باولا ريغو.. استعارة لمذبح كارلو كريفيلي

باولا ريغو.. استعارة لمذبح كارلو كريفيلي

05 يوليو 2023
باولا ريغو أثناء إقامتها في "الغاليري الوطني" بلندن بين عاميْ 1990 و1992
+ الخط -

في عام 1491، أنهى الرسام الإيطالي كارلو كريفيلي لوحته "المذبح الكبير" التي نفّذها في "الكنيسة الفرنسيسكانية" ببلدة ماتيليكا الإيطالية، وهي تتكوّن من ثلاث قطع بارتفاع يصل غلى مترين ونصف، على غرار العديد من اللوحات ذات المضامين الدينية التي بدأت تنتشر خلال تلك المرحلة.

ينتمي العمل إلى الفن القوطي الذي اهتمّ بالزخارف والتزويق في رسم الشخصيات والخلفيات، بهدف منح المتلقّي إحساساً طاغياً بالبعد الإيماني آنذاك، وعكَس أيضاً الحساسية العالية التي اتّسمت بها أعمال كريفيلي في التعامل مع اللون والخط، والمبالغة في إظهار تعابير الوجوه في حالة التأمل أو الحلم، والتي تشي بالمأساوية عادةً.

تعود الفنانة البرتغالية باولا ريغو (1935 - 2022) إلى لوحة المذبح بعد خمسمئة عام من رسمها، في محاولة لإعادة تصوّر منزل الرسام الإيطالي وحديقته، من أجل استكشاف قصص النساء في العهد القديم والتراث اللاتيني، استناداً إلى مجموعة لوحات وقصص من العصور الوسطى.

الصورة
"حديقة كريفيلي" لباولا ريغو
"حديقة كريفيلي" لباولا ريغو

"بولا ريغو: حديقة كريفيلي" عنوان معرضها الذي يفتتح في العشرين من الشهر الجاري في "الغاليري الوطني" بلندن ويتواصل حتى التاسع والعشرين من تشرين الأول/ المقبل، ويجمع لوحتَي الفنّانَين الإيطالي والبرتغالية في فضاء واحد.

يسعى المنظّمون إلى إجراء مقارنة بين العملين الضخمين، واستحضار تلك الفترة التي أقامت خلال ريغو في الغاليري عام 1990، وشغلت على مدار عامين الطابق السفلي، حيث افتتنت بالشخصيات التي رسمها كريفيلي ومنها مريم العذراء، والقدّيسة كاترين، ومريم المجدلية، ودليلة، ونساء أخريات من التاريخ والأسطورة أيضاً.

الصورة
"المذبح الكبير" لكارلو كريفيلي
"المذبح الكبير" لكارلو كريفيلي

احتفظت ريغو، التي عُرفت بدفاعها عن حقوق النساء والمهاجرين ومواقفها المناوئة لحروب الولايات المتحدة، بالعديد من الرسومات من الجلسات الأصلية التي نفّذتها؛ حيث قامت برسم أشخاص تعرفهم من أصدقاء وأفراد عائلتها وموظفي الغاليري، حتى وصلت إلى الشخصيات التي تضّمنتها النسخة الأخيرة من عملها.

رسمت الفنانة البرتغالية في الفترة الأخيرة من حياتها مناظر طبيعية ومشاهد تاريخية ممزوجة برسوم هزلية. وفي المعرض الحالي، اقتربت من هذه المناخات، مع التركيز على موضوع أساسي يتمثّل في نقد القمع في مجتمع يهيمن عليه الذكور الذين يسيطرون كذلك على سوق الفن، بحسب وجهة نظرها.

تمزج ريغو في "حديقة كريفيلي" بين قدّيسي عصر النهضة وبطلات الكتاب المقدّس والأساطير وبين سياق معاصر لا ينفصل عن مضامين اجتماعية وسياسية تبنّتها في أعمالها، ولا يبتعد أيضاً عن سيرتها الذاتية؛ وهي التي عاشت في المنفى مع والدها المعارض للحكم الدكتاتوري في البرتغال، وخاضت أيضاً تجربته فاشلة في الزواج انتهت إلى الانفصال وتربية ثلاثة أطفال، وهي تجربة تركت أثرها الملموس على مجمل تجربتها.

المساهمون