هيئات الإعلام المصرية: الخلاف مستمرّ

هيئات الإعلام المصرية: الخلاف مستمرّ

09 يونيو 2020
تشغيل أي قناة فضائية أصبح مكلفاً للغاية(جيانلويجي غوريثيا/فرانس برس)
+ الخط -
جدد قرار منع خمس إعلاميات في قناة "النهار" الفضائية من الظهور على جميع وسائل الإعلام المصرية لمدة عام، إلا بعد حصولهنّ على ترخيص من نقابة الإعلاميين، الخلاف بين رئيس "المجلس الأعلى للإعلام" مكرم محمد أحمد، ووزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، لا سيما بعد وعد الأخير بعودة الموقوفات إلى الشاشة مرة أخرى خلال الأيام المقبلة، وهو ما اعتبره الأول تدخلاً مباشراً في شؤون عمل المجلس.
وحسب مصادر إعلامية مطلعة، أجرى هيكل اتصالاً بمالك قنوات "النهار" رجل الأعمال العالق في لندن بسبب وقف حركة الطيران، علاء الكحكي، ووعده بحل أزمة إيقاف مذيعات القناة الخمس بناءً على مذكرة من نقابة الإعلاميين. غير أن مالك القناة فاجأ الجميع، بمن فيهم العاملون لديه، باعتزامه بيع قناتي "النهار" و"النهار دراما" عقب عودته من الخارج. وقالت المصادر في حديث خاص، إن وزير الإعلام تحفّظ على قرار بيع القناتين منعاً لتشريد مزيد من العمالة في الوسط الإعلامي، مستطردةً أن الوزير أجرى اتصالات بعدد من المسؤولين في "المجلس الأعلى للإعلام" و"الهيئة الوطنية للإعلام"، لكسب تأييد أعضاء المجلس والهيئة في أي قرارات قد يتخذها، سواء بعودة المذيعات، أو بضبط المشهد الإعلامي ضمن خطة الحكومة لإعادة هيكلة الفضائيات.
وأشارت المصادر إلى احتدام الخلاف بين هيكل ومكرم، خصوصاً أن الأخير كان يعتبر نفسه "وزيراً للإعلام"، مبينة أنه عقب استحداث منصب وزير الدولة للإعلام، خرج مكرم ليردد علناً في وسائل الإعلام بأنه "وزير بلا وزارة"، و"القانون لم يوضح اختصاصاته"، حتى وصل الأمر إلى قوله إن "منصب الوزير بداية لتكميم الأفواه وغياب الحريات".
وتابعت أن تصريحات مكرم أثارت حفيظة وغضب هيكل، والذي طالب جهات سيادية في الدولة بالتدخل لمنع تلك التصريحات، بعدما رأى أنها تُضعف من مكانته وسط الهيئات الإعلامية، مرجحة إزاحة مكرم من منصبة خلال الأسابيع القليلة القادمة، في ضوء التغييرات المرتقبة في رؤساء وأعضاء الهيئات الإعلامية والصحافية الثلاث.
في موازاة ذلك، قال أحد المعدين في قناة "النهار" إن "نقابة الإعلاميين ترى أن المذيعات الموقوفات غير مؤهلات للعمل كمذيعات، بسبب أخطائهن أثناء تقديم عدد من البرامج، فضلاً عن عدم قيدهن في جداول النقابة، أو حملهن تصاريح للعمل في القنوات الفضائية"، مستدركاً بأن "إدارة القناة تواجه أزمة مالية خانقة في الوقت ذاته، وهو ما يُنذر بعدم استمرارها نتيجة تراجع إيرادات الإعلانات، وارتفاع سقف المصروفات". وأفاد المعد في القناة بأن "معالم سوق الإعلانات في مصر باتت غير واضحة، بسبب الأزمة الاقتصادية المصاحبة لانتشار جائحة كورونا، والتي أثرت بالسلب على إيرادات كافة وسائل الإعلام"، متابعاً أن "تشغيل أي قناة فضائية أصبح مكلفاً للغاية، بسبب ارتفاع أجور المذيعين من ناحية، وتكلفة تشغيل الاستوديوهات، وتعقيم وتطهير مقر القناة بصفة دورية من ناحية أخرى".

وتسيطر حالة من الترقب على الأوساط الإعلامية المصرية، انتظاراً لصدور قرار رئاسي بإعادة تشكيل "المجلس الأعلى للإعلام" و"الهيئة الوطنية للإعلام" و"الهيئة الوطنية للصحافة"، وما يعقب ذلك من تغيير لرؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية (مملوكة للدولة)، ودمج عدد من إصداراتها في إطار إعادة هيكلتها، وطرح بعض أصولها للبيع، بذريعة تراكم مديونياتها لدى الجهات الحكومية.
وقال مصدر صحافي مسؤول لـ"العربي الجديد"، إن تلك التغييرات تأخرت كثيراً، وكان من المفترض الإعلان عنها في أعقاب انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة ثانية عام 2018، مشيراً إلى أن تغييرات الهيئات الإعلامية الثلاث تخضع للمراجعة حالياً داخل أجهزة الأمن والمخابرات والرقابة الإدارية، من أجل الإطاحة بالقيادات الحالية، وتصعيد أخرى بدلاً منها. وأضاف أنه من المقرر رفع الأسماء المرشحة لرئاسة الهيئات الإعلامية إلى مؤسسة الرئاسة للتصديق عليها، حيث إن هيكل أطلق تصريحات مؤخراً حول اقتراب التغييرات بالتزامن مع الاحتفال بعيد الإعلاميين، متوقعاً تخفيض عدد أعضاء الهيئات الثلاث إلى 9 أعضاء بدلاً من 13 حالياً، مع استبدال الرؤساء الحاليين للهيئات بـ"شخصيات أكثر تناغماً مع السياسة الإعلامية الجديدة".

وتستهدف خطة "تطوير الإعلام"، كما يراها النظام المصري، ترسيخ مفهوم الإعلام القومي للدولة الذي يقلص بدوره حرية الرأي والتعبير، علاوة على تحكّم وزارة الدولة للإعلام في وضع سياسة ما تريده السلطة الحاكمة، وليس الشارع، وفقاً للمصدر.
من جهته، رفض عضو مجلس نقابة الصحافيين، عمرو بدر، سياسة الحكومة الجديدة إزاء المساس بالمهنة، أو تجميد دور النقابة، والتي بدأت بإيقاف التعيينات في المؤسسات الصحافية، معتبراً أن الاستغناء عن العاملين، سواء كانوا من الصحافيين أو العمال، ودمج الإصدارات الصحافية العملاقة، هو أمر مرفوض وخطير، ويتطلب من أجهزة الدولة البحث عن حلول لإصلاح تلك المؤسسات، بدلاً من التوجه نحو بيعها أو خصخصتها.
ويصاحب التغييرات المرتقبة غموض في ملف العاملين في المؤسسات الصحافية القومية، والهيئة الوطنية للإعلام (ماسبيرو سابقاً)، والتي تطل على كورنيش نيل القاهرة، وسط تواتر أنباء عن الاستغناء عن الآلاف من العاملين في الهيئة ضمن سياسة ترشيد النفقات، وإلغاء بعض الإصدارات الورقية في الصحف المملوكة للدولة، وتحويلها إلى إصدارات إلكترونية.