مفاوضات "الوقت الضائع" في القدس: التمديد أفضل الممكن

مفاوضات "الوقت الضائع" في القدس: التمديد أفضل الممكن

10 ابريل 2014
خلال تظاهرة ضد الاستيطان قرب رام الله (عباس مومني،getty)
+ الخط -

لم تشهد الجولة الثالثة، منذ مطلع الأسبوع، من المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في القدس المحتلة، ليل الخميس، تطوّرات تُذكَر، وهو ما أجمعت عليه التسريبات الفلسطينية والإسرائيلية والتصريحات الرسمية الأميركية.

وبات الحديث عن احتمال تمديد المفاوضات حتى مطلع العام المقبل، هو الأمل الوحيد بالنجاح بالنسبة للطرف الأميركي (الوسيط)، وهو ما يتولّى الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، الترويج له.

الموقف الفلسطيني لا يزال ثابتاً لناحية شروطه للموافقة على اتفاق دائم، كذلك يبقى العقل الصهيوني، بشقيه "الدبلوماسي" و"الفجّ"، المنضويان في حكومة بنيامين نتنياهو، متمسكاً بتبرير رفضه أي اتفاق جدي بسبب خطوات "الحد الأدنى" الفلسطينية، ومنها طلب الانضمام إلى 15 اتفاقية ومنظمة دولية، وهو ما وافقت الأمم المتحدة على جزء منه.

وفرضت إسرائيل عقوبات اقتصادية جديدة على الفلسطينيين، يوم الخميس، رداً على توقيع القيادة الفلسطينية طلبات الانضمام إلى معاهدات دولية، في ثاني "إجراء عقابي" يُتّخذ في غضون يومين.

وأكد مسؤول ملف المفاوضات صائب عريقات أنه لم يتم إحراز "أي تقدم او اختراق" في جلسة المفاوضات التي جرت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحضور المبعوث الأميركي لعملية السلام مارتن إنديك.

وقال مسؤول فلسطيني آخر، رفض نشر اسمه، إن "الجلسة كانت صاخبة جدا"، وأضاف "إسرائيل تحاول مرة أخرى الضغط وابتزاز الجانب الفلسطيني بربطها الموافقة على الافراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى بتمديد المفاوضات".

وتابع أن الطرف الفلسطيني يصر ان "هناك استحقاقا على إسرائيل وهو الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى قبل 29 أبريل/ نيسان الجاري، وعلى إسرائيل ان تنفذه دون أي شروط". ولفت المصدر إلى أن "ما زاد من حدة توتر الجلسة هو أن فلسطين اصبحت دولة متعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربعة وجاءت موافقة سويسرا حاضنة الاتفاقيات خلال انعقاد الجلسة".

وأوضح انه "فور الإعلان السويسري الذي تم من خلال رسالة بعثت من سويسرا إلى السلطة الفلسطينية تعلن فيها أن دولة فلسطين أصبحت دولة متعاقدة على اتفاقيات جنيف، وما أن انتهت جلسة المفاوضات، حتى أعلنت إسرائيل قرارها تجميد تحويل عائدات الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، هو ما اعتبرته السلطة "قرصنة إسرائيلية وسرقة أموال الشعب الفلسطيني". 

حصار مالي واستيطان

وقال مسؤول إسرائيلي، اشترط عدم الإفصاح عن اسمه، لوكالة "رويترز"، إن تل أبيب ستحسم دفعات لتسديد ديون من تحويلات الضرائب التي تتلقاها السلطة الفلسطينية بانتظام، وإنها ستضع أيضاً حدوداً على ودائع البنوك الخاصة بسلطة الحكم الذاتي في إسرائيل.

في غضون ذلك، دعا وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، وهو رئيس حزب البيت اليهودي القومي المتشدد، رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إلى أن يكون ضم مساحات شاسعة من المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة إلى "السيادة الإسرائيلية"، من ضمن العقوبات، قائلاً إن محادثات السلام مع الفلسطينيين ماتت. وقال بينيت: "أصبح واضحاً أن العملية الحالية أنهت نفسها بنفسها، وأننا ندخل حقبة جديدة".

وحثّ نتانياهو على ضم عدد من المستوطنات الكبيرة، لأن "هذه مناطق تحظى بتوافق وطني كبير ولها آثار أمنية وأهمية تاريخية لدولة إسرائيل".

ولم يعلّق نتانياهو على طلب بينيت، لكنه سيواجه على الأرجح دعوات قوية من داخل حزبه (الليكود) لضم الكتل الاستيطانية التي يقطنها حوالي 350 ألف إسرائيلي إذا انهارت الجولة الحالية من المفاوضات.

