مقاومة حريصة

مقاومة حريصة

16 نوفمبر 2014
+ الخط -

قبل أن عملية اغتيال المتطرف، إيهودا غليك، بعدة ساعات، قال إنه يترك هاتفه مفتوحاً، وفي حال الموافقة على بناء الهيكل، فإنه سيترك كل شيء، ويذهب إلى هناك، أما نتنياهو فعلّق قائلاً على أحداث القدس، لنا الحق في الحجيج إلى الحرم، ويعلّق رون ألفر، بعد ذلك من صحيفة هآرتس، قائلاً "إنهم ببساطة يريدون هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه".

تأخذ فكرة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى بألباب اليهود كل مأخذ، السياسيين منهم، أو العامة، وهي فكرة من صلب ما يعتقده اليهود، وما صرح به بوضوح غليك، وليس بأقل منه نتنياهو، وما عقب به رون ألفر هو ما يراه المقدسيون بأم العين، يومياً، عبر الاقتحامات شبه اليومية للمستوطنين والمستوطنات، وعلى رأسهم غليك المتطرف بحراسة وحماية مشددة من شرطة الاحتلال، الذي يعيث فساداً في باحاته، أو عبر الأنفاق التي تهدد المسجد بالانهيار في أي لحظة، والحقيقة الكاملة والناصعة، أن الأقصى في خطر.

حاول غليك، ومن خلفه نتنياهو، استغلال الأوضاع العربية المتردية والصعبة، لإنتاج أوضاع جديدة على الأرض في المسجد الأقصى، لتقسيمه زمانياً أو مكانياً، على شاكلة الحرم الإبراهيمي، فازدادت الاقتحامات اليومية المعلنة والمفاجئة، ضاربة عرض الحائط بمشاعر المقدسيين، لكن المفاجأة غير المحسوبة كانت في ردة فعل المرابطين والمرابطات، وأهالي الضفة الغربية، فازدادت غطرسة الإسرائيليين بالقمع والقوانين الظالمة التي طاولت الأطفال والنساء، حتى وصلت إلى تغريم الطفل، نور الدين كوستيرو، بمبلغ طائل من شرطة بلدية الاحتلال، لإلقائه قشور بذر في الشارع.

لكن، عمليات الدفاع عن المسجد الأقصى عبر المتاح من عمليات الدهس والطعن، انطلقت في القدس، فتحرك محمد جعابيص وعبد الرحمن الشلودي، وحاول معتز حجازي المقاوم من حركة الجهاد الإسلامي اغتيال المتطرف غليك، تبعه المقاوم من حماس، إبراهيم العكاري، بعملية في القدس، تبعها نور الدين أبو حاشية الذي نفذ عملية طعن في تل أبيب، تلاها قيام مقاوم من الجهاد الإسلامي بعملية طعن شمال الخليل، وكل هذا يطرح تساؤلاً عن خلايا المقاومة في القدس؟

 احتار وزير الحرب الإسرائيلي، موشيه يعالون، من سرعة تلك العمليات وتلاحقها، فقال معلقاً "موجة العمليات كان من الصعب جداً على جهاز الأمن التصدي لها.. حالات القتل نفذها مخربون، كل واحد اتخذ القرار بمفرده، وليس في ظل منظمة ما".

لا أعتقد أن أي مقدسي كان بحاجة لقرار من أي تنظيم فلسطيني، ليقوم بما قام به، ولكن الوقائع تحدثت عن نفسها، ثلاثة مقاومين، اثنان من الجهاد الإسلامي، والآخر من حماس نفذوا عمليات وفق رؤية تنطلق من تنظيم، هذا ما لم يذكره يعالون، قصداً حتى لا يزيد البلبلة والرعب في قلوب الإسرائيليين، وهذا ما لم تعلّق عليه الصحافة الإسرائيلية.

فشلت أجهزة الأمن الإسرائيلية في الوصول إلى أفراد المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً من الجهاد الإسلامي وحماس، وفشلت في معرفة تلك الخلايا المقاومة، التي أرسلت رسالة شديدة اللهجة، في ظل الغياب العربي والإسلامي، إلى الإسرائيليين، أن المقاومة جاهزة، حتى في القدس، للدفاع عن الأقصى، وأن المعركة مستمرة، ما يشكل تهديداً حقيقياً وتحدياً للكيان الإسرائيلي، في مواجهة هذه الخلايا، التي تنتظر ساعة الصفر لتحقيق المفاجأة.

F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)