في سورية هناك سكيزوفرينيا عتيقة بين الحقيقة والواقع، بين الاسم والفعل، بين الشكل والمضمون، بين المنصب والكفاءة. لا أحد في "سورية الأسد" في مكانه. ولهذا بالتحديد قامت الثورة وتحوّلت إلى حرب أهلية طاحنة.
بالطبع منافساتها من "الشبّيحات"؛ وبالتأكيد لم تتقدّم للمشاركة في مسابقة ملكة الجمال نساءُ الشهداء أو بنات المقاتلين أو طالبات الجامعات اللواتي يقفن إلى جانب الثورة، أو الفتيات العاديات المستقلات اللواتي يردن أن يعشنَ بكرامة، أو أيّ امرأة أو فتاة ضدّ نظام الأسد وظلم كتائبه.
بلا أدنى شكّ لم تشارك في مسابقة انتخاب سارة نخلة "ملكة جمال" إلا بعض بنات المقرّبين من النافذين في نظام الأسد، أو قل بعض صاحباتهنّ وموظفاتهنّ المدلّلات. تماماً مثل هديل العلي، مستشارة الأسد ومدلَّلته.
و"سورية الأسد" غير. سورية الحقيقية غارقة في الحديد والنار والدماء، في ثورة وحروب أهلية ومئات آلاف القتلى والجرحى والمعتقلين، وملايين المشرّدين داخل البلاد وخارجها. سورية هذه لا ملوك عليها، لا للجمال ولا لغيره. سورية هذه في طور الولادة.
اقرأ أيضا:ملكة جمال العالم: مسابقات الكذب والتفاهة
"والضدّ يظهر حسنه الضدّ". هكذا هي ملكة جمال نظام قبيح. لذا لا بدّ أن يسخر ناشطون منها. ليس وجهها ما يقصدون بل مضمونها. قبيحة حين تتغاوى بجمالها ولقبها المسروق، مثل كلّ ألقاب النظام السوري.
هي تعرف جيدا أنّ هناك آلاف السوريين العاجزين عن شراء الأدوية، والذين يحتاجون إلى عمليات جراحية تنقذ حياتهم، لكنّها تتحدّث عن رأيها في عمليات التجميل. تعرف أنّ ملايين السوريين جائعون وتتحدّث عن ضرورة "عدم الأكل بعد السابعة مساءً" للحفاظ على وزن مثالي. هناك من لا يجدون شيئا يأكلونه ليلا ونهارا.
تتحدّث (الفيديو مرفق) عن أفضل الطرق للمحافظة على شباب البشرة مع التقدّم في العمر، وقد شوّهت طائرات الأسد وبراميله وجوه الآلاف ولا سبيل ليستعيدوا ابتساماتهم. هم راضون بالتجاعيد إذا ما استطاعوا إليها سبيلا. يريدون أن يشيخوا لا أن يموتوا من الجوع أو الصواريخ.
ليس وجهها القبيح. قد يكون مقبولا. في ظروف أخرى قد تكون ملكة جمال. لكنّها تشبه النظام الذي هي "ملكة جماله". فقط تذكّرت سوريا بجملة واحدة: "بشار الأسد قائد ودكتور عيون وما فيش دكتور عيون بالعالم بيقدر يؤذي نملة"، هكذا قالت خلال مقابلة تلفزيونية مع محطة مصرية. وتابعت متملّقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "في مصر السيسي رئيسي، وخارج مصر الرئيس بشار الأسد رئيسي".
هي واحدة من صور نظام الأسد ليس أكثر. وهي في هذا المعنى ليست بأيّ حال "ملكة جمال سوريا"، بل تستحقّ بجدارة لقب "ملكة جمال سوريا الأسد".