"عمّان للكتاب".. محاولات صعبة لتوطين القراءة

14 أكتوبر 2017
(من المعرض، تصوير: نادر داود)
+ الخط -

بعد سنوات من الاختلاف داخل "اتحاد الناشرين الأردنيين"، الجهة المنظّمة الأساسية، والذي سبّب تقطّعات في انعقاده الذي كان محلّي الطابع، انتظم "معرض عمّان الدولي للكتاب" للعام الثاني على التوالي وبحضور عربي، وباتت استمراريته أمراً متفقاً عليه بين الاتحاد وشريكيه؛ "وزارة الثقافة" و"أمانة عمّان".

يبدو أن الاستمرارية هذه أبقت على شعار المعرض ذاته في العام الماضي، إذ انطلقت الدورة السابعة عشرة في الرابع من الشهر الجاري وتُختتم اليوم تحت يافطة "كلّنا نقرأ"، ويُلحظ أن القراءة بحسب هذه الرؤية اتجّهت نحو الصغار سواء في استضافتها لدور نشر متخصّصة في كتبهم وبرامجهم التعليمية، أو في تنظيم قراءات قصصية تفاعلية للأطفال بوصفها فعالية شبه يومية.

التوجّه نحو الطفل تحكمه عوامل متعدّدة، أولها البحث عن زائر دائم ورافق ذلك تسيير حافلات تقلّ طلبة مدارس إلى المعرض صباحاً، وإيجاد نمط جديد للعرض تمزج التسلية والموسيقى وألعاب الكمبيوتر بالكتاب، وهي تساهم إلى حد كبير في جذب قارئ صغير، بينما تبدو المسألة ليست سهلة مع القراء "الكبار".

لكن هل توجد استراتيجية لتشجيع القراءة لدى القائمين على التظاهرة؟ المدافعون عنه سيلفتون النظر إلى صواب قراراهم بنقل مكانه خارج المدينة إلى مقرّ "معرض عمّان للسيارات" – والذي عارضه كثيرون حيث أتاحت مساحته الواسعة نسبياً استضافت أكثر من 350 دار نشر ومكنتّهم من تنظيم أفضل لأجنحة العرض والفعاليات الثقافية، وكذلك إلى حملاتهم المتكرّرة هذا العام لضبط الكتاب المزوّر تنفيذاً لقوانين المُلكية التي لم يحسم الجدل حولها في العالم كلّه.

وربما أضافوا إلى ذلك تكريسهم عُرف ضيف شرف ليتساووا في ذلك مع بقية المعارض العربية رغم أن ذلك لا يعكس في الغالب سوى حضور رسمي لهذا الضيف ومنشوراته لا يثير اهتمام باحثين جادين عن الكتاب، لكن ذلك كلّه لم يوطّن القراءة بوصفها مشروعاً في معرض لا يهتم لتنظيمه جميع المؤسسات الرسمية والأهلية باستثناء واحدة أو اثنتين، ما يعني بالضرورة أن يبقى الكتاب في محتواه وقارئه يستهدف فئة محدّدة من المهتمين بالثقافة، ولا صلة لقطاعات صناعية وزراعية وطبية وحقوقية وعلمية وبيئية وسواها بصناعته واقتنائه.

كما أن هذه الأيام العشرة، التي هي عمر المعرض، تبدو غائبة عن عمّان فلا إعلانات في طرقاتها أو على حافلات النقل العام أو في الساحات العامة، وكلّ ما يدور في أروقته يبدو أنه لا يهمّ وسائل الإعلام ماعدا بعض الصحف والمواقع الإخبارية التي تنشر البيانات الصحافية التي تصلهم من دون تغيير يُذكر، وكأن صورة "كلنا نقرأ" التي يفترض أنها تعادل: "الأردن يقرأ" لا تعني حتى على المستوى الشكلي أحداً في السلطة أو خارجها، حيث يعكس فعل القراءة مشروعاً سياسياً قبل أن يكون ثقافياً.

في التفاصيل، يمكن الإضاءة على برنامجين أساسيين إلى جانب عرض الكتب؛ برنامج الناشرين الذي تضمّن جلسة حوارية بعنوان "معارض الكتب العربية ودورها في إثراء الثقافة العربية"، وندوة حول حرية النشر وحقوق المؤلّف، وملتقى للنشر، وجرى التباحث في القضايا الأولية التي لا تزال تشغل الناشر العربي منذ عقود من خلاصة تُذكر.

لم يستطع الناشرون العرب إلى اليوم تأسيس مؤسسة توزيع تمتلك فروعاً في البلدان العربية ما يتيح وصول الكتاب إلى مواطنيها جميعهم، لكن أضيفت في السنوات الأخيرة عوائق جديدة تمثّلت بوجود صراعات مسلّحة في أكثر من بلد أصبحت أسواق الكتب فيها مغلقة.

أما البرنامج الثقافي فبدا محتشداً بالفعاليات هذه الدورة، ندوات وقراءات قصصية وشعرية وحفلات توقيع كتب، لكنها لم تظهر تجانساً وانسجاماً في رؤية واضعيه بل ظهر بوضوح تنافس الجهات المنظّمة الثلاث على اختيار المشاركين الأردنيين والعرب، الذين لم ينجحوا كما العادة في اجتذاب جمهور إلى فعالياتهم.

المساهمون