وفد النظام السوري في جنيف: لعبة "التذاكي" والتناقضات
ينتمي وزير الخارجية وليد المعلّم ونائبه فيصل المقداد والمندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى الفئة الأولى، بينما يتصدر القسم الثاني وزير الاعلام عمران الزعبي والمستشارة السياسية والإعلامية بثينة شعبان ورئيسة المكتب الصحافي المذيعة السابقة لونة الشبل، وكذلك أمجد عيسى، معاون لونة.
طبعاً لم يفت من ألّف هذا الوفد أهمية الإيحاء بتنوعه الطائفي والمذهبي والقومي والمناطقي، فهو لم يضم معاون الوزير حسام الدين آلا إلا لأنه كردي، وركز على وجود اثنين من الحوارنة، وهما المقداد والزعبي، وأبناء الشام، المعلم ومستشار وزير الخارجية احمد عرنوس، ومن الطائفة الدرزية لونة الشبل، في حين ينتمي أسامة علي، مدير مكتب المعلم، وأمجد عيسى وبثينة شعبان للطائفة العلوية.
لا تجديد في تكتيك النظام وهو إغراق التفاصيل وإضاعة الوقت، والتذاكي وعدم الإيفاء بالالتزامات والعهود والظهور بشكل المنتصر والمبدئي والنزيه والمتماسك.. لكن من يعرف تفاصيل الأمور، يدرك أن النظام لم ولن يتغير، فإدارة الوفد تجري بالطريقة نفسها على صعيد تحسُّس كل مسؤول من زميله، ولا سيما أن من شكل الوفد حرص على وجود المتنافسين فيه: المعلم - المقداد، شعبان - الشبل، الزعبي - الشبل، الفيصل - الجعفري، الشبل - الجعفري.. فضلاً عن التنافس المعروف بين شهرزاد، إبنة الجعفري، والشبل، على إدارة الإعلام وعلى أمور شخصية وعاطفية.
وهناك وظيفة مهمة لهذا السياق التنافسي، وهي تسارع أعضاء الوفد إلى إيصال الاخبار او اقتراح التعامل مع محاور المفاوضات الى الأجهزة المختلفة، وطبعاً الى صاحب القرار الأخير، وهو رأس النظام بشار الأسد.
وهذا يؤدي الى عكس الصورة التي يحاول النظام تظهيرها عن تماسك الوفد، وبالتالي تماسك النظام. وفي السياق، نُقل عن مرافقين للوفد أن الجو متوتر بينهم لأبعد الحدود.
أما الإغراق بالتفاصيل، فهذه لعبة النظام وقد عبّر عنها المعلم صراحة منذ بداية الازمة نهاية عام 2011، عندما وقّعت وزارة الخارجية السورية على بروتوكول جامعة الدول العربية لإيفاد مراقبين إلى سوريا في حينها، إذ طالبهم وزير الخارجية بـ"تعلم سباحة التفاصيل وإلا فالغرق"... غرقٌ بالقوائم والأسماء والترتيبات والفخاخ المنصوبة بعناية ودقة.
أما التذاكي، فهو الأداة المنهجية الأولى في تعامل النظام في جنيف، وهو ما بدا من خطاب المعلم، تحديداً في الموافقة على "جنيف 1"، والتحفظات عليه، وصولاً إلى ورقة المبادئ التي قدمها بعنوان "عناصر أساسية لبيان سياسي"، والتي تبدو منطقية، ولكنها تحاول حرف المسار التفاوضي عن هيئة الحكم الانتقالية، والحديث عن نظام سياسي في بلد وكأنه لا يعاني شيئاً.