حلم بالغ الواقعية

حلم بالغ الواقعية

12 يناير 2020
+ الخط -
حينما عجزت عن وصف منزل لقصتي.. شكوت ذلك لمريم: لا يمكنني ذلك! المنزل جميل جدا، وكل وصف أكتبه لا يرضيني. فكرت مريم وابتسمت كأن كلامها التالي حل بسيط: إن كان وصف منزلك الخيالي صعبا فصفي منزلا واقعيا.

وبما أن كل المنازل التي دخلناها لا نذكر منها سوى أهلها، ومنزلنا غير مناسب لقصة غير قصتنا، وقعت أسيرة الحيرة من جديد.. أنقذتني مريم مجددا: أتذكرين حين ذهبنا إلى منزل خالتي وخرجنا من منزلها بحثا عن حمامها ودخلنا منزل الجيران؟ يمكننا الذهاب مرة أخرى وإلقاء نظرة فتلك المرأة وحيدة فإن كشفنا فهي لن تشكل أي خطر علينا.


كان الوقت مساء، وأذان المغرب انتهى للتو. خرجت أنا وهي ومروة، وصلنا إلى المنزل بسرعة متدثرات بأغطيتنا. تركنا مروة تراقب الرواق رغم احتجاجها لأنها ترغب في رؤية المنزل أيضا. كان بوسعي توقع النهاية، فسوف نكشف في اللحظة التي تقرر فيها مروة ترك المراقبة وتدخل المنزل. ونظرا لأنه لا خيار آخر لي، دخلت.

كان المنزل مذهلا متوسط الحجم، بسيطا في أثاثه. قالت مريم: انظري للنصف وأنا للنصف وسأصف لك نصفي في المنزل.

يمكنني القول إن صاحبة المنزل تحب اللون الأحمر والطابع القديم للأثاث. الغرفة التي رجحت أنها للضيوف كانت بسجاد أحمر مزخرف بأوراق شجر سوداء، والغرفة التالية كانت بثلاثة "لحف" ـ هذه أقرب كلمة يمكنني التوصل إليها إلى المعنى العربي لكلمة "اللحوفة"ـ كانت كلها مغلفة بأغشية تحمل نفس زخرفة السجاد.

سمعت صوت انبهار مروة فعلمت أنها تركت موقع المراقبة، أضحكني التفكير في ذلك وفكرت أين تركت حذائي وغطائي. وفي اللحظة التي نطقت فيها مريم بجملتها المتأخرة: فلنغادر قبل أن نكشف. كانت تقف سيدة عجوز بباب منزلها لا تفهم شيئا مما تقوم به ثلاث فتيات متشابهات -هكذا أبدو أنا ومريم على الأقل- ليلا في شقتها مشدودات إلى أول حركة تصدرها.

هي لم تصرخ لأنها لم تشعر بالتهديد، لكن فور أن فتحت فمها لتتكلم انطلقنا نحوها جريا قاصدات الباب. حملت كل واحدة منا غطاءها وحذاءها وجرت إلى منزلنا. غير أني مازلت لا أثق في قدرتي على الوصف، فكلما وصفت بدا لي النص أشبه بتقرير عن المنزل، فكل ما أجيد قوله هو: كان المنزل مذهلا وساحرا جدا.