انتخابات الرئاسة اللبنانية: ميشال عون الداء والدواء

انتخابات الرئاسة اللبنانية: ميشال عون الداء والدواء

15 نوفمبر 2014
خلال جلسة التمديد لمجلس النواب (حسين بيضون)
+ الخط -
قال المستشار السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين خليل، بعد زيارته رئيس التيار الوطني الحرّ النائب ميشال عون في الرابية أول من أمس، رداً على سؤال يتعلق بالمبادرات حول انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية: "يقوم بها بعض الحلفاء وبعض الأصدقاء وهم مشكورون على ذلك". المقصود بالحلفاء هنا، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبالأصدقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. لكن السخرية أنّ بري وجنبلاط يعتقدان أن العقبة الأولى لانتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة هو عون بذاته. ويرى الرجلان أن عون بات أقوى من حزب الله في هذا الملف، وذلك عبر الابتزاز الذي يُمارسه تجاه الحزب.
تقول مصادر سياسيّة قريبة من بري وجنبلاط إنهما لا يريان أي مانع إقليمي أو دولي لإجراء انتخابات الرئاسة الأولى، لملء الموقع الشاغر منذ 25 مايو/أيار الماضي. تتقاطع هذه المصادر، مع ما يُكرره العديد من الدبلوماسيين الغربيين من كون الملف بيد اللبنانيين دون غيرهم. يشرح أحد مسؤولي العلاقات الدبلوماسية في أحد الأحزاب اللبنانيّة، كيف أن لبنان لم يعد ملفاً على الأجندة الدوليّة. ويؤكّد أن أحداً من هذه الدول غير مستعد لممارسة جهد إضافي أو ضغط لحلّ ملف الرئاسة. بالنسبة لهذه الدول، فإن حجم المشكلة في المنطقة، من سورية إلى العراق، وانتشار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يجعل الملف اللبناني أكثر من ثانوي، لافتاً إلى أن المسؤولين الأجانب "يتابعون هذا الملف بالحد الأدنى، بمعنى منع الانفجار الداخلي لا أكثر".

ويؤكّد أحد السياسيين في لبنان أن لا مانع إقليمي لإجراء الانتخابات، بل إن المانع لبناني صرف. ويُشير السياسي نفسه إلى أن حزب الله أبلغ جميع المعنيين بملف الانتخابات أن عون هو المخوّل بالتفاوض، "وهنا تكمن المشكلة" برأي هذا السياسي؛ فعون يستطيع الضغط على حزب الله بورقة التحالف، لأن الحزب "متورط في الحرب السورية ولا يُريد أن يخسر التحالف مع عون".

ماذا عن عون إذا؟ ينقل عدد ممن يلتقون عون، بأن الرجل قابل للتفاوض، لكنْ هناك "مجلس سياسي يُحيط به يُقنعه بأن هذه هي فرصته للوصول إلى الرئاسة" يقول أحد السياسيين. ويتألف هذا المجلس من رئيس مجلس النواب الأسبق إيلي الفرزلي، ورئيس حزب الكتائب السابق كريم بقرادوني وآخرين. يلتقي هؤلاء بشكلٍ دوري، ويعتقدون أن الظروف في المنطقة تسمح للمسيحيين باستعادة أدوار ومكتسبات دستورية، خسروها في اتفاق الطائف. وسبق للفرزلي أن قال لـ "العربي الجديد": "نحن نريد حقوقنا، لن نقبل أقل من ذلك، وفي حال لم يحصل ذلك، فليذهب البلد إلى الحرب الأهليّة".

إذاً، يدور البلد في حلقة مغلقة. ورقة حلّ الانتخابات الرئاسية بيد عون، حتى اللحظة، والعقبة الأساسية أمام هذه الانتخابات هي عون بذاته. لكن هذا لن يلغي اتفاق الحدّ الأدنى بين القوى اللبنانيّة لإدارة الأزمة، والذي تُمثّله حكومة الرئيس تمام سلام. وجاء قانون تمديد ولاية مجلس النواب، لسنتين وسبعة أشهر، كمعبّر مهم لاستمرار هذا التوافق، وخصوصاً أن معارضة عون ونواب حزب الكتائب له، ليست بالجديّة التي تسمح بكسر هذا التفاهم، "وهم يعلمون جيداً أن الطعن الذي قُدّم للمجلس الدستوري، لن يُسقط كالمرة الماضية، بعدم تأمين النصاب لمنع المجلس من بتّ الطعن، بل سيجتمع أعضاؤه، ويؤكّدون أن التمديد دستوري وقانوني، للأسباب الموجبة التي ذكرها قانون التمديد، ولن تُحصر الأسباب بالجانب الأمني"، يقول أحد طابخي قانون التمديد. وبالتالي، فإن ذهاب عون وكتلته إلى المجلس الدستوري لن يُضعف التمديد بل سيجعله أمتن، عند تأكيد المجلس على دستوريته.

لكن، إدارة الحدّ الأدنى هذه، تعترضها مشكلات أيضاً. من أبرز هذه المشكلات، إضافة لموقع الرئاسة، ارتفاع مستوى الإحباط والنقمة على الدولة ومؤسساتها لدى الطائفة السنية. تقول مصادر سياسيّة متابعة لهذا الملف إن من يُمكن له العمل على استيعاب الشارع، ومنع انزلاقه أكثر باتجاه "جبهة النصرة" خصوصاً، هو تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري بالدرجة الأولى والشخصيات السياسيّة السنية مثل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. إلا أنّ "لا هذا ولا ذاك يعمل بشكلٍ جدي"، بحسب ما يقول سياسي على علاقة جيدة بالطرفين.

فالحريري الذي وعد عدداً من الشخصيات السياسية في لبنان بأنه سيعود ويعمل على إعادة هيكلة تيار المستقبل والبدء بورشة سياسية وإنمائية في المناطق السنية، غادر البلاد بعد زيارة الأيام المعدودة التي قام بها لبيروت في أغسطس/آب الماضي، ولم يعد منذ ذلك الحين. كذلك تأجّلت خطة "المستقبل" لإعادة هيكلة وضعه الداخلي، وتُرك الشارع السني على حاله. لكن هذا لا يمنع مسؤولي المستقبل من ترداد الكلام عن ضرورة تنمية المناطق السنية، إلى جانب إجراء سلسلة من الخطوات لإعادة الشعور بالانتماء للوطن عند هذا الجمهور، الذي بات يشعر جزء كبير منه بأن "جبهة النصرة" أقرب إليه من كل ممثليه المفترضين.