يومان حاسمان من الغضب في غزة: الحدود نقطة العودة للأراضي المحتلة

14 مايو 2018
توقعات بتجاوز الشريط الحدودي في غزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يراهن الفلسطينيون كثيراً على التغيّرات المتوقع حدوثها عقب التظاهرات التي يجري التجهيز لها في يومي الغضب، اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء، استمراراً لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار على حدود قطاع غزة الشرقية، مع توقعات بأن يكون الحشد الجماهيري الأكبر منذ انطلاق الفعاليات في ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من مارس/آذار الماضي.
ولم تتوقف مساجد القطاع ومكبرات الصوت في الشوارع عن الدعوة للزحف الجماهيري، فيما انتهت على الأرض التجهيزات اللوجستية والطبية وعمليات التنظيم الميداني التي تقوم بها الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، والجهات المختصة، مع فتح المزيد من نقاط التماس مع الاحتلال في مناطق الحدود.

ويتزامن الزحف الفلسطيني على الحدود، مع نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، والتي ترافقت بشكل مفاجئ مع زيارة وفد قيادي رفيع من حركة "حماس" يترأسه رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى مصر للقاء وزير مخابراتها عباس كامل، والتي سيكون على رأس جدول أعمال لقائهما مسيرات الحدود.

ومن المتوقع، وفق التهديدات الإسرائيلية، أن يتعامل جيش الاحتلال بقواعد اشتباك متقدّمة جداً مع المتظاهرين الذين ينوون اجتياز السياج الحدودي مع الأراضي المحتلة، ولوحظ في اليومين الماضيين تكثيف الوجود العسكري الإسرائيلي على الحدود وفي نقاط التماس. حقوقياً، جدد المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان الدعوة إلى إرسال بعثة أممية لمراقبة الاحتجاجات في قطاع غزة، وخصوصاً في ذروتها اليوم، ومراقبة الممارسات الإسرائيلية بحق المحتجين.

طبياً، شهد مجمّع الشفاء في مدينة غزة، وهو أكبر مجمّع طبي في القطاع المحاصر، إنشاء مجموعة خيام ميدانية في باحته استعداداً لاستقبال الحالات والجرحى المتوقع سقوطهم اليوم الاثنين وغداً، إذ إن القدرة الاستيعابية للمجمّع لا تحتمل الأعداد الكبيرة المتوقعة، نتيجة التهديدات الإسرائيلية المتواصلة لقمع المتظاهرين. وأكد رئيس الاستقبال والطوارئ في مجمّع الشفاء الطبي، الطبيب أيمن السحباني، لـ"العربي الجديد" أن الخيام مجهزة بالمعدات الطبية، والأدوية اللازمة للتعامل الميداني مع الجرحى، بهدف الإسعاف الأولي للحالات الصعبة، والتعامل الفوري مع الحالات المتوسطة، كذلك التخفيف من الضغط الذي يشهده المجمّع في أوقات الطوارئ.

سياسياً، أكد القيادي في حركة حماس وعضو كتلتها البرلمانية في المجلس التشريعي، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، أن هناك تصميماً واضحاً واستعدادات تجري من قيادة مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار ليومي 14 و15 مايو/أيار الحالي. وأوضح موسى أن هناك تصميماً واضحاً أيضاً من الشعب الفلسطيني في القطاع بشكل خاص وفي مختلف المناطق، من أجل تنظيم مليونية كبيرة في إطار محطة نوعية ومفصلية، مع استمرار حالة التحشيد التي تجري لكل طاقات الفلسطينيين وأهالي القطاع.
وحالة التحشيد السارية في الشارع الفلسطيني حالياً وبشكل مكثّف خلال الأيام القليلة الماضية، تتزامن مع توحيد ووضوح للأهداف والوسائل في إطار السلمية والقانون الدولي والشرعية التي كفلت حق التظاهر السلمي، وفق القيادي في "حماس". وأضاف موسى أن السيناريوهات الموضوعة حالياً هي تجاوز الأسلاك والشريط الحدودي الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة من خلال الجماهير التي ستكون محتشدة في الميدان، وستكون هذه الجماهير سيدة نفسها، مع التأكيد على ضرورة استمرار الحراك بحالته السلمية.

