ناشطون مصريون يتخوفون: هل يلقى مصطفى النجار مصير خاشقجي؟

ناشطون مصريون يتخوفون: هل يلقى البرلماني السابق مصطفى النجار مصير خاشقجي؟

30 أكتوبر 2018
مر شهر على اختفاء النجار(تويتر)
+ الخط -


أبدى عددٌ من الناشطين المصريين تخوفهم من استمرار اختفاء أحد أبرز وجوه ثورة 25 يناير، البرلماني السابق مصطفى النجار، في ظلّ ادعاء الأجهزة الأمنية عدم علمها بمكانه إلى الآن، بالرغم من سمعتها "السيئة" في ملف "الإخفاء القسري" للمعارضين، وما يتواتر من أنباء حول احتجازه في معسكرٍ للأمن في محافظة أسوان، على الحدود الجنوبية للبلاد.

وزعمت "الهيئة العامة للاستعلامات"، التابعة للرئاسة المصرية، في بيانين متتاليين، أن النجار يعد هارباً من تنفيذ الحكم القضائي الصادر بحقه بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، في القضية رقم 478 لسنة 2014، المعروفة إعلامياً باسم "إهانة القضاء"، رافضة ما يُثار من أخبار و"شائعات" في بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، عن إلقاء القبض عليه أو إخفائه قسرياً.

وقال عضو البرلمان السابق، عمرو الشوبكي، إن "النجار مختفٍ منذ تأييد محكمة النقض حكم حبسه في قضية إهانة السلطة القضائية، وسط أنباء تتردد عن اعتقاله أثناء محاولته للخروج من البلاد"، لافتاً إلى تواصله مع رئيس "هيئة الاستعلامات"، ضياء رشوان، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد فائق، وتأكيدهما أن أجهزة الأمن لم تلقِ القبض عليه.

وأضاف الشوبكي، في تدوينة نشرها على صفحته الشخصية عبر موقع "فيسبوك"، اليوم الثلاثاء، تحت عنوان "سلاماً إلى مصطفى النجار"، أنه تطرق مع رشوان وفائق في حوارات شخصية مطولة إلى جوانب كثيرة في القضية، وأكدا ما سبق وأعلناه في بيانات رسمية، من أن النجار لم يُعتقل، وأنه مختفٍ عن الأنظار حتى لا ينفذ فيه الحكم القضائي.

وتابع: "النجار هو أحد شباب ثورة 25 يناير، الذين تحاوروا مع الدولة منذ اليوم الأول، لأنهم يعرفون أن السياسة تفاوض، وحلول وسط، لا مزايدة وشتائم...وظل صوتاً للاعتدال والحوار، حتى ترشح في الانتخابات البرلمانية، وفاز على مرشح سلفي مدعوم من جماعة الإخوان، ليصبح العضو الأصغر سناً في البرلمان".

وزاد الشوبكي: "النجار صوت اعتدال إصلاحي، وظل سلاحه كلمة يكتبها لسنوات في صحيفتي المصري اليوم والشروق، إلى أن توقف مؤخراً عن الكتابة، وابتعد تماماً عن العمل السياسي...وأصبح طبيباً ناجحاً للأسنان، وحقق نجاحاً مهنياً كبيراً من أجل أبنائه وأسرته...أتمنى فقط للشاب الخلوق المحترم الخير والسلامة، وألا يكون أصابه أي مكروه".

بدورها، قالت الحقوقية منى سيف، إن "الهيئة العامة للاستعلامات متمسكة جداً بإعلان أن مصطفى النجار ليس مقبوضاً عليه...وأكدت مرة ثانية على هذا الموضوع ببيان صادر في وقت متأخر من الليل...هذه مؤشرات مقلقة جداً، خاصة أن آخر معلومة كانت لدى أهله أنه مقبوض عليه، ومحتجز في معسكر الشلال بأسوان منذ شهر".

وأضافت سيف، وهي شقيقة الناشط المعروف (المعتقل حالياً)، علاء عبد الفتاح، أن "الإصرار على إعلان أنهم لا يعلمون أين النجار، وأنه في حكم الهارب، هو أمر مقلق جداً جداً...خاصة أن ضياء رشوان يتصدر للحديث والنفي وإصدار البيانات"، في إشارة منها إلى أنه صحافي موال للنظام، ولطالما دافع عن انتهاكات السلطة الحاكمة بحق معارضيها.

