من يوقف نزيف السوريين؟ ومتى؟

19 يونيو 2017
+ الخط -
بدأت الحرب في سورية عام 2011، وبدأ معها موسم الهجرة والنزوح، ولما يزل مستمراً.

ومن السوريين من اختار الهجرة خارج البلاد هرباً، من ظروف الدمار والخوف على العائلة، ومنهم من فضّل النزوح الداخلي إلى المدن الأقل تأثراً بالحرب، وكانت محافظة الحسكة عموماً، ومدينة القامشلي بوجه خاص إحدى هذه المدن التي جاءها كثيرون من باقي المحافظات؛ وأذكر بشكل خاص هنا مدن دير الزور وحمص وحلب، ولم تبخل عليهم هذه المدينة الطيبة بناسها والكريمة بخيراتها، واستطاع الزائرون أن يبدؤوا حياتهم ويكملوها دون التفكير بملاذ آخر.

ولم يخلُ الأمر من منغصات مؤقتة بدت ببعض التفجيرات، التي كانت تخيف السكان بين الفترة والأخرى، إلا أنها بقيت صامدة وهادئة، ومستقرة.

كما أثرت الحرب على هذه المدينة بالركود الاقتصادي بين الفترة والأخرى، والذي كان مطرقة آذنت بهرب كثير من أبنائها، ولكن كل هذه الظروف كانت مقبولة لمن خاف مغامرة الهجرة، أو الاغتراب. وقد استطاع كل من يسكن هنا أن يرسم لأسرته حياة جديدة تناسب طموحاته، وتمنحه شعور الاستقرار البسيط، الذي يعد عظيماً في وطن الحرب.

وهذا العام أطلت المشكلة الحقيقية التي تؤرق سكانها، والنازحون فيها، وأقصد بذلك مشكلة التعليم، حيث فرضت الإدارة الذاتية إغلاق المدارس العربية، والسيطرة عليها وفرض منهاج مغاير للمنهاج العربي الحكومي، وهذا الأخير لا يعترف بما هو جديد، وبالتالي يعاني الأهل اليوم من مشكلة كبيرة تتعلق بمستقبل أولادهم، ولا نستثني تأثير هذه المشكلة على سكان محافظة الحسكة بأكملها عرباً وأكراداً، ونازحين، أي أن طلاب محافظة الحسكة وحمص وحلب ودير الزور ممن نزحوا إليها لا يدركون مصير أبنائهم، أو مستقبلهم، وأي منطق يقبل بدراسة المواطن على أرضه الأم بلغة أخرى، أو منهاج مغاير، لن يكون معترفاً به، ولماذا لا يكون من حقهم الاختيار، دون أن هذا الموقف التعسفي الذي لا يثمر إلا القهر والجهل، والكثير من المصائب التي ستترتب على تطبيق ذلك القرار، الذي يحتاج المراجعة، بالقدر الذي يحتاجه أولئك الطلاب من الرحمة، والرأفة بمستقبلهم، فهل من رشيد؟ وكما قال علي (كرم الله وجهه): يا بردها على الكبدِ من عالمٍ يقول لا يدري، وهو يدري!!

8208D0E6-2CD2-427A-A70D-51834F423856
يسرى وجيه السعيد

حاصلة على دكتوراه في فلسفة العلم من جامعة دمشق. ومدرسة سابقة، في قسم الفلسفة بجامعة حلب.