نصالٌ تتكسّر على النصال

نصالٌ تتكسّر على النصال

08 مارس 2024
رجُل فلسطيني يدفع درّاجته وسط المباني المدمّرة في خان يونس،7 آذار/ مارس (Getty)
+ الخط -

في البرزخ، قبلَ النومِ، يُمكنك رؤية مجموعة من الوجوه: نساء وشعرهنّ منعوفاً في الهواء، كما لو كان ناراً. وهناك رجالٌ بجانبهم، أغلبهم من القتلة البيض. إنَّ الفرق الكبير بين الواقع والمنام، هو أنَّ المنام أرحم: أقل عدداً في القتلة من عديدهم الحقيقي في الواقع... هو أنَّ حركة النوم في الكابوس لا تستمرّ سوى ثوانٍ، بينما في الواقع قد يستمرّ الكابوس الحقيقي شهوراً وراء شهور. وعليه يجب الثناء على كوابيس النوم، لأنّ شرّها أقلّ وأقصر مدى، كما أنَّ أذاها مؤقّت.

وبالمقابل، يجب هجاء كوابيس الواقع وهجاء أصحابها، بالمستطاع من قوّةٍ ورباطِ خيلٍ وأقلام، لأنّهم مصّاصو دماء قُدامى، لم يكفّوا عن احتراف جرائمهم الألفية حتى اليوم. ولن يكفّوا. فالشرُّ مكوّن أساس في مبناهم الإمبريالي كلّه، من حجر القاعدة، حتى آخر سقف.

ولسببٍ آخر كذلك، من ضمن أسباب شتّى كذلك: إنّهم لا يحبّون الزهرة ولا البرعم ولا الغابة ولا المرأة ولا الحياة ولا العصفور ولا الندى ولا كأس قهوة على رواق الصباح/ ولا الحرية ولا الآخرين، إلّا كموضعٍ للنهب والسلب.

اللهم يا علّام الغيوب، أكثر من كوابيس المنام، ورجاءً خفّف من وطأة كوابيس الواقع، فالواحد لم يعُد في قوسه النفسي ولا الجسدي من متّسعٍ للنصال تتكسّر على النصال.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية

المساهمون