أما المحرر الإذاعي، إبراهيم فايد، فعقب بالقول: "انبشوا القبور، واقتفوا رفات جمال خاشقجي (الصحافي السعودي الراحل)، حتماً سيدهشكم القدر، ويلفظ إليكم بجثة مصطفى النجار...فالأنظمة العربية، وإن تباين بطشها، إلا أن أصالة القمع، وركاكة الفكر، وقلة حيلة المجرم، تبقى أهم وأعرق ثوابت المنظومة الأمنية في الشرق!".

في السياق ذاته، أصدرت مجموعة من الشخصيات المصرية المعارضة في الخارج، بياناً، طالبت فيه السلطات بالكشف الفوري عن مصير النجار، الذي اختُطف منذ قرابة الشهر إلى مكان غير معلوم، محملين نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأجهزته الأمنية، المسؤولية كاملة عن سلامته وأمنه.

ووجه الموقعون رجاءً إلى المجتمع الدولي بـ"التحرك السريع، لكشف ملابسات اختفاء النجار، قبل أن يرى المصريون جمال خاشقجي جديداً، خاصة أن مصر لديها المئات من الحالات المشابهة"، بحسب البيان، داعين جميع المنظمات الحقوقية إلى "التحرك الفوري، والتصعيد لإنقاذ حياة الناشط والبرلماني السابق".

وكانت الصفحة الرسمية (الموثقة) للنجار قد نشرت رسالة من أسرته وأصدقائه، قالوا فيها إنه "مرّ شهر كامل، ولا أحد يعلم مكانه أو حالته...فهناك أمٌ مريضة قعيدة قلبها ينزف، وتبكي ابنها، ليل نهار، لا ترجو سوى أن تعرف إذا كان على قيد الحياة أم فارقها...وزوجة وثلاثة أبناء يتساءلون أين والدهم، وإخوة وأخوات وأصدقاء يتألمون، ويتجرعون مرارة الألم".

وأضافوا "كلنا عاجزون عن مساعدة من كان عوناً للجميع، وتنخلع القلوب جرياً وراء أي خبر أو شائعة عن احتجازه بمكان ما...ويسلك الجميع كل الطرق للوصول إلى معلومة أكيدة، ولا فائدة...يشهد الجميع بنبل أخلاقه، واعتداله، وإخلاصه لمبادئ آمن بها...وأحلام سعى جاهداً لتحقيقها".

وتابعوا في رسالتهم "كان يكتب من أجل الحب، فحاربه من يزرعون الكراهية، وهم كثر...كان يسعى للحرية والكرامة، ويجوب مصر من أقصاها إلى أقصاها ليساعد الناس، ولم يدخر جهداً لإغاثة الجميع...وترك مهنته الأساسية (طب الأسنان)، وما تدره من أموال لسنوات طوال، ليحمل هم الوطن، ويشارك في تغيير حياة المصريين، والنهوض بها".

كما أشاروا إلى أن "النجار رفض أن يغادر مصر، وعاد مرات إليها، حتى بعد التنكيل به، ومحاولات التشويه المستمرة لسنوات"، مختتمة بأنه "كان مهذباً خلوقاً راقياً مع من يتفق معهم، أو مع من يعارضهم، ويخالفهم الرأي...قد تتفق أو تختلف معه، ولكنه الآن إنسان غائب، ولا يعرف مكانه أو حاله أحد...لا أسرته، ولا أصدقاؤه، ولا محاميه!".


وألقى الأمن المصري القبض على النجار، وفقاً لما نشرته مواقع إخبارية محلية محسوبة على النظام، علاوة على مصادر مرتبطة بالنجار نفسه، ثم صدر بيانٌ رسمي يفيد بأنه لا علم للسلطات بمكانه، ومنذ ذلك الحين تعد حالة النجار نموذجاً للإخفاء القسري في مصر، على غرار اختطاف السلطات المصرية مئات المعارضين، ووضعهم في سجونها، مع إخفاء علمها بمصائرهم.

وبدأ النجار العمل العام مبكراً، حين ترشح في انتخابات "اتحاد طلاب المدارس الثانوية" و"انتخابات اتحاد الطلاب" في الجامعة، وواجه الشطب والحرمان من الترشح أكثر من مرة بسبب آرائه المعارضة للنظام، وله نشاطات في العمل الخيري والاجتماعي وتطوير العشوائيات، كونه عضواً بعدد من منظمات المجتمع المدني.

والنجار من مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير، وتولى منصب منسق "الحملة الشعبية لدعم البرادعي"، وتعرض للاعتقال أكثر من مرة في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، لعل أبرزها عقب زيارة وفد من النشطاء للعزاء في ضحايا مذبحة نجع حمادي من الأقباط عام 2010، ومساء يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011 بعد فضّ الاعتصام بميدان التحرير وإصابته.

المساهمون