عبد اللطيف الوراري.. بحثٌ آخر في السيرة الذاتية
عبد اللطيف الوراري.. بحثٌ آخر في السيرة الذاتية
تتوزّع مؤلَّفاتُ الكاتب المغربي عبد اللطيف الوراري (1972) بين الكتابة الإبداعية ــ التي أصدر فيها ثماني مجموعات شعرية؛ من بينها: "ما يُشبه ناياً على آثارها" (2007) و"قرطاس" (2022) ــ والدراسات النقدية، التي صدرت له فيها ستُّة كتب تدور في فَلك الشعر والشعرية العربية؛ مثل: "تحوُّلات المعنى في الشعر العربي" (2009)، و"في راهن الشعر المغربي.. من الجيل إلى الحساسية" (2014).
للوراري، إلى جانب ذلك، أعمالٌ في أدب السيرة بأشكاله الذاتية والحوارية والرسائلية والشعرية؛ تناولَ في بعضها شخصيات أدبية؛ مثل "علي جعفر العلّاق: حياة في القصيدة" (2015)، و"عبد الكريم الطبّال، ناسك الجبل: حوارٌ في الحياة والشعر"، و"رسائل فدوى طوقان مع ثريا حدّاد: أضواء جديدة على حياتها وشعرها" (2018)، وأضاء في أُخرى على قضايا متّصلة بالكتابة السيرية؛ مثل: "ترجمة النفس: السيرة الذاتية عند العرب"، و"الذات، الكتابة، الهوية: حواراتٌ في الشعر المغربي" (2019)، و"سيَر الشعر: من بحث المعنى إلى ابتكار الهوية" (2022).
ضمن هذا الاشتغال يأتي كتابُه الجديد "السيرة الذاتية: النوع وأسئلة الكتابة"، الصادر حديثاً عن "منشورات سليكي أخوَين"، والذي يتناول فيه موضوع الكتابة السيرذاتية، مُقارباً أجناسها وقضاياها الفنّية.
يفحص المؤلِّف أبرزَ المشكلات والقضايا التي طرحها هذا النوع الكِتابي خلال العقود الأربعة الأخيرة، من خلال دراسة نماذج مختلفة من الخطاب السيرذاتي، ليخلص إلى أنّنا "إزاء نوع ذي اعتبار، لقي اهتماماً متزايداً في الوسطَين الجامعي والثقافي، بل تطوَّر بعد أن تحطَّم الإبستيمي الذي تحكّم فيه منذ نشأته، وظهرت أنماطٌ جديدة من كتابات الذات".
تحمل الدراسة، مثلما نقرأ في المقدّمة، رهاناً مضاعفاً يتمثّل في "ضبط التأويلات المتنوّعة لنوع السيرة الذاتية من خلال النصوص النظرية والفلسفية والشعرية المختلفة لمؤرّخي الأدب ومنظّري الأنواع الأدبية من جهة، والسعي إلى الإمساك بالغنى النصّي والتخييلي الذي أتاحه تطوُّر السيرة الذاتية في ضوء مفاهيم الذات والمرجعية والتخييل والكتابة، سواء في علاقتها بالأنواع القريبة أو المجاورة لها (السيرة، الرواية، التاريخ، الأرشيف الشخصي، التخييل الذاتي..)، أو في عبورها إلى الشعر باعتباره خطاباً مخصوصاً، من جهة أُخرى".
يضمّ الكتاب بابَين؛ يبحث أوّلُهما في أصول السيرة الذاتية ومقولاتها وسؤالها الأنواعي، بينما يُقارب الثاني الفضاءات السيرذاتية في نصوص شعرية وسردية لكتّاب عرب وأجانب تنوّعت أطروحاتهم الجمالية بين الذاتي والغيري وبين المرجعي والتخييلي؛ ومن بينهم: رولان بارت، وميشيل ليريس، ومو يان، وعبد المجيد بن جلون، وإيمان مرسال، ورشيد يحياوي، وعبد الإله بن عرفة، وعبد المنعم رمضان، ومحمد بن إدريس بلبصير، وحسن المددي، ومحمد علي الرباوي، ومبارك وسّاط.
