"ميتا" تُطارد "الأرشيف الفلسطيني": حربٌ على ذاكرة الأرض والمقاوَمة

"ميتا" تُطارد "الأرشيف الفلسطيني": حربٌ على ذاكرة الأرض والمقاوَمة

20 يناير 2024
ملصق بعنوان "تحية لثوّار غزة في كفاحهم البطولي" صدر عن "الجبهة الشعبية" (المتحف الفلسطيني)
+ الخط -

"هذه الصفحة للأسف غير متاحة"، تُقابلنا هذه العبارة ونحن نحاول الوصول إلى صفحة "الأرشيف الفلسطيني" على منصّة "إنستغرام" التابعة لشركة "ميتا" الأميركية، والتي تملك أيضاً منصّتَي "فيسبوك" و"واتساب". وعلى منصّة "إكس" (تويتر) سابقاً، حيث يُتابعها أكثر من ثلاثة وسبعين ألف شخص، تُخبرُنا المبادرة، التي تُعرّف نفسها بأنّها "صفحةٌ شخصية مختصّة بالأرشيف عن فلسطين من أجل فلسطين، ومحاولة لحفظ الذاكرة وجمع شتات ما تيسّر من أرشيف ضائع أو مسروق أو مبعثر، غير تابعة لمنظَّمة أو فصيل"، بأنّ إدارة إنستغرام أغلقت الصفحة منذ الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري.

أُطلقت صفحة "الأرشيف الفلسطيني" من قِبل شاب فلسطيني يرفض الكشف عن هويته في أيار/ مايو 2020 عبر "إكس"، لكونها، مثلما قال في تصريح صحافي سابق، أقلّ محاربةً للمحتوى الفلسطيني مقارنةً بمنصّات أُخرى مثل فيسبوك وإنستغرام. وتنشر الصفحة مواد أرشيفية، من صور وأفلام وقصاصات صحف، تتعلّق بتاريخ فلسطين وذاكرتها، إضافةً إلى مواد من الراهن الفلسطيني.

يكتفي القائمون على الصفحة بالتعليق على هذه الخطوة بعبارة واحدة: "السبب معروفٌ طبعاً"، في إشارة إلى استهداف المحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي المنحازة للاحتلال الإسرائيلي، بهدف حجب الرواية الفلسطينية، ضمن حرب موازية للإبادة الجماعية المستمرّة في غزّة.

قرابة 17 ألف انتهاك للمحتوى الرقمي الفلسطيني منذ "طوفان الأقصى"

وتُظهر أرقام لمراكز متخصّصة حجم الانتهاكات التي يتعرّض لها المحتوى الفلسطيني الرقمي على الفضاء الافتراضي، بما في ذلك ملاحقة وحذف وتقليص الوصول إلى الحسابات الداعمة للحقّ الفلسطيني. وفي هذا السياق، رصد "مركز صدى سوشال"، الذي يُعنى بالحقوق الرقمية في فلسطين، سبعة عشر ألف انتهاك لحقوق الفلسطينيّين الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة. وقبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان معدَّل استهداف المحتوى الفلسطيني على الإنترنت في حدود 1500 انتهاك سنوياً، ما يعني ارتفاعاً بقرابة عشرة أضعاف.

وفي مقابل التشديد على المحتوى الفلسطيني، لا تفرض شركات التكنولوجيا ومنصّات التواصل الاجتماعي أيّة قيود على خطابات الكراهية والتحريض ضدّ الفلسطينيّين والمتعاطفين مع قضيّتهم، والتي وصلت في كثير من الأحيان إلى التحريض على الحصار والتجويع والقتل والإبادة الجماعية وحرق الأطفال وتهجير الفلسطينيّين في قطاع غزّة والضفّة الغربية. وفي هذا الإطار، رصد "صدى سوشال" ثلاثين ألف محتوىً تحريضي نُشر بالعبرية واللغات الأخرى منذ بدء العدوان.

ثلاثون ألف محتوىً تحريضي ضدّ الفلسطينّين خلال ثلاثة أشهر

أمّا "حملة- المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي"، فأشار في تقريره السنوي التاسع، الذي نشره الأربعاء الماضي بعنوان "هاشتاغ فلسطين 2023"، إلى زيادة الانتهاكات الرقمية بحقّ المحتوى الفلسطيني بشكل تراكمي، مُعتمداً على قاعدة بيانات "المرصد الفلسطيني لانتهاكات الحقوق الرقمية" (حُرّ) الذي وثّق 4400 حالة انتهاك تنوّعت ما بين إزالة وتقييد محتوى واختراق حسابات، وصولاً إلى خطابات الكراهية والعنف والتحريض. وأظهر التقرير أن 69% من هذه الحالات جرى توثيقها بعد السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر. ورصد "مؤشّر العنف"، وهو نموذج لغوي مدعَّم بتقنيات الذكاء الاصطناعي طوّره المركز، ما يقارب ثلاثة ملايين محتوى عنف وكراهية وتحريض باللغة العبرية موجَّهة ضدّ الفلسطينيّين.

وبالتوازي مع هذه الحرب الافتراضية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي، في عدوانه، استهداف قطاع الاتصالات في غزّة؛ حيث يستمرّ قطع الإنترنت والاتصالات عن القطاع. وقبل أيام، اعتقل الاحتلال فريقاً لشركة الاتصالات الفلسطينية خلال توجّهه لإعادة تشغيل مقاسم للاتصالات في خانيونس، ثمّ أطلق سراحهم، لكنّه عاد واستهدفهم بقصف مدفعي أدّى إلى استشهاد اثنين منهم ونجاة ثالث.

المساهمون