2014 بين مغرب جديد وعميق

31 ديسمبر 2014
+ الخط -
شكلت سنة 2014 انتكاسة حقيقية للمغرب الجديد الذي أخطأ موعده، مرة أخرى، مع التاريخ، وضل طريقه إلى بر الأمان. فـالغـضب الشعبي عمّ البلاد، نتيجة تلقي المغاربة صدمات عديدة متتالية أجـجت فضائلهم الروحية، ومسّت قيمهم الوطنية العليا، وزادت من تشويه صورة البلد أمام العالم الخارجي.
فهل يمكن القول، إن التعثر الذي تعرفه شروطنا السياسية والتردي الخطير في أوضاعنا الاجتماعية هو الثمن الذي نؤديه أقساطاً مضاعفة أم أن الضميــــر الوطني أصبح مغيباً؟
لقد عـرت الفيضانات الأخيرة الواقع الهش للبنيات التحتية، وأظهرت، بجلاء، أن المسؤولية الكبرى، تتحملها النخب السياسية القائمة على تدبير الشأن المحلي، إذ ما زالت الصور المخزية لنقل جثامين الضحايا بواسطة شاحنة لنقل الأزبال في الأذهان. كما أن الفضيحة المدوية التي عرفها مركب مولاي عبدالله في الرباط على هامش تنظيم المغرب كأس الـــــعالم للأندية، ساهمت في تمزيق ما تبقى من خلايا الضمير الوطني المعلول، حـــيث أصبحت "الكراطة" وقطع الإسفنج أهم إنجـــــــــازات وزرائنا.
أثبتت هذه الوقائع، وغيرها، أن الشعب المغربي فشل، مرة أخرى، في اختيار النخب التي يستحقها، مثلما فشل، منذ قرون خلت، في حجز مقعد مع ركب الدول المتقدمة، عبر اختياره تجميد التاريخ، وإبقاء دار لقمان على حالها، الأمر الذي يزيد من تعميق ضبابية آفاق المستقبل الوطني المشترك بين مغرب عميق يفتقر لأبسط شروط الحياة الإنسانية، ومغرب جديد تحتكره  حفنة من اللصوص وقطاع الطرق.
خلاصة القول، إن المغـرب عجز عن تأسيس تكامل سياسي حقيقي بين "المغرب العميق" و"المغرب الجديد" في شتى الميادين، وعلى مختلف المستويات، ما ينذر بمزيد من التوترات مستقبلاً، ما دام الضمير الوطني في غرفة الإنعاش.
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)