يسعى رجال الأعمال المغاربة إلى مد جسور الثقة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يتولى التغطية الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص بالمغرب. فقد سادت بين الطرفين حالة من التوجس في السنوات الأخيرة، نتيجة ما يعتبره رجال الأعمال تشديدا للمراقبة من قبل الصندوق على المقاولات في السنوات الأخيرة.
والصندوق مكلف بالتعويضات الاجتماعية للعمالة والتقاعد لعمال القطاع الخاص.
وقد استضاف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل جزءا وازنا من الشركات في المملكة، مساء أول أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، سعيد أحميدوش، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والتشغيل، من أجل البحث عن سبل الانتقال من حالة التوجس إلى الثقة بين رجال الأعمال والصندوق الذي يلاحق الشركات المارقة من أجل استيفاء مستحقات يراها ضرورية لتأمين التوازن المالي الذي يمنحه القدرة على ضمان ديمومة خدماته لفائدة العمالة.
واعتبرت مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغربية، أن "نشوب نزاع مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يندرج ضمن الحياة العادية للشركات" غير أنها شددت على أن الثقة تمثل "الطريقة الوحيدة لبناء نموذج اجتماعي في سياق من التناغم و كذلك الاختلاف بما يخدم المصلحة العامة".
وكان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أبدى في السنوات الأخيرة حرصا كبيرا على مراقبة المقاولات و القطاعات التي تمارس الغش أو تتهرب من احترام القانون القاضي بالتصريح بالعاملين لديها، بل إنها تدخل الصندوق امتد في السنوات الأخيرة إلى الحجز على الحسابات المصرفية لبعضها، ما أثار حفيظة رجال الأعمال الذين يعبر بعضهم عن ضيقهم مما يعتبرونه إمعانا من قبل الصندوق في مراقبة شركات بعضهم.
ودخل المدير العام للصندوق الوطني الاجتماعي، سعيد أحميدوش، في صلب الموضوع، منذ البداية، حيث أوضح أن" تحملات التغطية الاجتماعية، ليست مرتفعة في المغرب، إذا ما قورنت ببلدان مشابهة". وتساءل عما إذا كان مستوى التغطية الاجتماعية في المغرب مقبولا، موضحا أن" المغرب مازال أمامه مجهود يجب بذله في هذا المجال، فعند المقارنة ببلدان أخرى، تبدو التغطية في البلد في مستوى أدنى".
وأكد أحميدوش أن المغرب يعرف الأيدي العاملة في حدود 10.4 مليون شخص، حسب المندوبية السامية للتخطيط، غير أن "عدد العمال في القطاع الخاص، يقدر ب 3.6 مليون عامل، والحال أن 3 ملايين فقط مصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يعني أن 600 ألف يعملون دون أن يكون لهم الحق في التغطية الاجتماعية"، ما يبرر، في نظر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ملاحقة الشركات المارقة وتطبيق القانون والعقوبات التي يرتبها.
ولفت أحميدوش الانتباه إلى عدد الذين يعملون في المهن الحرة وغير المأجورين الذي لا يتوفرون على أية تغطية اجتماعية يتجاوز بكثير عدد الأجراء، حيث أكد على أن الحكومة تنكب على وضع قانون من أجل تمتيعهم بالتغطية، التي يفترض أن تشمل الأطباء و الصيادلة و المحامين، وكذلك من يمارسون أنشطة مستقلة.
وحاول أحميدوش استئصال ذلك الاعتقاد الذي يختزل عمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في المراقبة التي تفضي إلى معاقبة الشركات التي لا تصرح بالعاملين لديهم طبقا للقانون. فهو يؤكد أن المراقبين لا يتعدون 140 مراقبا من بين 4400 موظف لدى الصندوق يسهرون على تقديم الخدمات للمنخرطين فيه. ويؤكد أن المراقبة أضحت تبحث عن الفعالية، حيث تستهدف القطاعات أو المهن التي تظهر مؤشرات تستدعي مراقبتها وفحص مدى احترامها للقانون، خاصة أن الآلاف من الأجراء المغاربة لا يصرح بهم لدى الصندوق.
واعتبر أنه يجب التصريح بهؤلاء الأجراء الذين يوجدون خارج التغطية الاجتماعية، حيث شدد في هذا الصدد على ضرورة التوفر على تشريع قانوني يدفع رؤساء المقاولات الإمساك عن تشغيل العاملين دون تغطية اجتماعية، فهو يتصور أنه يعود إلى الحكومة وضع قانون يرتب عقوبات رادعة لرؤساء المقاولات الخارجين عن القانون.
وقال أحميدوش: "لو خيروني بين مضاعفة عدد المراقبين بثلاث مرات و وضع تشريع قانون رادع بسكل سريع، لكنت ميالا للحل الثاني".