عن الاستعمار وإبادة المدن: مواجهات فلسطينية ضدّ التدمير الصهيوني

عن الاستعمار وإبادة المدن: مواجهات فلسطينية ضدّ التدمير الصهيوني

17 فبراير 2024
حيّ سكني دمّره القصف الصهيوني على دير البلح، 15 شباط/ فبراير 2024 (Getty)
+ الخط -

"الحرب على غزّة وقطاعها: المكان بين الرفض والإبادة" عنوان الحواريّة التي نظّمتها مجلّة "فسحة" الإلكترونية، وبُثّت عبر حسابها على "فيسبوك"، مساء الأربعاء الماضي، وقدّمتها الباحثة سهيلة عبد اللطيف، بمُشاركة ثلاثة باحثين، هُم: عبد الله البيّاري، وعلي حبيب الله، ودنيا الطيّب، والذين قدّموا مُداخلات حول مفاهيم كالهدم والإبادة، وتمظهُرات كلٍّ منهما في سياق العُدوان الصهيوني المستمرّ على غزّة منذ أكثر من 130 يوماً.

بدأت الندوة بمُداخلة من الباحث عبد الله البياري بعنوان "في منطق الهدم وإبادة المُدن"، حيث أشار إلى أنّ مشاهد الدّمار في المُدن العربية باتت تُحيل مباشرة إلى ما يجري في غزّة، بمعنى أنه مجرّد النظر إلى هذه الإبادة يجعلنا نشعر بالألم. وذكّر الباحث بمقولة للمُجرم شارون: "إذا أردت أن تُوجِع الفلسطيني وتتخلّص منه، فاهدم له بيته". هذه الاستراتيجية حدثت في كلّ المدن الفلسطينية، كما وضّح البياري، و"كانت تختلف فقط في اتجاهها، في نابلس مثلاً كانت عملية الهدم أفقية، في حين أنّ الهدم في غزّة اليوم عمودي".

تستهدف الإبادة المدينية النيل من الذاكرة لا المكان المادّي فقط

وأشار الباحث أيضاً إلى أنّ "الأنفاق استطاعت تفكيك السطوة الحداثية للعمارة. وأنّ الإبادة المدينية ممتدّة ضمن سياقات التاريخ والمجتمع وغير منفصلة عن ذلك، بالإضافة إلى مفهوم نزع الحركة، حين نلاحظ قصف النازحين من قبل الاحتلال حتى بعد أن يُطلب منهم الإخلاء". وختم البياري بالقول إنّ "من أهداف الإبادة المدينية النيل من الذاكرة أو الرمز، وأنّ سياسات إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب غالباً ما تتمّ وفقاً لأساس عسكري".

أمّا علي حبيب الله، فلفت في مداخلته "غزّة زمن الحرب العظمى" إلى أنّ "غزّة مدينة 'بوّابية' عبر التاريخ، أو 'دهليز الملك' كما قيل عنها، كونها تربط المنطقة الساحلية لمصر مع برِّ الشام، وهي أيضاً مدينة حافية؛ تفصل الصحراء عن البحر، وبالتالي لا توجد مدينة فلسطينية تعرّضت لما تعرّضت له غزّة بحُكم موقعها الجغرافي".

وتابع: "غزّة كانت بعيدة عن البحر حتى فترة الحرب العالمية الأُولى، وفي هذه المرحلة تمّ هدم المدينة كاملاً، من قبل الحلفاء، الذين قصفوها بوصفها نقطة ارتكاز عثمانية. ولاحقاً تمت إعادة بناء المدينة ودفعها أكثر نحو البحر، وتاريخياً وقعت المدينة بين 'ديرين'؛ دير البلح ودير سنيد وهي قرية مهجّرة أُقيم على أنقاضها 'معبر إيريز' الاحتلالي. مع ذلك فإنّ التحوّل الأكبر في تاريخ المدينة جاء مع النكبة؛ حيث ذابت المدينة التاريخية مع المخيّمات التي استُحدثت حينها".

وختمت دنيا الطيب الحواريّة بمداخلتها "سياسات الإبادة في الضفّة الغربيّة"، حيث اتّخذت من حوّارة نموذجاً تنطبق عليه حالة "صلب اليدين"، من ضمن مفهوم التجزئة، والقمع الإيمائي، والفقدان اللغوي وممارسات الصمود. متسائلة: "كيف يُمكن للفلسطينيِّين مُواجهة هذا القمع المُسلَّط من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال؟"، وضربت أمثلة على عمليات القمع الإيمائي مثل منع المشي على الشارع الرئيسي في حوّارة، أو حتى منع المزارعين في موسم قطف الزيتون من الذهاب إلى أراضيهم.

المساهمون