حياة (2D)

حياة (2D)

18 مارس 2018
+ الخط -
في عام 2000 أذكر عندما بدأت وكنت في الخامسة عشرة من عمري الإلحاح و"النق" على أهلي مطالباً بشراء كمبيوتر بغرض قراءة الموسوعات العلمية والأدبية والقواميس وغيرها من النوايا الصادقة للتعلم، كهدية على نجاحي في الصف التاسع -بالطبع كان الهدف الحقيقي هو NFS, IGI, Hitman, FIFA, Beach head… وغيرها من الألعاب-، لكن في وقتها كنا أمضينا سنوات في اللعب خارج أوقات الدوام، وكان أهلنا يعانون من مشكلة صعوبة إقناعنا بالجلوس في المنزل قليلا خاصة في فترة الصيف..

تعلمنا نحن جيل الثمانينيات، أن نعيش في العالم الافتراضي بعد أن كنا لعبنا كثيرا وتفاعلنا مع العالم الحقيقي، ولم يلعب أحد منا الفيفا الافتراضية قبل عشرات وربما مئات المباريات في باحات المدارس والشوارع، ثم انتقلنا للشاشات..


بينما يتعلم أطفالنا اليوم كيف يلمسون الشاشة ويتنقلون بين الصور ويشغلون الفيديوهات ونحن فرحين بهم وبانشغالهم عنا قليلا، ويتعلمون مهارات التواصل واللعب عبر الشاشات والأجهزة اللوحية والهواتف "الذكية" قبل أن يقوموا بتجربة اللعبة في الواقع الحقيقي في كثير من الأحيان..

خطر ببالي سؤال عندما رأيت طفلا منذ فترة بعمر السنتين يشير بإصبعه إلى كرة أمامه ويحرك اصبعه لليمين والشمال منتظرا أن تتحرك مع حركة أصبعه كما يحصل على الهاتف..

هل من السليم أن نترك أطفالنا منشغلين عنا ونفرح بأنهم "يلعبون" في عالم افتراضي ثنائي الأبعاد في أكثر مرحلة عمرية ينمو فيها دماغهم، ثم نكتشف بعد فوات الأوان أنهم لا يتقنون أي شيء من الألعاب التي يحبونها على أرض الواقع، أم أنه يجب علينا البدء بإغلاق هواتفنا نحن أولا وننظر إليهم ونفكر بطريقة سريعة لإقناعهم أن يبقوا خارج المنزل قليلا، خاصة في فترة الصيف ليستكشف كل منهم لعبة الحياة "الحقيقية" بأبعادها الثلاثة قبل أن يبدأ أطفال الجيل القادم بالبحث عن زر إيقاف التشغيل في جسدهم عند التوجه لسريرهم المستقبلي "الذكي" أيضا!
21489832-C371-4862-87C6-31E2F9D63FF6
محمد المصري

من مواليد 1986، القصير - سورية. درس الأدب الإنكليزي والماجستير في تدريس اللغة الإنكليزية، ويكمل حاليا الماجستير في إدارة الأعمال في لبنان.عمل وتطوع في عدة مؤسسات وجهات إنسانية وتربوية، ويدير حاليا برنامج تعليم الطلاب السوريين في لبنان، في منظمة مابس والتي تضم 184 معلما ومعلمة.