مكافآت وبدلات مالية للنواب المصريين تكذّب رئيس البرلمان

04 اغسطس 2018
يتقاضى النواب مكافأة شهرية ثابتة (العربي الجديد)
+ الخط -
لا يتوقف رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، عن ترديد أقاويل تكذبها الحقائق والأرقام، دفاعاً عن مجلسه المتورط في تمرير العديد من التشريعات المخالفة للدستور، بغرض قوننة بيع الجنسية المصرية وأصول وأراضي الدولة للأجانب، إذ ادعى أخيراً أن رواتب أعضاء البرلمان تأتي في ذيل قائمة من 187 دولة، ولا تزيد بموجب القانون عن خمسة آلاف جنيه شهرياً. وقال عبد العال، خلال فعاليات المؤتمر السادس للشباب الذي عقد في جامعة القاهرة، قبل أيام، في حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن النواب لا يتقاضون سوى "بدل جلسات" لا تتعدى 180 جنيهاً (نحو 10 دولار) عن الجلسة الواحدة، وتذاكر سفر للمحافظات النائية، مثل البحر الأحمر والوادي الجديد وأسوان، كما هو معمول به في كل الدول، بما فيها الأقل من بلاده دخلاً أو نمواً. وأشار عبد العال إلى أن "80 في المائة من الزيادة المقررة في موازنة البرلمان السنوية تذهب لصالح رواتب العاملين فيه، من دون أن تطاول مكافآت أو بدلات النواب"، وهو الأمر الذي أيده رئيس ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، محمد السويدي، بالقول إن "الموظفين في مجلس النواب سيحظون بالنسبة الكبرى من الزيادة البالغة 300 مليون جنيه على موازنة البرلمان لهذا العام".

غير أن السويدي كذب عبد العال في ما يخص إجمالي ما يتقاضاه عضو البرلمان، إذ قال، في لقاء مع الإعلامي أسامة كمال، على فضائية "دي إم سي" المملوكة للاستخبارات، إن "إجمالي ما يتحصل عليه النائب شهرياً يُقدر بنحو 27 ألف جنيه شهرياً (نحو 1500 دولار)، مشمولاً بجميع البدلات"، معتبراً أن "مصر تعد من أقل الدول التي تمنح مكافآت لأعضاء البرلمان". ووفق معلومات موثقة، حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن هناك 2800 موظف في البرلمان المصري، وتراوحت الزيادة المقررة على رواتبهم، مع بداية السنة المالية 2018 ــ 2019، بين 150 و550 جنيهاً، وهو ما يدحض أكاذيب عبد العال، وزعمه بمنح هؤلاء الموظفين ما قيمته 240 مليون جنيه، بما يعادل سبعة آلاف جنيه شهرياً كمتوسط للزيادة بدخل كل موظف. وأشارت المعلومات ذاتها إلى أن عبد العال أصدر قراراً برفع قيمة البدل للجلسة الواحدة إلى 300 جنيه قبل عام كامل، علماً بأنه يعقد 3 جلسات يومياً في المتوسط، إذ يرفع الجلسة لمدة دقيقة واحدة، ويعقد الجلسة التالية في حينه، لزيادة البدلات التي يتحصل عليها النواب، في حين يتراوح ما يتحصل عليه عضو البرلمان شهرياً بين 30 و35 ألف جنيه شهرياً، بخلاف الامتيازات العينية. ورفض عبد العال، مدعوماً بالأغلبية، الاستجابة لملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة، في شأن مخالفة لائحته الداخلية (الصادرة بقانون) للدستور، بعدما أصر مجلس النواب على إدراج موازنته رقماً واحداً في الموازنة العامة، لعدم إخضاعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، بينما خص الدستور القوات المسلحة والمحكمة الدستورية والهيئات القضائية بهذه الميزة، على سبيل الحصر.


ولم يلتزم قطاع عريض من النواب كذلك بتقديم إقرارات  الذمة المالية الخاصة بهم عند شغل عضويتهم، أو احترام نصوص الدستور في ما يخص التفرغ للعمل النيابي، كون غالبيتهم من رجال الأعمال، في الوقت الذي يغدق فيه عبد العال على جميع أعضاء البرلمان المكافآت والبدلات، سواء الملتزمون منهم بحضور الجلسات أو غير الملتزمين، ضماناً لتمرير التشريعات التي تقدمها حكومة السيسي من دون تعطيل. وفي يونيو/حزيران الماضي، وافق البرلمان على زيادة موازنته للعام المالي 2018 ــ 2019، إلى مليار و400 مليون جنيه، مقارنة بمليار و100 مليون جنيه عن العام المالي المنقضي، وهي الزيادة التي طاولت بدلات النواب، كمكافأة من الحكومة، ممثلة في وزارة المالية، على تمرير حزمة من القوانين التي تزيد من أعباء المواطنين، وتصب في مصلحة الاقتصاد الموازي للجيش، ورجال الأعمال المحسوبين عليه.

وتضاعفت ميزانية مجلس النواب 3 مرات في أقل من أربعة أعوام، إذ شهدت زيادة بلغت 303 ملايين جنيه في موازنة 2017 ــ 2018، و221 مليون جنيه في موازنة 2016 ــ 2017، و92 مليون جنيه في موازنة 2015 ــ 2016، بعد أن كانت تقتصر على 508 ملايين جنيه في موازنة برلمان 2014 ــ 2015. ويتقاضى النواب مكافأة شهرية ثابتة بقيمة خمسة آلاف جنيه، من دون ارتباطها بانعقاد جلسات المجلس أو عدم انعقادها، مضافاً إليها كثير من البدلات نظير حضور الجلسات العامة، واجتماعات اللجان النوعية، بما يتجاوز إجماليه أكثر من 20 ألف جنيه شهرياً (مُعفاة من كل أنواع الضرائب)، وهو المبلغ الذي حدده قانون مجلس النواب كحد أقصى لإجمالي ما يتقاضاه عضو البرلمان.

ويحظى نواب البرلمان بالعديد من الامتيازات العينية أيضاً، على غرار حصولهم على اشتراك سفر مجاني في الدرجة الممتازة في السكك الحديدية، وتذاكر مجانية لرحلات الطيران الداخلية، مع تحمل موازنة مجلس النواب تكاليف إقامتهم في فنادق 5 نجوم طيلة أيام الجلسات، فضلاً عن سداد العديد من الاشتراكات الخاصة، والخدمات المقدمة إليهم من الدولة، عوضاً عنهم. وحسب مصدر نيابي مطلع، فإن عبد العال يعمد إلى صرف بدلات جميع النواب، البالغ عددهم 595 نائباً، برغم تغيب القطاع الأكبر منهم عن حضور الجلسات أثناء دور الانعقاد، علاوة على صرف مكافآت بقيمة 18 ألف جنيه أخيراً لكل نائب، بواقع 15 ألف جنيه "مكافأة" عن أشهر الإجازة البرلمانية، و3 آلاف جنيه لكل منهم تحت مسمى "بدل مصيف". وأضاف المصدر، في حديث خاص، أن "بدل المصيف يصرف بانتظام للنواب مع نهاية كل دور انعقاد سنوي، من ضمن قائمة البدلات التي يتحصلون عليها، والتي تشمل بدلات الإقامة في فنادق القاهرة لنواب محافظات الصعيد، وتذاكر القطارات (الدرجة الممتازة) لنواب إقليم الدلتا، والطيران الداخلي لنواب المحافظات الحدودية".