستويات الحالية، وفقاً لمحللة "أتش إس بي سي هولدينغز" كيم فوستر التي قالت في مقابلة أجريت معها في سبتمبر/أيلول المنصرم، إن السماح بتمويل الموازنة العامة حتى نهاية عام 2025 عند نحو 10% "سيُحرّر أو يمنح الشركة القدرة على دفع شيء مثل توزيعات أرباح خاصة بقيمة 30 مليار دولار عام 2025".

وهذا ما سيكون نعمة بالنسبة لموازنة الحكومة. فقد توقعت المملكة في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، عجزاً أعمق مما كان متوقعاً في السابق، ومن المتوقع أن يستمر العجز حتى عام 2027. وهي بحاجة إلى سعر برميل خام يقترب من 96 دولاراً كي تتمكن من تحقيق التوازن في موازنتها، وهو سعر أعلى بكثير من المتداول في الأسواق حالياً. وانخفضت عائدات التصدير من النفط إلى أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات في أغسطس/آب.

وقد جمعت أرامكو ستة مليارات دولار من السندات في يوليو/تموز الماضي، في أول طرح لها للديون بالدولار منذ ثلاث سنوات. وباعت ثلاثة مليارات دولار أخرى من السندات الإسلامية المقومة بالدولار في سبتمبر/أيلول. كما ستضيف المزيد من الاقتراضات إلى 50 مليار دولار أصدرتها الحكومة السعودية وكيانات مثل صندوق الاستثمار العام في السندات في عام 2024، بما يجعلها واحدة من أكبر الجهات المصدرة للديون الدولية في الأسواق الناشئة هذا العام.

ومع ذلك، فإن التوقعات الضعيفة للنفط تعني أن أرامكو ستحتاج إلى توخي الحذر حتى لا تضع الكثير من الضغوط على الموازنة العامة، بحسب بلومبيرغ، التي لفتت إلى أن السعودية ودولا أُخرى في تحالف أوبك+ أرجأت يوم الأحد الماضي، زيادة تدريجية في الإنتاج للمرة الثانية إلى العام المقبل، مع استمرار أسعار النفط الخام في النضال وسط توقعات اقتصادية هشة، علماً أن سعر خام برنت في لندن انخفض بنسبة 13% في الأشهر الأربعة الماضية.