مهزلة الانتخابات السوريّة وتداعيات بقاء الأسد

06 يونيو 2014
انتخابات لإضفاء الشرعيّة على بقاء الأسد(جوزيف عيد/الفرنسية/Getty)
+ الخط -
حاول النظام السوريّ جاهداً إضفاء طابع ديمقراطي على "الانتخابات" الرئاسية الأخيرة، متّخذاً خطوات مسبقة في التحضير لها، منذ العام 2012، عندما فرض وجود معارضة شكلية في البرلمان، في خطوة غير مسبوقة منذ استلام حزب البعث الحكم في البلاد في مارس/آذار 1963.
وتعتبر انتخابات 2014 الرئاسية هي الأولى التي يشارك فيها، نظرياً، أكثر من مرشح. كما أنّ النظام استدعى مراقبين من دول حليفة، لا تمارس فيها الديمقراطية بشكل كامل، مثل روسيا وإيران والصين وفنزولا ونيكارغوا وكوبا، ليشرفوا "شكلياً" على هذه الانتخابات، ولإضفاء الشرعية عليها. وسخّر إعلامه وإعلام حلفائه في تلميع صورته خلال حملاته الانتخابية، ومنع الصحافيين الأجانب من تغطية الحدث، مما جعل البعض يتساءل: لماذا يكترث النظام أصلاً لإجراء انتخابات غير معترف بها دولياً؟

يرى عدد من المراقبين أنّ "فوز" بشار الأسد في هذه المسرحية الانتخابية، من شأنه أنّ يزيد من ضعف النفوذ الدولي والأممي أكثر ممّا هو ضعيف وشكلي اليوم. ومن المتوقع أنّ يكثف حلفاء النظام من دعمهم العسكري للمقاتلين الأجانب إلى جانب قوات النظام، وهذا يعني تلاشي أيّ أملٍ لإنهاء النزاع في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من وجود مقاتلين من حزب الله اللبناني، ومقاتلين عراقيين وغيرهم من المدعومين من إيران على الأراضي السورية، إلا أنّ نظام الأسد يفتقر إلى القوات اللازمة لاستعادة السيطرة على جميع الأراضي السورية والاحتفاظ بها. ومن المتوقع أنّ يعمق هذا من انخراط حلفاء النظام في الصراع الدائر. وسيحاول النظام السوري استغلال النصر الزائف في الانتخابات، لإضفاء الشرعية على وجوده، وخصوصاً لأنّه لم يواجه إجراءات رادعة من قبل الدول التي يطلق عليها تسمية "أصدقاء سورية"، باستثناء فرنسا، التي منعت سفارة النظام في باريس، من إجراء الانتخابات، كما واجه النظام رفضاً نسبياً للسماح بالتصويت في سفارتيه في ألمانيا وبلجيكا.

من جهتها، لم تستطع الولايات المتحدة تأدية دور دبلوماسي فعال، يوقف مهزلة الانتخابات السورية. ويرى نائب رئيس"المعهد الأميركي للسلام"، ستيفن هيدمان، أنّه يتوجب على الولايات المتحدة وحلفاؤها "رص الصفوف ومواجهة هذه الانتخابات بوقفة دبلوماسية صارمة". ويقول إنّ الاستراتيجية الوحيدة المؤثرة التي يمكن أنّ تقوم بها الادارة الأميركية، والتي لا تزال مترددة في تنفيذها، هي "نقل السلطة من نظام الأسد إلى معارضيه"، ويرى فيها "ليس الرد المناسب على المناورة الانتخابية للأسد فحسب، وأنما هذه الاستراتيجية، أيضاً، ستعزز النفوذ السياسي والدبلوماسي للولايات المتحدة، وتعيد الأمل في التوصل لتسوية لحل النزاع عبر المفاوضات".

ويحث بعض المستشارين في الإدارة الأميركية، الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على التدخل لنقل الشرعية من نظام الأسد إلى معارضيه عبر السيطرة على عمل سفارات النظام، لأنّ ذلك برأيهم، سيعزز الدور الدبلوماسي والسياسي للولايات المتحدة ودول "أصدقاء سورية" في أيجاد حل للأزمة، كما أنّه سيفضي إلى ايجاد المبرر القانوني لنقل المساعدات الإنسانية من خلال الأمم المتحدة، من دون الحصول على موافقة من مجلس الأمن. 
أما "الصقور" الأميركيون فهم لا يرون أيّ حل قادر على ردع الأسد غير تزويد المعارضة بأسلحة فتاكة، كالأسلحة المضادة للطائرات، بالإضافة إلى شن هجمات صاروخية على مواقع مهمة للنظام. ويذهب هؤلاء إلى الاعتقاد بأنّ السماح لنظام الأسد وحليفته إيران، بتحقيق نصر، حتى ولو كان جزئياً في سورية، قد يصعّب من ضمان الحصول على تنازلات إيرانية في البرنامج النووي، إضافة إلى احتمال إشعال حرب إقليمية مذهبية.

من جهته، يرى الباحث الأقدم في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، أندرو جيه تابلر، أنّ السماح للأسد "بالمضي قدماً في انتخابات مزيفة يعني المساهمة في انتشار حرب بالوكالة في الشرق الأوسط، بين إيران والدول العربية يكون مركزها سورية، والتسليم  للحكام المستبدّين بأنّ المذابح الجماعية تجدي نفعاً".

ويقول تابلر إنّ "السماح للأسد بفرض حله القسري سيبيّن لموسكو وغيرها، من خصوم الولايات المتحدة، أنّ واشنطن غير مستعدة للالتزام بمبادئها الخاصة بالسياسة الخارجية وباتفاقياتها الدبلوماسية". بيد أنّه لا يجد أيّ خيارٍ "في تغيير مسار الأسد غير تدخل عسكري من الغرب وحلفائه الإقليميين، من النوع الذي يتردد أوباما بشدة في اللجوء إليه، بسبب تكلفته ونتيجته غير المؤكدة بالنسبة للولايات المتحدة".

دلالات
المساهمون