من جهتها، علّقت مسؤولة المفاوضات الإسرائيلية، تسيبي ليفني، على دعوات بينيت بالقول إنه يتصرّف مثل "طفل مستفزّ يحتاج إلى تربية". وكتبت ليفني، التي تشغل منصب وزيرة العدل ومسؤولة ملف التفاوض عن الجانب الإسرائيلي، على صفحتها على "فيسبوك"، أنه "إذا كنتَ تريد أن تجنّ تماماً، فلتصعّد الأمور حتى لا يعود بإمكاننا التوصل إلى اتفاق، ونخسر كل عزيز لدينا".

غير أن كل ذلك لم يمنع مصدراً إسرائيلياً من تأكيد ما نشرته وسائل إعلام عبرية، عن أن الطرفين يدرسان اتفاقاً محتملاً لتمديد المحادثات، بعد الموعد النهائي المحدد لها في 29 أبريل/ نيسان الجاري، حتى مطلع العام المقبل.

وهو كلام تحدث عنه الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، يوم الخميس، عندما أعرب عن ثقته بأن إسرائيل والفلسطينيين "سيحلّان الأزمة في شأن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين"، وأنهما سيمددّان المفاوضات التي "تتوسّط" فيها الولايات المتحدة.

وقال العربي، خلال مقابلة مع وكالة "الأسوشيتد برس"، إن مهلة 29 أبريل/ نيسان التي حددها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، "ستُمدّد أشهراً، والخلاف في شأن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ستتم تسويته قريباً".

وفي وقت لاحق، علّقت وزارة الخارجية الأميركية على جلسة المفاوضات التي عُقدت أمس في القدس المحتلة، بالقول إنه "يجري إحراز تقدم في المفاوضات"، لكنها نفت أنباء التوصل إلى اتفاق.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، جين بساكي، إن "فريقنا المفاوض لا يزال يجري مفاوضات مكثّفة مع الطرفين. لقد عقدا اجتماعاً آخر اليوم، والفجوات تضيق، لكن أي تكهنات بشأن التوصل لاتفاق سابقة لأوانها في الوقت الحاضر".

وكان المفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون قد اجتمعوا، ليل الخميس، للمرة الثالثة هذا الأسبوع. وأكد مصدر إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة "رويترز"، وجود اقتراح بأن تجمّد إسرائيل بعض أعمال البناء الاستيطاني والإفراج عن أكثر من 400 أسير فلسطيني، ليس من بينهم الأسرى القدامى، وقيادات فلسطينية، وأسرى الأراضي المحتلة عام 1948، في مقابل تجميد أو إلغاء طلب الانضمام الفلسطيني إلى 15 اتفاقية دولية.

وكشف مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات، أن اللقاء، الذي استمر نحو سبع ساعات، كان "صعباً وشائكاً"، لافتاً إلى أنه "لم يتم التوصل فيه إلى أي إنجاز حقيقي وملموس، ولا تزال الهوّة واسعة بين الطرفين".

وأكد المصدر، لـ "العربي الجديد"، أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق أو حلول قريبة في أيٍّ من المقترحات المطروحة.

وأضاف أن "الوفد الإسرائيلي طالب بسحب طلبات الانضمام لـ15 اتفاقية وهيئة دولية، لكن الطرف الفلسطيني رفض ذلك بشكل قاطع". وتابع: "لسنا قريبين من أي اتفاق، في ظل إصرار إسرائيل على مواصلة الاستيطان، ورفضها إطلاق سراح الدفعة الرابعة من دون ثمن مضاعف".

وعن الخطوة المقبلة المنتظرة، أوضح المصدر الفلسطيني أن الوفد المفاوِض ينتظر عودة الرئيس محمود عباس إلى الأراضي الفلسطينية، ليضعه في صورة ما جرى في اللقاء، ومن ثم التشاور لاتخاذ قرار.

ونوه عضو في المجلس الثوري لحركة "فتح"، لـ"العربي الجديد"، بأن الأمور "لا تزال صعبة، والوفد الفلسطيني مُصرّ على مواقفه بشأن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، وتجميد الاستيطان عند طرح أي تمديد للمفاوضات".

وكشف القيادي "الفتحاوي"، الذي رفض الإفصاح عن هويته، أن "قضية الجاسوس الإسرائيلي المسجون في الولايات المتحدة، جوناثان بولارد، عادت لتُطرح من جديد بين الإسرائيليين والأميركيين، ضمن صفقة رزمة واحدة، يرفض الفلسطينيون الكثير من أجزائها".

وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية قد أعلنت عن اعتماد دولة فلسطين طرفاً وعضواً أصيلاً في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، بعدما كشفت عن استلامها إخطارات من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بقبول ايداع مجموعة من الاتفاقيات التي وقّعها عباس.

المساهمون