"في مديح التفلسُف": السؤال أداة للتحرّر المعرفي

30 اغسطس 2022
نوال العبد الله/ الأردن
+ الخط -

"في مديح التفلسُف"عنوان المحاضرة التي يقدّمها الباحث الأردني معاذ بني عامر عند السادسة من مساء اليوم في "دار خطوط وظلال" بعمّان، ويديرها أستاذ الفلسفة أحمد ماضي، بتنظيم من "مركز تعلّم واعلم للأبحاث والدراسات".

تضيء المحاضرة الأسئلة ومقترحات الإجابات عليها، التي يطرحها الطفل، أو الإنسان، أو الفيلسوف، أو الحكيم، حول: الإله/ الإنسان/ العالم/ الأفكار/ الأشخاص/ الأشياء، وتتجلّى في واحدة من حواضن: الأسرة، أو المدرسة، أو المجتمع، أو القرار السياسي؛ بعد أن يكون الإنسان قد بنى حواضنه الفردية الثلاث وهي: الثقة النفسية والقوة المعرفية والإمكان الإبداعي.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يشير بني عامر إلى أن مشروع التفلسُف الإنساني يدور حول ثلاث مصفوفات رئيسية؛ الأولى تتكوّن من أربعة عناصر، وهي: الطفل، والإنسان الفيلسوف، والفيلسوف، والحكيم بما هو أكثر من فيلسوف. وهي بمثابة البناء أو الهيكل العام لمشروع التفلسُف الإنساني، بينما تتكوّن الثانية من ستة عناصر، وهي: الإله/ الإنسان/ العالَم/ الأفكار/ الأشخاص/ الأشياء. وهي بمثابة البناء الداخلي الذي يُعمل الإنسان المتفلسف آلته العقلية فيه، نقدًا، ومُحاججة، وتفسيرًا، وتأويلًا وإعادة إنتاج.

أما المصفوفة الثالثة، فتتكوّن من سبعة عناصر، وهي: الأسرة/ المدرسة/ المجتمع/ القرار السياسي/ البناء السيكولوجي للإنسان/ القوّة المعرفية/ الإمكان الإبداعي. وهي بمثابة الحواضن لمشروع التفلسُف الإنساني، وفق المحاضِر.

ويرى بني عامر أن مشروع التفلسُف ينتقل بالإنسان من مرحلة الانفعال بـ سُداسية: الإله/ الإنسان/ العالَم/ الأفكار/ الأشخاص/ الأشياء؛ إلى مرحلة الفعل بها، كُلّها أو بعضها، بحسب استطاعة المرء واستعداده النفسي والمعرفي. فالإنسان المُتلفسف لا يكتفي بإحضار الإجابات عن تلك السداسية إلى عقله، بل يعمل على تحضير إجاباته الخاصة حولها في عقله. 

ويضيف أن "ما يُميّز الأسئلة لدى الطفل حول تلك السداسية أنها غير واعية من جهة وغير زمانية من جهة ثانية. أي أنها غير ناتجة عن عمل عقلي مُسبق يُضمر طرح هكذا أسئلة ويريد البحث عن إجابات لها، بل إنها محض استنطاق لمورثات معرفية تراكمت على المستوى الجمعي وانطلقت فجأة عبر شخص لا يعي آليات انطلاقها. وهذا ما يُفضي إلى لا زمانيتها، فكما أنها انطلقت فجأة فإنها تنعطب فجأة. لكن كيف يمكن التأسيس لطفل مُتفلسف إذا كانت أسئلته غير واعية وغير زمانية من ناحية، ولا تبحث عن إجابات من ناحية ثانية".

ويلفت إلى أنه إذا سُمح لهذه الأسئلة بالمرور مع ما يقتضيه هذا المرور من احتفاء بانبثاقها، فإنَّ الطفل يحصل على أهم حاضنتين في تكوينه الفلسفي: الأسرة، والثقة بالنفس، ويتّسع هذا التمرين ويأخذ مدى أوسع وذلك بتعدُّد الذوات الفاعلة في المجتمع. 

ولكي تكتمل أطروحة بناء الإنسان المُتفلسف، كما يوضّح بني عامر، فلا بدّ من توافر حواضن: الأسرة/ المدرسة/ المجتمع/ الثقة النفسية/ القوّة المعرفية/ الإمكان الإبداعي، إلى جانب حاضنة القرار السياسي وهي الضامن الأساسي لحماية المجتمع من أي فكر خلاصي يحتكر الأسئلة والإجابات عليها بشكلٍ مُطلق، وذلك من خلال شرعنة الخُلاصات المعرفية وحمايتها قانونيًا، بحيث يصبح لأي مُتفلسف القدرة على إبراز إبداعه بدون خوف أو ابتزاز.

ويختم بالقول إن "الفيلسوف قد يكون مجرّد نِتاج للدَّرس الفلسفي الذي يعرف الأسباب القصوى أو الذي يقف على حقيقة الأشياء. لكن الفيلسوف كما أطرحه هو الذي يُحدث إزاحة معرفية في بِنى تلك الأسباب التي يقوم عليها العالم متمثّلة بالإله والإنسان والعالم".

المساهمون