2500 شركة عقارية تعمّر تونس

2500 شركة عقارية تعمّر تونس

19 نوفمبر 2014
مشاريع العقار في تونس (فتحي بلايد/فرانس برس)
+ الخط -
يمثّل القطاع العقاري أحد أهمّ المجالات الاقتصاديّة في تونس من حيث حجم الاستثمارات والعائدات، ونسبة المساهمة في النمو الاقتصادي التونسي. ويعود ذلك للحركيّة الكبيرة التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية من توسّع حضريّ خصوصا في المدن ‏الكبرى من البلاد. مما جعل من هذا القطاع وجهة مغرية للاستثمار المحليّ والأجنبيّ.‏ ويبلغ عدد شركات العقارات في تونس 2500 شركة، تتفاوت في ما بينها من حيث قيمة الاستثمارات المرصودة وحجم ‏المعاملات.

نمو سكاني... فعقاري
ويشرح الخبير الاقتصادي مصطفى الجويلي لـ "العربي الجديد" أن القطاع العقاري في تونس كان أحد القطاعات التي راهنت عليها الدولة التونسيّة منذ سنوات. وقد بلغ حجم ‏الاستثمارات العقارية في تونس قبيل الأزمة الاقتصاديّة التي تشهدها البلاد منذ ثلاث سنوات مستويات مرتفعة، ليحقق ما نسبته 14% من مجمل الاستثمارات في البلاد، وهو ما يضعه في نفس المرتبة مع القطاع ‏الصناعيّ في تونس.‏
وتشير الإحصاءات الرسميّة لوزارة التجهيز والتهيئة الترابيّة في تونس لسنة 2013، أنّ عدد الوحدات السكنية في الجمهورية ‏التونسية بلغ ما يقارب 2.9 مليون وحدة، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ويعزو الجويلي حجم هذا التطوّر إلى كون القطاع العقاري الملاذ الأكثر أمناً لمَن خافوا على ثرواتهم من تداعيات الثورة.‏
ويضيف شارحاً أهميّة القطاع العقاريّ في النسيج الاقتصاديّ التونسيّ أنّ "حجم مساهمة القطاع في الناتج المحليّ ‏الخام قد بلغ في أواخر سنة 2013 ما يناهز 9% من مجمل المداخيل بحسب كشف الموارد الذي أصدرته وزارة المالية في ‏السنة الماضية".
كما أنّ القطاع العقاري يساهم في تشغيل 40 ألف عامل بصفة مباشرة، وفق الجويلي، خصوصاً في المشاريع العموميّة التي أنشأتها ‏الدولة للتخفيف من ضغط البطالة على اليد العاملة غير المؤهّلة علمياً. بذا، يتصدّر النشاط العقاري، القطاعات الاقتصاديّة الأخرى من حيث مردوديّته ‏التشغيليّة وقيمته المضافة.‏

انعكاسات الأزمة الاقتصاديّة
النمو والمؤشرات التي تعكس أهميّة القطاع العقاري بالنسبة للاقتصاد التونسيّ، لم تعف هذا الأخير من ارتدادات الأزمة ‏الاقتصاديّة التي تشهدها البلاد منذ ثلاث سنوات. حيث سجّلت البورصة التونسيّة لشهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي انخفاض حجم ‏المعاملات في القطاع بنسبة 2.88%.
وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل هذا القطاع الاستراتيجيّ، وأهمّ ‏المعضلات التي تعيق نموّه والتي أدّت إلى تراجع مؤشّراته في السنوات القليلة الماضية بعد الطفرة التي شهدها منذ عقدين ‏تقريباً.‏
ويقول مدير شركة للمقاولات والتعمير في تونس العاصمة، محسن حسّان، أن البلاد تعيش ظروفاً استثنائيّة، تؤثر على كافة القطاعات الاقتصادية ومنها العقار.‏
ويلفت إلى أنّ أهّم المشاكل التي تواجه القطاع اليوم هي قلة الأراضي الصالحة للبناء بسبب الجمود في قوانين تغيير صبغة ‏الأراضي الفلاحية إلى أراض صالحة للبناء، رغم أن غالبية الأراضي المصنّفة زراعية لا تستعمل للزراعة، ولا لأي نشاط فلاحي آخر.
هذا الأمر أدى، وفق حسان، ‏إلى ارتفاع أسعار الأراضي المعدة للبناء،‎ ‎ممّا رفع أسعار العقارات بشكل هائل. وتزامن ارتفاع الأسعار مع الضغط السكاني الشديد في مناطق دون ‏غيرها وخصوصاً العاصمة ومدن الشريط الساحليّ. حيث يتراوح ثمن المتر المربع على مستوى المسكن الجاهز بين ‏‏1200 دينار (654 دولاراً) إلى 3000 دينار (1636 دولاراً) في المدن الكبرى ويصل ثمن المتر المربع إلى 950 ديناراً (518 دولاراً) في عدد من المناطق الداخلية. ‏
ثمّ يستطرد حسان قائلا إنّ مشاكل المهنيّين وأصحاب شركات المقاولات لا تتوقّف عند هذا الحدّ، "إذ يوجد مشكلات نشأت من ارتفاع أسعار الموّاد ‏الأوليّة التي يتم استيراد أغلبها من الخارج. إضافة إلى ارتفاع تكلفة اليد العاملة وسير الدولة نحو إلغاء الدعم عن الكهرباء ‏والغاز والماء وتحرير سعر الإسمنت. كل ذلك أدّى إلى تناقص هامش الربح وتردّد المستثمرين في اقتحام هذا القطاع والمغامرة ‏بأموالهم بعد تعاظم العقبات وارتفاع التكاليف".‏
وحول نسق نموّ القطاع وآثار الأزمة الاقتصاديّة التي تعرفها البلاد على حجم المعاملات، يوضح حسان أنّ الوضع ‏الاقتصاديّ العام في البلاد من ارتفاع نسب التضخّم وغلاء المعيشة وانخفاض مدّخرات المواطنين جعل من حجم المعاملات العقارية ‏يتراجع بشكل كبير، خصوصاً في المساكن المخصّصة للطبقة الوسطى الأكثر تضرّرا من الأزمة الاقتصاديّة.
ويعتبر حسان أن "جزء من المسؤوليّة يتحملها العاملون في القطاع الذين اتّجهوا نحو الاستثمار العقاري في الأحياء الراقية ممّا أدّى إلى ارتفاع هائل ‏للأسعار بلغ نسبة 40% خلال الثلاث سنوات الماضية".

المساهمون