وصل وزير الخارجية السويسري إيغناسيو كاسيس، فجر اليوم السبت، إلى الأراضي الإيرانية، في زيارة استهلها فور وصوله بالتوجه إلى مدينة أصفهان التاريخية وسط البلاد، حيث من المقرر أن يمكث فيها قليلا، قبل العودة إلى العاصمة طهران، وبدء مباحثاته الرسمية مع المسؤولين الإيرانيين، اعتبارا من غد الأحد على أن تستمر حتى الإثنين، وفقا للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة.
وقال خطيب زادة، مساء أمس الجمعة، في تصريحات، نشرتها قناته على منصة "تليغرام" إن أهم برنامج لكاسيس يوم الأحد هو المشاركة في حفل بمناسبة الذكرى المئوية لبدء العلاقات الدبلوماسية بين إيران وسويسرا.
وأضاف أنه خلال يومي الأحد والإثنين سيجري الوزير السويسري لقاءات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف، ومسؤولين رفيعين آخرين، من بينهم علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بحسب إعلان الخارجية السويسرية، الأسبوع الماضي.
واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن شخصيات برلمانية ترافق كاسيس في زيارته، ولذلك تم التخطيط للقاء له في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران.
وعن عناوين مباحثات الوزير السويسري في طهران، أشار خطيب زادة إلى أن "المحاور الرئيسة لمباحثاته ولقاءاته هي التشاور بشأن المواضيع ذات الاهتمام المشترك على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي وكذلك موضوع القناة المالية السويسرية"، من دون أن يسمي المواضيع الأخرى.
إلا أن الخارجية السويسرية، كشفت أنها تشمل مناقشة تطورات الاتفاق النووي وأوضاع الشرق الأوسط، فضلا عن الآلية المالية السويسرية (SHTA) التي دشنتها الحكومة السويسرية خلال يناير/كانون الثاني 2020 لإرسال السلع الإنسانية إلى إيران بموافقة أميركية.
وساطة محتملة
وتحظى سويسرا بموقع متميز في الدبلوماسية الدولية مع إيران، حيث إنها استضافت عدة جولات للمفاوضات التي أفضت إلى الاتفاق النووي عام 2015، وهي راعية المصالح الأميركية في إيران، وفي الوقت نفسه، راعية المصالح الإيرانية والسعودية لدى الطرفين، بعد انقطاع علاقاتهما الرسمية منذ العام 2016، وأيضا راعية المصالح الإيرانية في كندا.
ولعبت سويسرا دورا مهما في الدبلوماسية غير المباشرة بين طهران وواشنطن، طيلة العقود الأربعة الماضية، وأجرت وساطات عدة، ولاسيما في السنوات الأخيرة بعد التوتر الناتج عن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، لكن هذه الجهود أخفقت في إحداث انفراجة في الأزمة، وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، غير أنها نجحت في عقد عدة صفقات تبادل للسجناء بينهما.
وتمنح هذه المعطيات أهمية خاصة للزيارة في سياق الصراع الإيراني الأميركي المتصاعد، فضلا عن أنها تحصل في توقيت حساس في ظل التصعيد الأميركي لتدمير الاتفاق النووي من خلال تفعيل آلية "فض النزاع" في مجلس الأمن، والذي من شأنه أن يقضي نهائيا على الاتفاق النووي.
علاوة على أن وزير خارجية سويسرا استبق زيارته بمباحثات هاتفية مع نظيره الأميركي، مايك بومبيو، الأسبوع الماضي، ما يثير تساؤلات عما اذا كانت برن تسعى إلى تفعيل الوساطة بين طهران وواشنطن، وما إذا كان يحمل رسالة أميركية للقادة الإيرانيين؟ وهل ستنجح الوساطة إذا أجرتها سويسرا هذه المرة أيضا؟
وزير خارجية سويسرا استبق زيارته بمباحثات هاتفية مع نظيره الأميركي
غير أن الجانب الإيراني، قلل من سقف التوقعات بهذا الشأن، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أن زيارة الوزير السويسري "غير مرتبطة بالقضايا المطروحة بين إيران وأميركا"، مشيرا إلى أن "الزيارة كان قد خطط لها من قبل في إطار العلاقات الثنائية والزيارات المتبادلة المنتظمة بين وزيري خارجية البلدين، وهي قد تأخرت بسبب ظروف تفشي كورونا".
وبشأن مباحثات بومبيو الهاتفية مع كاسيس، قال خطيب زادة إن "الاتصالات المتسرعة لوزير خارجية أميركا مع الشخصيات التي تقصد زيارة إيران ليست مسألة جديدة"، معتبرا أن هذه التحركات لبومبيو "نابعة من العجز والارتباك وهو يسعى لمتابعة سياسة الضغط الأقصى الواهية بطريقة أخرى ويحاول صرف الدول الثالثة عن إقامة علاقات عادية مع إيران، لكنه فشل حتى الآن".
إلى ذلك، ولكي يسد الطريق أمام أي تكهنات بشأن نتائج أي وساطة قد يقوم بها الضيف السويسري، شدد المتحدث الإيراني على أن "الجمهورية الإسلامية قد أعلنت مرارا موقفها الرسمي بشأن التنمر الذي تمارسه إدارة ترامب ولم يحصل أي تغيير في هذا الموقف".
والموقف الإيراني هو ما جددت الرئاسة الإيرانية التأكيد عليه، أمس الجمعة، إذ أعلنت رفض إيران المقترح الذي تقدم به أخيرا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، للوساطة بين طهران وواشنطن لإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين، مؤكدة أن إيران "لن تجري أي تفاوض وموقفنا واضح بهذا الشأن".
وربط محمود واعظي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، إجراء أي تفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية بتراجع الأخيرة عن "أخطائها وإعلانها أنها أخطأت في سلوك مسار خاطئ عبر العقوبات... وعودتها إلى الاتفاق النووي".
وأكد واعظي، في مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية، أن "السيد لافروف ليس الوحيد الذي تقدم بمثل هذا المقترح، فدول أخرى حاولت إيجاد حل لهذه القضية"، قائلا إن "على الأميركيين العودة إلى الاتفاق النووي واتخاذ مواقفهم في إطار هذا الاتفاق، وبغير ذلك لن تثمر أي خطوة".