وعن المطالب السياسية التي يسعى إليها الحراك، رأى القيادي في "حماس" أنه من السابق لأوانه الحديث عن أية مطالب حالياً، ولا سيما أن المطلوب ديمومة الحراك واستمراره أشهراً وسنوات من أجل أن تصبح كلفته كبيرة على الاحتلال ويستجيب للحقوق الفلسطينية.
أما عن التوقعات لسيناريوهات تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الجماهير، فأكد موسى أن إمكانية سقوط شهداء وجرحى بشكل كبير تبقى قائمة، لا سيما أن الاحتلال خلال الحراك أرسل العديد من الرسائل محاولاً إرهاب وإحداث حالة من الرعب في صفوف المتظاهرين، مع ضرورة الإبقاء على سلمية الحراك من أجل قطع الطريق على الاحتلال.


أما عضو الهيئة العليا لقيادة مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، ذو الفقار سويرجو، فقال لـ"العربي الجديد"، إنّ الحراك الجماهيري الممتد منذ 30 مارس/آذار الماضي سيكون يومي 14 و15 الحالي بمثابة تتويج، بفعاليات نوعية في المواجهة وتغير في الشكل وحجم الوجود والأعداد. وأوضح سويرجو لـ"العربي الجديد" أن كل السيناريوهات مفتوحة على كل الجهات، والحراك سيكون سيد نفسه والجماهير الفلسطينية التي ستحتشد بعشرات الآلاف وقد يزداد ذلك ليصل إلى مئات الآلاف وصولاً إلى تحقيق كسر الحصار بالقوة السلمية.

وحمّل عضو الهيئة العليا لقيادة مسيرات العودة، المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن أي نتائج ستحدث خلال هذين اليومين، لا سيما أن الشعب الفلسطيني قرر تطبيق قرارات الشرعية الدولية من خلال العودة إلى أراضيه المحتلة عام 1948. ورأى أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع السيناريوهات التي ستجري على الأرض، إلا أن الجماهير التي ستحتشد في الميدان ستفرض واقعاً جديداً بشكل سلمي سيحقق عبره الضغط على المجتمع الدولي والاحتلال من أجل الاعتراف بالحق الفلسطيني.
وشدد سويرجو على أن هذا الحراك لا يستهدف الذهاب نحو حلول سياسية، لكنه يطرق الأبواب، ويعيد وضع القضية الفلسطينية على سلم أولويات العالم، ويحاول الوقوف في وجه عمليات التطبيع التي تجري من قبل بعض الأنظمة في المحيط العربي، بالإضافة لكونه معركة مستدامة حتى يحقق الفلسطينيون أمالهم.

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، أن يومي 14 و15 مايو سيشكّلان نقطة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية لجهة كمية التحشيد والضخ التي تم استنزافها خلال الأيام الماضية للوصول إلى هذين اليومين، وسينتج عنها جملة من الفعاليات والأعمال التي تشهدها المناطق المختلفة وتحديداً قطاع غزة. وقال محيسن لـ"العربي الجديد" إن هذين اليومين سيكونان نقطة تحوّل في تاريخ القضية الفلسطينية لما بعدهما بشكل واضح، لا سيما أنها المرة الأولى التي سيتمكّن خلالها الفلسطينيون من الاقتراب من السياج الحدودي واجتيازه منذ النكبة عام 1948.

وأشار إلى أنه على مدار الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، لم يستطع أحد اجتياز الشريط الحدودي في مختلف مراحل النضال باستثناء خلايا المقاومة، لكن أن تقترب جموع بشرية بشكل سلمي وغير مسلح وتستطيع تجاوز الحدود، فسيكون لذلك صدى غير مسبوق. وسيقرأ الاحتلال الإسرائيلي ما يجري بطريقة مختلفة كون الأعداد غير مسلحة وستضع جنوده في حالة من الإرباك الدائم في طريقة التعامل مع الجماهير، وهو ما قد يعني أن المسيرة قد تخرج عن العمل النضالي السلمي إذا ما تعامل الاحتلال بطريقة عنيفة وقاسية لجهة استخدام سلاح القتل المباشر تجاه عدد كبير من المقتحمين كما هو متوقع، وفق محيسن.

ولفت إلى أن السيناريو المتوقع وهو الأقرب للحدوث هو نجاح الفلسطينيين في القطاع من عبور الشريط الحدودي في عدد من مناطق التجمّع التي يجري التحضير لزيادتها من قبل القائمين عليها من أجل إرباك جنود الاحتلال وستكون هناك حالة من الصدام. واعتبر أن ذلك سيضع المجتمع الدولي والإقليم أمام حالة تستدعي منهما إصدار موقف، وستزداد النداءات بضرورة إيجاد حلول لقطاع غزة خصوصاً في ظل عدم رغبة الجميع بتدحرج الأوضاع إلى مواجهة عسكرية شاملة بين المقاومة والاحتلال.