ورشة قوانين انتخابية في لبنان: هواجس طائفية

ورشة قوانين انتخابية في لبنان: هواجس طائفية

05 ديسمبر 2014
تفصّل القوى السياسية قانوناً انتخابياً على مقاسها (حسين بيضون)
+ الخط -
انتهت مسرحية التمديد لمجلس النواب اللبناني وعاد البحث عن قانون انتخابي جديد، يستبدل القانون الحالي المعروف باسم "قانون الستين". صوّت اللبنانيون منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية عام 1990 في خمس عمليات انتخابية، وفي ظل قانونين للانتخاب: حمل الأول اسم غازي كنعان رئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان، والحاكم الفعلي فيه منذ 1990 حتى 2005 تاريخ انتحاره (بحسب الرواية الرسمية) واغتيال رفيق الحريري. أما القانون الثاني الذي خلف "قانون غازي كنعان"، فهو "قانون الستين" الذي اتفقت عليه القوى السياسية اللبنانية لإجراء انتخابات عام 2009، بعد اتفاق الدوحة الذي أعقب أحداث السابع من أيار 2008 (الحسم العسكري الذي نفذه حزب الله في بيروت ضد خصومه).

يحمل القانون اسم "الستين" نسبةً إلى عام 1960 تاريخ إقراره مع اعتماد النظام الأكثري والقضاء كدائرة انتخابية، ما قسّم لبنان إلى جزر طائفية تضمن للأطراف السياسية فوزاً أكيداً في مناطق نفوذها الطائفي. ومع اقتراب موعد انتخابات عام 2013 بدأ الحديث عن التمديد، وكان عدم التوافق على قانون انتخابي جديد أحد عناوين هذا التمديد. فعقدت اللجنة النيابية المكلفة دراسة قانون الانتخابات لقاءات عديدة تركز البحث فيها على مشروع القانون "الأرثوذكسي" الذي طرحه رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي الذي اقترح "انتخاب كل طائفة لنوابها، ما يحقق التمثيل المسيحي الصحيح". ولقي مشروع القانون تأييداً مسيحياً واسعاً لا سيما من رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون ومعه حزب الله، مقابل معارضة سنية ــ درزية من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. سقط "الأرثوذكسي" ومعه مشروع القانون الذي قدمته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي تضمن إصلاحات جذرية، كاعتماد النظام النسبي، والمحافظة كدائرة انتخابية، الصوت التفضيلي (المعتمدة في اللوائح بالنظام النسبي)، واستخدام الأوراق المطبوعة سلفاً، والكوتا النسائية...

"قانون بري"

بعد تمديد مجلس النواب ولايته للمرة الثانية حتى عام 2017، كلف رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجنة الفرعية برئاسة النائب روبير غانم دراسة قانون الانتخاب الجديد، وأعطاها مدة شهر من تاريخ التمديد في 5 نوفمبر/تشرين الثاني. حملت اللجنة اسم "لجنة التواصل" لتجمع ممثلين عن القوى السياسية اللبنانية، وتخوض ـ بعد اتفاق سياسي مسبق ـ النقاش في مشروع قانون قدمه عضو كتلة "التنمية والتحرير" (التي يرأسها نبيه بري) النائب علي بزي. يجمع قانون بزي الهجين النظامين الأكثري والنسبي ويعتمد المحافظة كدائرة انتخابية، مع إدخال تعديلات، وصفت بالطفيفة، على بعض المحافظات.

انقضت مهلة الشهر من دون إنهاء اللجنة أعمالها، ما يطرح السؤال عن جدية عمل هذه اللجنة والقوى السياسية المتمثلة فيها. يشير عضو كتلة المستقبل النيابية النائب أحمد فتفت المشارك في اللجنة إلى أن البحث "دخل مرحلة الشق التقني". ويلفت فتفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى توقف البحث عند توزيع عدد النواب بين النظام الأكثري والنظام النسبي "إذ قدم حزب الله وحركة أمل اقتراحاً بانتخاب 64 نائباً وفقاً للنظام النسبي، و64 بحسب الأكثري، في حين اقترح تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي تقسيم 68 نائباً بالأكثري و60 بالنسبي".

يبدو تيار المستقبل متفائلاً بحصر النقاش بشقه التقني، وهو يعول على الحوار المزمع إطلاقه مع حزب الله برعاية نبيه بري في تفكيك العقد السياسية ومنها إقرار قانون انتخاب توافقي وانتخاب رئيس للجمهورية. أما القوى المسيحية المشاركة في "لجنة التواصل" (العونيون، الكتائب، والقوات) فتتفق على ضرورة إقرار قانون "يحقق المناصفة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين" (في إشارة إلى انتخاب المسيحيين نوابهم، لا أن ينجحوا بأصوات غير المسيحيين) بحسب عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ألان عون.

وفي وقت يغيب فيه عضو كتلة حزب الكتائب النائب سامي الجميل عن اللجنة من دون تسمية ممثل عنه، ينسّق ممثل حزب القوات النائب جورج عدوان خطواته مع تيار المستقبل، وهو الأمر الذي يزيد مخاوف القوى المسيحية من ضياع حظوظ المناصفة تحت عنوان التوافق.

وتشير مصادر نيابية لـ"العربي الجديد"، إلى أن البحث الفعلي في اللجنة يتلخص في إمكانية تأمين عوامل ثلاثة: "التوافق السني ــ الشيعي، الخصوصية الدرزية، وحسن التمثيل المسيحي". بين هذه العناوين الطائفية، يدور النقاش داخل مجلس النواب بشأن قانون الانتخابات النيابية المقبلة في عام 2017 (تاريخ انتهاء ولاية المجلس بعد التمديد). وفي أحسن الأحوال، سيتوافق النواب على قانون انتخاب جديد يعيد إنتاج الطبقة الحكامة نفسها، في حين يؤكد رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أن "المدماك الأساسي لتجاوز الأزمة اللبنانية هو قانون انتخاب يسترد السلطة من خاطفيها" على حد تعبيره.